لايكف النظام عن شجب محاولات تقسيم سوريا والتنديد بها , على أنها مؤامرة خسيسة , حيث يتصدى النظام لهذه المؤامرة بكل ما أوتي من قوة وعزم وتصميم , ولا يمكن للسوري الا أن يفكر في هذا الأمر المصيري , والتفكير الجاد يقود الى مفاجأة من النوع الثقيل , هناك شك كبير في مصداقية مايقال عن بذل كل جهد في سبيل الحفاظ على وحدة الوطن , وهناك شك في أن وحدة الوطن ليست لها أهمية تذكر , فالمهم هو الحفاظ على السلطة مهما كلف ذلك .
لا أريد الغوص في الماضي القريب , ثم التذكير باختفاء اللواء من الخارطة السورية بعد الخطوبة السورية -التركية في الأعوام 2004 و 2005 , انما اريد التنويه الى رفرفة العلم الكردي في المناطق الكردية في سياق الأزمة الحالية , حيث أعطت السلطة المناطق الكردية نوعا من الاستقلال أو حنى الاستقلال الكامل بشرط وقوف الأكراد الى جانبها في صراعها مع تركيا , انسحب عسكر السلطة من قامشلو وما يجاورها في اطار صفقة دنيئة .. وقد يكون في نيةالسلطة توظيف الأكراد مبئيا ومرحليا في خدمتها , ثم ترتكب بحقهم المجازر بعد انتهائها من مجازر حلب وغيرها !.
ان فكرت السلطة بخديعة الأكراد مرة أخرى , فهي ساذجة حقا , وسوف لن يكون بمقدورها لف العلم الكردي ولفلفت القضية الكردية كما فعلت سابقا , العلم الذي ارتفع سيظل مرتفعا , وسنرى أعلام أخرى في المستقبل القريب ترفرف على مناطق مختلفة من الوطن السوري .
للأكراد كل الحق في استغلال الأزمة الحالية لتحقيق تحررهم من الاستعمار الداخلي , وأصلا لامصلحة مبدئية للأكراد في الانفصال , الا أن وجوهم داخل الوطن لم يقدم لهم الا الاذلال والقهر والتهجير واحاطتم بالأحزمة ..العربية ..العلوية ..الأمنية , ثم الغاء انتمائهم للوطن عن طريق نزع الهوية السورية عنهم . النظام هو الذي اجبرهم على الاتجاه نحو الاستقلال , وهو الذي جعل من مشروعهم الاستقلالي مشروعا شرعيا , النظام ينكلم عن الوحدة الوطنية , ولا هم له الا تدمير هذه الوحدة , وتدمير الوحدة مع الأكراد ليس أول تدمير أو آخر تدمير , وانما ندمير ضمن العديد من الدمار السوري , لقد حول النظام الانتماء القومي الى انتماء طائفي , وشكل طائفة خاصة به ليس من أجل وحدة الوطن , وانما من أجل تسهيل توظيف هذه الطائفة في خدمته , وقد نجح في ذلك على مدى نصف قرن من الزمن , الا أن نجاحه الى الأبد هو أمر مشكوك به ..الأسد سوف لن يكون الى الأبد , سوريا ستكون الى الأبد بدون الأسد .
مشاكل الاعلام المختلفة الانفصالية , ومنها العلم العلوي الذي يرفرف فوق بعض المناطق ومنها الدريكيش مثلا , ليست مشكلة الرغبة المبدئية في الانفصال , وانما مشكلة انعدام المقدرة على العيش تحت ظل وهم الوحدة , الوحدة وهم في ظل تقسيم الجيش وتحويله الى كتائب الأسد , الوحدة وهم في ظل تحويل الوطن الى مزرغة خاصة بالعائلة , وهل هم المواطن الوحيد هو خدمة العائلة ؟ وما هي مكاسب هذا المواطن من خدمة عائلة دمرت وجوده ووطنه , وحولته الى انسان ممقوت ومرفوض في كامل أرجاء المعمورة , انسان متهم بالتوحش , لأن سلطة بلاده تمارس ما لايمكن تصوره من الوحشية والبربرية , لقد دمر النظام الفخر السوري , ولم يعد الحديث عنها الا ثرثرة مقرفة مقيتة …السوري هو الانسان المطرود من كافة المؤسسات الدولية وآخرها المؤتمر الاسلامي .