الفشل وغياب العقل !

هل القول  أن سوريا دولة فاشلة  مبالغ به ؟ , ممكن ! حيث أن سوريا  لم تنته رسميا كدولة  , وان كانت الحرب الأهلية  في أقذر اشكالها الطالئفية  هي السمة المسيطرة  والمهيمنة على الوضع السوري  الآن  , الدولة فشلت  حسب تعريف الفيلسوف السوري الياس  مرقص  للفشل  ..تسقط الدولة عندما يسقط القانون , والقانون لم يسقط يوم 15-3-2011 , وانما  هو ساقط منذ عقود ,   ولسقوطة عدة أشكال ,  فهو ساقط  لأنه لايعمل بمعظم بنوده , وعدم العمل بالقانون جلي  من عدم وجود قضاء مستقل   ونزيه , وهو ساقط لأن بعض مواده الرئيسية ساقطة حضاريا   ,  القانون الذي يتضمن المادة الثامنة  وما يشبهها هو ساقط , لأن  هذه المادة   تمنهج   اللاعدالة الاجتماعية  , وتمنهج  عدم المساواة  , وتمنهج الهمجية  والاستبداد والغاء الآخر ..الخ  , والقول على أن  الأمر الآن بألف خير بعد  تعليق العمل بالمادة الثامنة هو هراء ,  فالمادة الثامنة خلقت بنية لها نوع من الحركية الذاتية ,  فقد قاد وجود المادة الثامنة الى تغيير بنية الدولة  بشكل لايمكن تغييره خلال عام أو عامين أو حتى  عشرات السنين , فبموجب المادة الثامنة   التي تنص على  قيادة الدولة والمجتمع من قبل حزب البعث  تحولت كل دوائر الحكومة ومنشآتها  وبنيتها بالكامل الى بنية بعثية ..مدير الناحية  ..المختار ,مأمور النفوس , مدير البنك ,الجيش , الزبال , وأي وظيفة أخرى   مهمة أو غير مهمة , يجب أن يكون  شاغلها بعثي , وهذا البعثي  لايزال على رأس  وظيفته  ومركزه  , لذا ففاعلية  المادة الثامنة لاتنتهي  بتعليقها أو الغائها ,  يلزمنا جيل أو أجيال حتى يتمكن المجتمع من  ازالة  مايسمى ” تبعيث ” الدولة والمجتمع , وحتى الالغاء لايوقف عجلة “التبعيث” ,  فالمستفيد من  المادة الثامنة والمتمركز  في وضع مفصلي  لايريد الا أمثاله ,  لذا هناك تفريخ مستمر للبعثنة  وحتى في غياب المادة الثامنة  , وتمهل التبعثن  بعض الشيئ لايعني توقفه اطلاقا , ومع الشعور بالخطر على  الفئوية السلطوية  استأسدت البعثنة  وتحولت الى أسدية  أشد بدائية  وانحطاط من البعثنة .

