لاعجب من الانشقاق في بلد منشق

اعلن السفير السوري في العراق  نواف الفارس انشقاقه عن النظام السوري , وذلك بعد أيام من اعلان انشقاق  العميد مناف طلاس, ولا حاجة للتعريف بنواف الفارس , هو من أركان النظام السوري وأهم مايمكن القول عنه على أنه من  الذين ساهموا بشكل  فعال في مجازر حماه عام 1982,  ثم انه عمل محافظافي  عدة محافظات وفي الأمن السياسي  في اللاذقية  ثم أمين لفرع حزب البعث  في دير الزور ,  وهو من ابناء دير الزور  , وله خلفية عشائرية .

وزارة الخارجية العراقية أكدت الانشقاق , وهي بدورها تحاول ترحيل السفير المنشق الى بلد ثالث , وماذا يعني انشقاق السفير  وقبله انشقاق العميد مناف طلاس , والعديد من الذين لانعرف أسمائهم ؟

الانشقاق  في سوريا هو تعبير عن معارضة المنشق لسياسة السلطة التي يعمل لها , وأساسا  يجب  تسمية هؤلاء بالمعارضين , وتسمية عملهم  “معارضة” , وللأسف فان المناخ السوري  الديكتاتوري  لايسمح بابتعاد احد عن النظام , لذا يطلق على هؤلاء اسم منشق  , وعلى عملية الانشقاق  خيانة عظمى .

خروج انسان عن رأي السلطة أو الحكومة التي يعمل لها هو أمر أكثر من طبيعي , ومن السهل التذكير  بوزير العدل الأمريكي كليرك  , الذي رفض العمل  كممثل للحكومة الأمريكية  دون الهروب الى سوريا لحمايته , عاش ويعيش في الولايات المتحدة ألأمريكية  كامل الحقوق والواجبات  , لم يسجن ولم يعذب ولم يعتقل , انه معارض  , وهذا هو حقه الطبيعي  في بلاد دبيعية .

أما في البلاد السورية فالأمر آخر , البلاد السورية غريبة عجيبة  , هنا أتذكر معارضة جنرال ألماني حتى لعضوية ألمانيا في الناتو , ثم تسريحه من الخدمة بناء على طلبه , بعد ذلك تصدر قيادة الحركة الخضراء , دون أن يسجن أو يقال عنه انه منشق أو خائن .

اذا استمرينا في استخدام مفردة “منشق”  , فانه من الطبيعي جدا  أن ينشق العديد من أفراد الشعب السوري عن السلطة , التي   شقت البلاد الى عدة أقسام , والأهمية الاعلامية  التي تنالها  الانشقاقات السورية  , لاتعود الى  أهمية الانشقاق من حيث انه عملية  اجرامية أو ديموقراطية , انما تعود الى  الوضع السياسي المشوه  في البلاد , ففي البلاد لاتوجد حرية رأي  وانما ديكتاتورية مطلقة , ولربما  لانظير للوضع السوري في العالم الا الوضع الكوري الشمالي , ولو كان هناك شيئ من الديموقراطية , لما توجب على العميد مناف طلاس وغيره الهروب الى تركيا في ظلمة الليل , ولا توجب على السفير نواف الفارس  أن يرحل الى بلد ثالث خارج العراق وخارج سوريا , ولا توجب اطلاق اسم “الخونة” على هؤلاء  ولا توجب تجريمهم ولربما اعدامهم ميدانيا ..الخلل مبدئيا ليس بالمنشقين وليس بالانشقاق , وانما بالسلطة التي  غيرت المعايير والقيم  وقسمت الشعب الى وطني مؤيد لها وخائن يعارضها .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *