عندما لاتملك جمهورا عليك باختراعه ,وعنما لايصفق لك أحد عليك باختراع المصفقين, وعندما لاتجد ملفقا عليك باختراع النفاق, وعندما لاتملك حلولا عليك بتجنب المشاكل , والعبقرية السورية اخترعت مشكلة سمتها الحل الأمني , والحل الأمني لايملك من حلول الا كلمة “حل” , ولكي تكتمل ديباجة الحل-المشكلة , يجب اختراع الضرورة واختراع الجمهور , والمخترع الأكبر وزنا كان وزير الخارجية المعلم , والذي عبر عن كل ذلك ببلاغة لغوية لافتة للنظر اذا قال على أن “الضرورة” فرضت الحل الأمني , والحل الأمني أصبح مطلبا” جماهيريا “, وبذلك اكتملت الموجبات المؤلفة من “الضرورة” أولا , من “الجماهيرية ” ثانيا , أي أن خراب البلد أصبح ضرورة جماهيرية .
هناك شك كبير في حقيقية وأحقية “الضرورة” ويوجد شك أكبر في حقيقة وأحقية المطلب” الجماهيري ” وبالتالي يمكن القول على أن هذه الديباجة هي تلفيقة من التلفيقات التي نعرفعا في أكثر من مناسبة , فولاية الدكتور بشار بدأت باختراع الضرورة, حيث قيل انه لايوجد غيره بعد أن طهر والده الساحة السياسية من الفعل السياسي والسياسيين , وتوقفت النساء عن الانجاب بعد ولادته الميمونة ,واكتملت الديباجة بتحقيق شروط المطلب “الجماهيري “, حيث ان البيعة والولاية كانا مطلبا جماهريا ,ونتائج الاستفتاء التي امحضت عن أن 99% من الشعب السوري يريد الولد ولمرتين على التوالي , وتغيير الدستور كان بالتالي مطلبا “جماهيريا”, والقول على أن هذا التغيير هو اغتصاب , ليس الا مؤامرة صهيونية -امبريالية القصد منها النيل من الوطن وقيادته المؤبدة .
هناك اختراعات سورية لا أستطيع أن أفخر بها , مثلا اختراع “تطهير” المدن من الارهابيين وفلول الوهابيين , وما ان انقشع غبار عملية التطهير العسكرية هذه , حتى نرى الخراب والأنقاض والجثث المكومة والمحروقة , أعجب جدا من محاولة البعض تخدير الشعب بالاقتصار في وصف الدمار على عملية التطهير , وكأن التطهير عملية جراحة عينية لاخراج القشة من البؤبؤ دون الحاق الأضرار الجسيمة بالعين بكاملها , تطهير الأحياء من الارهابيين , هو أمر يقبله من يعتبر هؤلاء ارهابيين ,فكيف سيكون تقبل آخر لهذا التطهير , عندما يعتبر هذا الآخر على أن المطهر هو الارهابي الحقيقي, حبذا لو سمحت السلطة بشيئ من النسبية في النظرة للأمور , ليس كل شيئ أسود وأبيض , هناك الأحمر والأخضر والرمادي , هناك من يرى الأسد أساس المشكلة , وهناك من يرى على أن الأسد هو حل للمشكلة ., وسيان ان كان الأسد حلا أو سييا للمشكلة , لايستحق أن يموت في سبيله أحد , وما أكثر من مات غدرا وسلبطة ووهما .
ماقاله السيد الوزير بهذا الخصوص لايمثل من حيث كيفيته أمرا جديدا على الانسان السوري , فهناك الكثير من الاختراعات , التي ساهمت في الشقاء الذي ألم بالانسان السوري , مثلا اختراع الحرب الأهلية والتهجير وتهديم البيوت وتحويل السوري الى جائع ينتظر حسنة من الأمم المتحدة , ثم اختراع الاستقطاب الطائفي وتوظيفه في تقتيل أفراد الشعب وفي حماية العالئلة الحاكمة, وعجبي من البعض الذي يمارس حرق البلد من أجل الأسد , وعجبي الأكبر من البعض الذي يظن على أن انقاذ البلد من الحرق يتم ببقاء الأسد , ياجماعة ! ألم تحترق البلد حتى قبل أن يذهب الأسد ؟؟
أسألك يا أستاذ وليد المعلم واستحلفك بشرفك ..هل تصدق أنت شخصيا مسخرة “المطلب الجماهيري ” ؟, وهل يمكن اعتبار الشعب السوري فاقدا للعقل , لكي يصدق عبارة لاتعني الا العكس منها , مسخرة الحل الأمني هي ترجمة لمأساة الشعب السوري , وحسب معارقي التاريخية المحدودة , لم تعرف سوريا تدميرا ممنهجا كما عرفته من جراء حل الأسد الأمني , ولا يزال الأسد يصر على ذلك .
لربما يملك الوزير المعلم خطا تلفونيا مع الله عز وجل , كالخط الذي يملكه البوطي , والخط الذي يملكه الرئيس الايراني مع المهدي المنتظر , وهذا الخط هو السر في الموضوع , لأنه لايمكن معرفة المطالب الجماهيرية الحقيقية الا في الديموقراطيات , أما في الديكتاتوريات , وسوريا حسب اعتراف الرئيس الأسد ديكتاتورية وليست ديموقراطية ,فلا يمكن الحصول على هذه المعارف الا من خلال عارف الغيب , الذي يحدث البوطي يوميا , ويا معلم كيف تتحدث عن المطالب الجماهرية بوجود الديكتاتورية , هل للجماهير أي كلمة أو قيمة في الديكتاتوريات ؟ الحل الأمني هوحرب على الشعب وتلبية لمطلب أسدي , لأن المستفيد الوحيد من هذا الحل, في حال نجاحه , هو الأسد , والخاسر الأكبر هو الشعب , لذا لايمكن للحل أن يكون مطلبا جماهريا .