الأحداث السياسية المعقدة تتطلب في معظم الأحوال توضيحا وتحليلاا , والقائم بهذا العمل يسمى محلل سياسي , والحقيقة لم أسمع بهذا التعبير الا في الفترة الأخيرة وخاصة عندما يتطرق النقاش الى الوضع السوري , حيث برزت فئة من البشر من أطباء أسنان الى شبيحة الى قانونيين ومدرسين الى رجال مخابرات وأمن , وهذه الفئة اعطت نفسها اسم “محلل سياسي” و ومنهم في سوريا العديد مثل طالب ابراهيم أو شريف شحادة أو بسام عبد اله أو خالد العبود ثم معد محمد وغيرهم .
اللافت للانتباه حرص القنوات المغرضة المحرضة على اجتذاب هؤلاء , ثم احراجهم بالأسئلة واستفزازهم , وكأن هدف هذه القنوات هو اغضابهم وايقاعهم في مطب الغضب , حيث يتخبطون ويصارعون ويشتمون ويهددون ويتوعدون , بحيث يأخد المشاهد لهذه المآتم تعرية السيد المحلل وكشف عوراته , ولم أشاهد يوما ما أي” مفاكرة” بين فرد من هؤلاء وبين شخصية أخرى , وفي العديد من الحالات تحولت المناسبة الى نوع من المصارعة كان أحد ابطالها يوما ما جوزيف أبي فاضل , ولا ننسى المناسبة المؤلمة لطالب ابراهيم مع الدكتور المنصف المرزوقي , الذي أصبح لاحقا رئيسا للجمهورية التونسية , حيث كان طرد طالب ابراهيم من تونس من أول مهماته , وذلك بعد أم ارسلت السلطة طالب ابراهيم ليكون سفيرا لها هناك , عاد الى سوريا قبل أن يتثنى له فتح حقائبه .
أشك في امكانية هؤلاء المغاوير من شبيحة الاعلام تمثيل سوريا , هؤلاء لايفاكرون ,وانما ا همهم الوحيد هو ممارسة حالة الغضب , لايجيبون على سؤال , وانما يقعون دوما في مطب العموميات والتخوينات , لاغيمت أي شيئ مما يقولونه الى الحيادية والموضوعية والاستقلالية الفكرية , وأقوالهم أشبه للنكت منها للوقائع السياسية , وقد سمعت الكثير من هراء وسفاف هؤلاء , حتى أنهم يدفعون المواطن الى التقزز من الوطن , لطالما هم من يمثله , حيث يريدون احتكار تمثيله قسرا , وجميعهم يحتقر السامع والمشاهد , وأمثلة الاحتقار لاتعد ولا تحصى , مثلا عندما يتواضع طالب ابراهيم ويحلل عسكريا ثم يقول , على أن الجهة التي ستفرض حظرا جويا على غرب وشرق المتوسط من كازابلانكا الى جزر أبو موسى هي الجهة السورية أي الطيران السوري , والجهة التي ستفرض حظرا بحريا في المتوسط هي اساطيل سيد المقاومة نصر الله , وهل يعقل أن يقول ذلك من في رأسه عقل , وهل ادعاء ذلك ليس اعتداء على المعرفة والواقع وهل يستحق مهلل مثل طالب ابراهيم أن يقول كلمة واحدة من خلال وسيلة اعلام يراها مئات الألوف من البشر , اما الحماقة والاجرام فله بين هؤلاء رواده , الدكتور بسام أبو عبد الله يجد على أن قتل المتظاهر حق شرعي , وشريف شحادة يصف الثورة السورية بأنها ثورة “صرامي” وعن هراء معد محمد فحدث ولا حرج . هناك من هو أتفه من المذكورين ..في تعليق على الم النازحين قال أحد هؤلاء الشبيحة ان معظم النازحين يقومون فقط بزيارة لذوي القربى , والمهلل الأكبر كان حسب رأي خالد العبود الي أوقع المذيعة الت تحاوره بالحيرة والدهشة عندما قال على أن سلاح الصواريخ السوري يستطيع تدمير الشرق الأوسط كاملا , وقد افتخر الشبيح بهذا التدمير المرتقب , مضيفا على ذلك على ا، الصواريخ موجهة الى قطر , وتستطيع اصابة كل دكانة أو معمل أو بيت , ومن دهشتها سألت المذيعة اذا كان ذلك تهديد لقطر , عندها قال الجهبوذ , ليس تهديد وانما تلقين الأعراب الخونة درسا لكي يعودوا الى صوابهم , لاحاجة الى ادراجح الأمثلة , فكل منا رأى منها الكثير الكثير .
من يريد تحليل الأمور السياسية المعقدة عليه أن يكون مؤهل لذلك دراسيا , أي انه تعلم الكار في الجامعات , يجب أن يكون متمكن تاريخيا وفلسفيا ونفسيا , فالتحليل ليس تضليل , ومن يريد مواجهة الآخر سياسيا عليه أن يكون على الأقل مهذب , أما أن يلوح أبي فاضل بقبضته فهذا هو العكس من التهذيب , ومن يتعاطى النقاش السياسي يجب أن يكون طرفا في البحث عن الحقيقة , وليس طرفا في القضاء على الحقيقة , يجب عليه أن يقول يوما ما ..معكم حق , وقد عرفت الآن مالم أكن اعرفه , اما الجوقة السورية فهي تحتكر الحق والعرفة وحتى الوطنية , ومن لايرقص هلى طبولها هو خائن تافه يستحق القتل أو السحل .
لكي يستطيع الانسان معالجة وضع سياسي معقد , عليه ان يكون واعيا لكل ابعاده , عليه تجنب الابتذال والاستفزاز والثرثرة , عليه الاجابة على الأسئلة المطروحة , لا أن يفعل كما فعل فخامة الرئيس في لقائه مع التلفيزيون الألماني , حيث قال يجب أولا تصحيح السؤال لكي يصح الجواب ,بادرة لامثيل لها , يريد طرح سؤاله على نفسه , ويقولها صراحة أيضا !!
التعامل مع الاسئلة السياسيةيجب ان يكونم موضوعيا , لأنه لاوجود للأمر الشخصي الا عند الديكتاتوزريات حيث يمثل الديكتاتور شخصه وهو السياسة كلها والأحداث تدور حول شخصه من أجل شخصه , الديكتاتور ليس شخصية اعتبارية , وانما الشخصية التي تعبر عن وضع مزرعته ومالكها الذي هو شخص الديكتاتور , وسبب انحدار هؤلاء الشبيحة الى السفافة والفجور والتوبيخ والتقريع والتشنيع هو اقتدائهم بشخصية الديكتاتور .
ينوهه البعض على أن افلاطون وأرسطو وروسو والغزالي وابن خلدون وابن رشد كانو محللين سياسيين واليوم نرى طالب ابراهيم وخالد العبود وشريف شحادة وبسام أبو عبد الله وجوزيف أبي فاضل وغيرهم من الصقور كمعد محمد , أين هؤلاء من ارسطو وافلاطون وابن رشد ؟؟وهل القول على اننا في عصر الأقزام خاطئ ؟؟