الحديث كان عن البعث  وعن تبعيث الدولة والمجتمع  , الا أن البعث زال  عمليا  والمادة زالت نظريا , البعث زال  ومن رحمه ولدت  “الأسدية ”  , والدستور الجديد  هو بمثابة المادة الثامنة للرئيس  , فبيد الرئيس مطلق الصلاحيات  والامكانيات  , والرئيس  هو قائد الدولة والمجتمع  , فلا وجود لشرعية الى جانب شرعيته   ,   وبلوغ قمة الفساد علوا يناطح القمر ليس سببا لأي ثورة او احتجاج , ومن يثور أو يحتج  فهو عميل خائن , ومن يريد النقاش عليه سماع الرئيس وهو يناقش نفسه ويحاورها  , كل شيئ تحت سقفه , انه سقف الوطن , فالرئيس هو الوطن , ليس رمزيا وانما واقعيا , والوطن هو الرئيس , واسم سوريا أصبح بعد تحولها الى مزرعة  “سوريا الأسد ” واسم جيشها بعد ان تحول الى  مرتزقة خاصة  “كتائب الأسد”  ومال سوريا  أصبح مال الأسد ,فالمليارات السبعين  هي ماله  ومال  اسرته , واذا  أضيف اليها  سبعين مليار آخرين  , والتي هي بحوذة الأقرباء من الدرجة الثانية  , يصبح المجموع 140 مليار دولار , أي مايعادل أكثر من عشرة أضعاف  الميزانية السو رية العامة لعام 2011, وحتى انه لاتوجد  أي دلالة على  أن الرئيس يوما ما سيستريح من تحمل أعباء المسؤولية الرئاسية ..الأسد أو لا أحد ..انه الى الأبد  , وهذه الشعارات هي الوحيدة المعمول بها في   سياق  أكثر الحروب الأهلية قذارة في التاريخ ,  اننا نرى بالعين المجردة , كيف يتم تدمير مدينة تلو الأخرى , ونرى كيف  يقفصف الطيران حيا تلو الآخر , ونرى أيضا  كيف انفلتت الوحشية الأسدية على البشر ..بعد نفاذ الصواريخ ! التي سقطت على البشر , بدأ الرئيس  ومن حوله بالابداع في التقتيل والتهديم والتخريب ..أتت البراميل  المحشوة بمادة الTNT , ويبدوا وكأن البراميل نفذت , الآن  تحشى قنينات الغاز بمادة TNT , وتسقط على رؤوس البشر  ..من يمكن أن يقتل  في سياف انفلات عشوائية الاجرام  , فهذا ليس مهم  وليس  هم الرئيس , فالرئيس  يثق بوزير اعلامه  , الذي  قال له على أن كل العمليات “نوعية ” ,ولم تذكر سانا  أو وزارة الاعلام   اسم أي انسان  قتل بالصواريخ أو البراميل أو قنينات الغاز  من المدنيين , من قتل من المدنيين كان على يد العصابات المسلحة حصرا  , واتحدى أن  يكون في أي تقرير لسانا أو وزارة الاعلام أي  تنويه  عن مقتل مدنيين من جراء  القصف العشوائي  , وحتى أن القصف العشوائي  قبل الجيش  لم يهدم بيتا واحدا في سوريا …!!!! كل سوريا مهدمة بفعل العصابات المسلحة , التي قدر الرئيس عددها , انها مؤلفة من 5000  مقاتل  , والجيش السوري الجرار   يحاول   تصفية هؤلاء , حيث لم يقتدر لحدالآن  , لذا فان سوريا دولة فاشلة .

حقيقة ان  ماقلت هو سخرية من المسخرة السورية , والمسخرة السورية  هي من انتاج  غياب  العقل عن ممارسة وظيفته  , والعقل  غاب في غياهب السجون والمعتقلات , وأي نموزج  من تغييب العقل ينطبق على كل حالات اغتيال العقل  الأخرى , لنأخذ على سبيل المثال  واقعة شخص سوري مفكر اسمه  أنو ر البني , ويمكن أخذ  عارف دليلة أو  رياض الترك أو ميشيل كيلو أو أو حسن الخير أو  هيثم المالح أو ..أو …هيثم مناع أو عفلق أو   عشرات الألوف غيرهم , كلهم قضوا في السجون سنين أو عشرات السنين  , كلهم عذبوا  , ومنهم من مات   فورا   ومنهم من انتظر الموت وتمناه   , ومنهم من احتضر  , ومنهم من خرج من السجن  كسيحا  أو معاقا أو  قتيل عقل ,  وقد حكم على معظمهم  بموجب مواد قانونية تعاقب العقل والانسان السوري  بالسجن عشرات السنين  بتهمة نشر  انباء كاذبة   من شأنها  أن توهن  نفسية الأمة, وقد أوهن عارف دليلة “نفسية الأمة ” لأنه  تحدث في محاضرة عن  مفارقات التطور الاقتصادي في البلاد! , وتوقيع اعلان  دمشق وبيروت “يوهن ” نفسية الأمة , التي  قوى الأسد من نفسيتها!!! .

في زنزانة الذل   والانحطاط   صادر الأمن   ورقة كتبها أنور البني   , وفيها انتقد “بخط يده ” السلطة , لذا فانه  بذلك أوهن نفسية الأمة , التي  قواها رفعت الاسد ورامي مخلوف  وجميل  الاسد  ومحمد الأسد وكل فرق الشبيحة والاحتيال والنصب والسرقة ,  ومقال ميشيل كيلو  بعنوان  نعوات سورية , أوهن النفسية  السورية , لذا عليه  المكوث في السجن  , وهذا كان حال كمال اللبنواوي  وحال  محمود عيسى  وفائق المير   وغيرهم ..لذا كان من الضروري  تصفيتهم الى جانب تصفية غبد الكريم الجندي   وعمران وصلاح جديد وصلاح الدين البيطار وميشيل عفلق (حكم بالاعدام ) ,  وهذه التصفيات   شددت من عزيمة الأمة  , التي  انتصرت على اسرائيل  وأعادت  الجولان المسروق  وحررت فلسطين !!! , ثم حررت الانسان السوري من الفقر  والخوف  والديكتاتورية والتعسف والفساد  والتأخر  والأمية …!!!بعد قتل العقل  ترنحت  الأمة  في الرغد  سكرى من كثرة  الحرية  ومن كثرة  العدالة الاجتماعية   وكثرة الشفافية , فلولا سجن ميشيل كيلو سنوات  لما حازت سوريا على الموقع المشرف قبل أفغانستان في قائمة  الشفافية! , سوريا هي العاشرة في هذه القائمة من الوراء ..هنيئا للرئيس  وللحزب المجاهد الممانع والمقاوم .

قد يدعي البعض انحيازي  الى مجموعة من المساجين “المجانين ”   هناك في سوريا ادمغة ورؤوس  بقيت على قيد الحياة , وللتعرف على العقول الشغالة   يجب قرأة مقال للمخابراتي أبي  حسن تحت عنوان  “الاحتلال اللبناني  للفضائيات السورية , أما آن له أن ينتهي ؟  وفي هذا المقال  يشكو المخابراتي  أبي حسن من تسلط    الصحافة اللبنانية على الفضائيات السورية  , فيقول مثلا على أن  رفيق  نصر الله نصاب لبناني  ركب موجة  مايسمى “خلصت ”  التي تدفقت في آذار  من عام 2011 من فم   بثينة شعبان , اما حسين مرتضى  قائد مايسمى  فيلق  المغاوير اللبناني  , فهو  راكب موجة”النصر صبر ساعة” هؤلاء يضحكوم على السلطة السورية   ويجنون الملاين والمليارات , التي سمحت لناصر قنديل أن   يصبح عضوا في نادي الملياردية , ولا يختلف  سالم زهران عن قنديل , وقد شمل   التشهير ابراهيم الأمين  , وكذلك الشامبانزي !  حازم صاغية  والطاغوط   أسعد أبو خليل .. ناهيكم عن الوجه الآخر للصحافة اللبنانية الغير قابضة  مثل  جريدة النهار   ,  كما أن الشامبانزي حازم صاغية  والآخر   علي حرب ليسوا من القابضين وليسوا من  القبضايات .

  ملخص حديث المخابراتي أبي حسن  هو التالي :  انه غير معجب  بالمساجين السوريين  (هذا ماقاله في  مقالات  أخرى  ) , وحتى انه غير معجب  برجال  المغاوير اللبنانية  , القابض منهم  كابراهيم الأمين  ورفيق نصر الله وغير القابض منهم  كحازم صاغية  وعلي حرب ,  اعجابه  يخص  الثقافة السورية المتمثلة  برجال الفكر السوريين  وهم  خالد العبود  وطالب ابراهيم وبسام أبو عبد اله  ونضال نعيسة  , وتواضعا منه لم يذكر أسم أبي حسن  , وخجلا منه لم يذكر أسم  معد محمد , هؤلاء هم رجال الفكر السوري , أما  ايمن عبد النور  وبرهان غليون وجورج صبرا   وعبد الباسط سيدا  وجورج طرابيشي  وصادق جلال العظم   وغيرهم فهم من العملاء .

لقد قاربت سوريا من نهايتها  , ولم يبق  من امكانية لانقاذها  الا  من خلال  مفكريها  , الذين ذكرهم المخابراتي بالاسم وهم   طالب ابراهيم وخالد العبود ومعد محمد  وشريف شحادة   وبسام  أبو عبد اله ونضال نعيسة , لاتقلق أيها السوري المفجوع  , فاضافة الى  الفكر  المتثل بهؤلاء  هناك  اليد الحكيمة , يد+عقل =نجاح ,  يا للفرحة !!

الفشل وغياب العقل !” comment for

  1. اذا كان رواد الفكر السياسي السوري هم خالد العبود وشريف شحادة وبسام أبو عبد الله , وبالمقابل حازم صاغية عبارة غن شامبانزي وكيلو عبارة عن وهابي وصادق جلال العظم خائن فرحمة الله على سوريا
    لقد عانت اوروبا وخاصة فرنسا من حروب طائفية , ثم اتى الفكر ونور البشر ونتيجة التنوير اصبح المجتمع الاوروبي واحد تقريبا ونال جائزة نوبل للسلام وكل الفضل يعود الى المفكرين .. غوته …هيغل ..اسبينوزا ,,وغيرهم ..هل يمكن لنوري مثل طالب ابراهين او خالد العبود ان ينور احد
    فشلنا هو ترجمة لفشل العقل ولا يمكن لامة رواد فكرها شبيحة ان تنهض

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *