تنحي ..بعد العسكرة والأسلمة !

ليس الجواب على سؤال  بسؤال آخر من  شيم النقاش المحمودة , الا أنه   يجوز للرئيس الأسد ما لايجوز لغيره  , الرئيس الأسد اجاب محاوره الألماني تودن هوفر  على سؤال يتعلق بشعبيته  بسؤال آخر  اذ قال   , كيف لي أن ابقى في موقعي هذ (الرئاسة) بدون دعم شعبي؟ , هنا كان على السيد تودن هوفر  ان يستنتج  من ان  شعبية الرئيس ضخمة , وهذا أمر مشكوك به  لأسباب عديدة .

أولا  يمكن بسهولة القول على أن بقاء الرئيس حيث هو الآن  لايمثل بقاء رئاسيا  للجمهورية السورية  ,لأن الرئيس الآن لايرأس  ألا أقل من نصف  الجغرافية السورية , وأكثر من النصف هو تحت سيطرة اعداء الرئيس , ويمكن أيضا بسهولة القول , على أنه لاتوجد  أسباب وجيهة عند المواطن لكي يقف وراء الرئيس , فالرئيس  جلب الدمار  والقتل والفقر والانقسام على الوطن , ثم أغرق الوطن في حرب أهلية , فلماذا على المواطن تأييد الرئيس ؟ منطقيا  يجب القول على ان من يؤيد الرئيس هم أقلية  من الأقليات  , والبرهان على ذلك  هو اعتماد الرئيس الكلي  في حروبه ضد الشعب  على كتائب الأسد  , التي تجمع معظمها  اعتبارات  فئوية أو مذهبية أو عشائرية , ثم انشقاق من لايقع ضمن الاطار المذهبي أو العشائري , وحجم كتلة االانشقاقات  لاتبدو وكأنها هامشية  , اذ أن كتائب الأسد تجد في حربها ضد المنشقين  أعظم المشقات ,  وعلى العديد من الجبهات هناك  حالة من التوازن  العسكري بين الكتائب المؤيدة والكتائب المعارضة ,  التوازن العسكري تم , وللعحب , خلال أشهر قليلة .

من معالم تخريب البلاد التي الحقها سيادة الرئيس بالوطن ,  هي استمراره  بالسياسة الأسدية , التي حولت البنية  الاجتماعية  السورية  من بنية سياسية الى بنية طائفية , لقد كانت هناك  أحزاب  في الدرجة الأولى , والآن توجد طوائف في الدرجة الأولى , وجهل الرئيس السابق  واللاحق يكمن في هذه النقطة , فالأسدية   حولت رئيس الأكثرية السياسية ألى رئيس لأقلية دينية طائفية  ,  حكم البعث تحول الى حكم الطائفة , وهنا  ليس للرئيس أن يعجب من الاتهامات التي توجه له  ولسلالة الأسد  , حيث ظن الرئيس جهلا   على أن الصلاة في المسجد الأموي الى جانب البوطي كاف  لأن يعتبره الشعب مسلم سني , ولم ينس الرئيس مناسبة أخرى للبرهنة عن اسلامه السني  , الا وهي عقد نكاحه  , الذي تم  حسب سنة الله ورسوله أمام محكمة سنية , وهكذا فعل الرفيق ماهر.

لقد تطورت الأمور باتجاه ثورة على الطغيان والفساد والمحسوبية والديكتاتورية , الثورة بدأت سلمية  , الا أن ارتاس السلطة   تجاه التظاهرات  كان عسكريا بربريا , والبربرية بدأت بنفس الشدة التي  نلاحظها هذه الأيام , القتل كان  العلاج الوحيد الذي  خطر على بال السلطة ..اقتل ..اقتل ..في اطار الحل الأمني , الذي لم  يكن تكتيكيا غبيا جدا  , السلطة ارادت من الحل الأمني استدراج  المعارضة  الى نزال عسكري , حيث ان نجاخها في النزال العسكري مضمون , وهكذا تطورتت الأمور  ,حتى وجد الطرف الآخر  على أنه لامناص من العسكرة في مواجهة العسكر , وهكذا تعسكر قسم من المعارضة  , وحدثت المفاجأة  , اذ ان عسكر المعارضة استطاع خلال أشهر  أن يصبح متوازنا بعض الشيئ مع كتائب الأسد  , التي لم يعد بامكانها احراز النصر المبين على كتائب المعارضة ..كر وفر من الجهتين .

النجاح النسبي  للعسكر المعارض  , شجع على الاستمرار  في هذا النهج , وشجع أيضا  البعض على الانخراط في هذا الاتجاه , وأكثر  من تشجع  كان من  الجهاديين , الذين ينظرون الى السلطة من منظار طائفي , انخرطوا في الجهاد  , وبالتدريج تحولت المعارضة العسكرية الى  فيالق من الجهاديين وارتفعت  الرايات السوداء  وأصوات التكبير ,  وطغى اللون الطائفي على العسكر المعارض , بالرغم من أن اللون الطائفي للمجتمع السوري لايتناسب مع اللون الطائفي للمعارضة المسلحة , لقد خلق  التعنت الأسدي معارضة عسكرية لم يكن لها أن توجد بهذا الشكل , وبذلك يمكن القول على أن هذا التعنت قاد اولا الى العسكرة  , وثانيا الى تحول العسكر المعارض الى عسكر جهادي ..كل ذلك لأن الرئيس  لايريد التنجي  بأي شكل من الأشكال , ولو تنحى في بداية الأزمة  أو حتى في الأشهر الأولى منها , لما قتل من قتل  ولما تعسكر  جزء من المعارضة , ولما تحول العسكر المعارض الى  عسكر جهادي ..كل ذلك ليس من فضل ربي , وانما من فضل الرئيس  , الذي يدعي وقوف  الشعب ورائه , ولماذا يقف الشعب وراء رئيس من هذه النوعية ؟؟؟

الرئيس سيتنحى شاء أم أبى , والمسألة هي مسألة وقت  ومسألة حجم من التخريب  وعدد من القتلى   , ثم مسألة مستقبل الوطن  الذي انقسم وتشرذم ..وكل ذلك هو الثمن الذي على المجتمع السوري  أن يقدمه لكي يبقى الرئيس ,  على الوطن أن يقامر بوجوده أجل الرئيس  , وعلى الوطن تحمل الرئاسة الأسدية نصف قرن من الزمن , ثم على الوطن  أن  يثور مرة أخرى  ضد  الأصولية  التي  ستطالب بعد الرحيل  بأن يكون لها دور  في الحياة السياسية والاجتماعية السورية لايتناسب مع حجمها الشعبي  , الا انه يتناسب مع دروها  في ارغام الرئيس على التنحي ,  لقد كانت السنين الأسدية بمثابة فاجعة , والسنين بعد الأسدية ستكون أيضا نوعا من الفاجعة  , وقد يحتاج الوطن الى عشرات السنين   لكي  يستطيع التطور  بشكل  ايجابي .

لقد أرغمت  الأسدية الشعب السوري  على السير في طريق وعر جدا ,  الأسدية جعلت  من الأصولية , من حيث تريد أو من  حيث لاتريد , طريقا للسير في المستقبل  , طريقا وعرا جدا , طريقا كان بالامكان تجنبه  , لو ان الرئيس تنحى بالشكل المناسب   والوقت المناسب, وبقاء الأسدية لمدة أطول  سيقود الى تقوية  اضافية للأصولية الدينية , لاجدوى من الطريق الأسدي , الذي هو أصولي أيضا .

اهم مانعرفه عن الرئيس هو التالي :عدم ادراكه  للفرص السانحة  ,  وعدم مقدرته على القيام بما هو مناسب في الوقت المناسب , ونتيجة ذلك هي الكارثة  التي نعايشها  ونعيش بها .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *