الانذار ..ودموية المستقبل !

بعد أن أعلم  كوفي عنان مجلس الأمن   بنتائج زياراته الى دول الشرق الأوسط ’ تقدمت الدول الغربية  بمشروع قرار   وانذار , على السلطة السورية سحب قواتها من  المدن والأحياء والتوقف عن العنف خلال  عشرة أيام  , والا يجري تطبيق المادة 41 من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة , ومن المتوقع  ان يفشل مشروع القرار هذا على يد الفيتو الروسي -الصيني .

مشروع قرار يوم أمس  يمثل تصعيدا للهجة  الديبلوماسية , والتصعيد  يتطور بشكل متدرج , اولا المادة 41  وبعدها تأتي المادة 42 ,  ومن يظن على أنه  سيكون هناك تراجع  أساسي  في موقف دولة كبرى   ,فالدولة التي ستتراجع هي روسيا  , وذلك للأسباب التالية :

اذا اعتبرنا على ان المشكلة هي مشكلة صراع بين الغرب والشرق , فان الغرب  اقوى بكثير من الشرق , وذلك بغض النظر عن موضوع “الحق” ,  والأمثلة عن تخلي روسيا عن مواقفها  عديدة ..منها يوغوسلافيا  ومنها العراق ومنها ليبيا , هناك أيضا  مايمكن تسميته “عزلة الموقف الصيني -الروسي -السوري عالميا  , اذ أن معظم دول العالم تقف ضد سلطة الأسد , وهذا ما اعترف به الرئيس في لقائه مع  التلفيزيون الألماني ,  وهناك أيضا   الموقف العربي  الغير مؤيد  لموقف السلطة السورية  وذلك بأكثريته الساحقة (بغض النظر عن موضوع الحق ) ..كل ذلك  سيجعل من الاستمرار  في الموقف الروسي صعبا   وبتزايد ملحوظ .

السلطة السورية  لاتدرك مخاطر الاعتماد على الموقف الروسي , هذا الموقف الذي شجع  السلطة على  ممارسة التعنت والرفض  لأي حل  يمس بوجود السلطة ,  لقد أضاعت السلطة  الكثير من الأوراق الرابحة , ظنا منها على أنها ستبقى على أي حال , وفي هذا الظن الكثير من  الحسابات الخاطئة , لقد كان على السلطة  أن تتراجع كثيرا , الا أنها لم تتراجع  اطلاقا , لقد كان على السلطة  ادراك  قوة المعارضة  محليا وعالميا ,  كتائب الأسد  تتفكك , وتقوم بالكر والفر  كما تفعل كتائب المعارضة  , التي تتسلح  بشكل أفضل  وأعدادها تزداد بشكل أكثر  , ثم انها تتحول  الى الأسلمة بعد أن تحولت الى العنف , وسلطة واعية لمصالح البلاد  لاتقامر بوجود الدولة بشكل عام ,هي  سلطة تحاول تجنب عسكرة المعارضة  , الا أنها فعلت كل شيئ من أجل العسكرة  , هي سلطة تحاول تجنب أسلمة العسكر المعارض , الا أنها فعلت كل شيئ من أجل أسلمة  العسكر المعارض , لايكفي شجب العسكرة  ولا يكفي شجب الأسلمة , انما يجب خلق  الوضع الذي لايسمح بالعسكرة ولا يسمح بالأسلمة , ألحل الأمني هو  الرحم الذي ولدت منه عسكرة المعارضة  , وطائفية السلطة   هي الرحم الذي ولدت منه اسلمة المعارضة المعسكرة , وخراب البلد  هو نتيجة حتمية  للأخطاء القاتلة التي ارتكبتها السلطة  حديثا  , ولا أود هنا الرجوع الى الماضي القريب أو البعيد , فالماضي  منذ نصف قرن الى الآن  لايتسم الا بممارسة الخطأ تلو الآخر .

لاشك بأن السلطة لاتعترف عمليا  بأي  خطأ ,  وحتى الفساد  لاتعتبره السلطة “عمليا” خطأ , وانما  فقط دعائيا , ولو  اعترفت السلطة بالفساد حقيقة وعمليا  لكافحته   ولسجنت عاطف نجيب ورامي مخلوف وحمشو واياد غزال ورستم غزالة  وعلي دوبا  وعشرات الألوف غيرهم و وحتى  ثلاثة ملايين بعثي  وقطيع مماثل من المرتزقة والشبيحة وقطاع الطرق واللصوص  , ولذهبت هي بالذات  وبكامل  اركانها من صغيرهم الى كبيرهم الى السجن طوعا ,  وليقل لي أحد من هو الغير سارق في السلطة , لربما فاروق الشرع  الذي أهين وأطلق عليه ماهر الأسد النار  والآن اختفى نائب رئيس الجمهورية ..يقال على أنه قتل , ويقال على أنه هرب  ويقال على انه اعتقل ..ولا تأكيد لأي من هذه الاشاعات !.

وضع السلطة  يتهالك  وتهالكه يتعاظم , وهذا لاتدركه السلطة قطعا  , ولا تدرك دلالات هروب قئد اللواء 105  العميد مناف طلاس , ولا تدرك دلالات انشقاق السفير السوري في العراق , ولا تدرك الحالة الحرجة جدا , التي  وصلت اليها البلاد ..لاتدرك الا  أهمية بقائها , واضطراب ادراكها  للواقع  سيكون السبب  الأساسي  لزوالها ..دمويا للأسف !!

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *