رسميا : هناك حرب أهلية في سوريا !

يوم أمس اعتبرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر ان مايجري في سوريا هي  حرب أهلية  ,أي أنه نزاع مسلح غير دولي , وفي هذا الاطار يأخذ  القانون الدولي الانساني أولوية  في كل مرة تحصل بها اعمال حربية , وهذا القانون يحدد ظروف حماية السكان المدنيين  وغيرهم مثلا الجرحى وكذلك ظروف الاعتقال  وتداعياته, وقد طالبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بانتظام السلطات السورية باحترام الجرحى في مراكز العناية وتامين وصول مندوبيها للقاء المعتقلين في مختلف مراكز الاعتقال.

الصراع الداخلي المسلح هو التعبير القانوني عن الحرب الأهلية  , والوضع القانوني  الجديد يفرض قوانين وممارسات حديدة , منها  تمكين القضاء العالمي من ملاحقىة من ارتكب  درائم  حرب , واللجنة الدولية للصليب الأحمر  هي المرجعية التي تحدد ذلك , لأن اللجنة  هي الموكلة برعاية اتفاقيات جينيف .

تعريف الوضع بأنه حالة نزاع داخلي مسلح (حرب أهلية)  يجرد السلطة الحاكمة من الكثير من الخواص ,  فالسلطة  مجردة من  الشرعية  , وتعتبر عندئذ  على أنها  عصابات مسلحة  , ولا حصانة قانونية لها بعد الآن ..أي انها ليست دولة تواجه ارهابيين ومخربين , بل عصابة مسلحة تواجه عصابة مسلحة , والسلطة لاتريد اطلاقا الاعتراف بأن الوضع يمثل على الأقل “قانونيا” حرب أهلية , وذلك للأسباب التي ذكرت , اما وضع المعارضة  وشطرها العسكري  ثم السياسي  , فقد سألت  حقوقيا  دوليا ,  فبالنسبة للمعارضة  لاتغيير يذكر في وضعها القانوني , الاى أنها تستفيد من  خسارة  السلطة للكثير من  الامكانيات .

من أعطى أوامر بالقتل  او الاعتداء على المدنيين  مثل التعذيب والاغتصاب  أو استخدام القوة  الغير متكافئة  ضد مناطق مدنية  يمكن اتهامه  بارتكاب جرائم  حرب  , ومن هنا يجب السؤال  , هل يوجد في الجيش السوري من لم يرتكب جرائم حرب ؟ , من الجدير بالذكر   على أن احترام لقانون الدولي مطلوب أيضا من الفئات المعارضة   , والتعامل معها  يتم كالتعامل مع السلطة الحاكمة وجيشها  وأفراد الأمن  الداخلي  وحتى السياسيين  والمخابرات  وغيرهم .

السلطة سوف لن تأبه بكل ذلك , لأنها سلطة خارجة عن الشرعية الدولية , لها شرعها  وتشريعها الخاص , وذلك على الرغم من توقيعها على كافة المعاهدات الدولية  وتعهدها باحترام هذه المعاهدات , ثم ان البقاء في اطار الشرعية الدولية مهم جدا  للدولة السورية  , وغير مهم قطعا بالنسبة للسلطة الحاكمة , لأن الدولة السورية تريد  على سبيل المثال تحقيق تقدم في قضية فلسطين واسكندرون والجولان  , وهذا التقدم غير ممكن   ان يتم من خلال سلطة مارقة وخارجة عن الشرعية الدولية , الا عدم  اكتراث السلطة بذلك نابع من الأفضليات التي تحددها السلطة ,والافضليات ليست تحرير الجولان  , وانما البقاء على كرسي النهب والسرقة والاستبداد  والاغتصاب من أجل مكاسب مادية منحطة , ومن أجل ترسيخ أقدام فئوية دمرت البلاد , وهل تدمير البلاد مهم بالنسبة للسلطة ؟,من يرى صور حمص  وحماه ودير الزور ودمشق وادلب والحفة واللاذقية  والرستن ودوما والزبداني  وحلب  شمالا وجنوبا  وعدد القتلى وعدد الجائعين والأسعار  وعدد المشردين  والمهجرين والمعتقلين والمعذبين ثم تطور الصراع الداخلي , الذي عليه أن يكون سياسيا الى صراع طائفي , وتأليب  جماعات من قرى  ذات مذهبية معينة   لارتكاب المجازرعلى  قرى من مذهبية أخرى  واستخدام  الشبيحة  والاستئثار بالجيش  مذهبيا  وتحويله الى كتائب الأسد ثم تحويل سوريا الى مزرعة…,الخ  يستنتج على أن السلطة  غير آبهة الا بالأهداف المنحطة التي تم ذكرها.

الاجرام بحق الوطن  لايتمثل  فقط في تخريبه ماديا , وانما في تخريب مستقبله  ماديا ومعنويا واجتماعيا  , وهنا أعود الى نقطة تأليب  البعض ضد البعض الآخر وقضية الشبيحة  , ولو افترضنا على أن الأزمة ستنتهي هذا اليوم  , وانتهاء الأزمة هذا اليوم لايعني اطلاقا نهاية التاريخ ,  التاريخ مستمر  , وبلدة التريمسة والحولة وغيرهم سيسألون  عن  المنفذ للمجاذر  ..الجيش ..الشبيحة , أيضا  من تألب مذهبيا  , والفئة الأخيرة هي التي ستحدد شكل   أحداث المستقبل , لقد خلقت السلطة  مايسمى” بالعداء التاريخي” بين المذهبيات المتنوعة في الوطن.يمكن بسهولة اعادة بناء  البناء الذي تهدم , الا أنه من الصعب جدا  ازالة   وضع العداء التاريخي  الذي  يكتنف جوانب معظم  الفئات المذهبية في الوطن ,فالحرب  ستستمر حتى بعد نهاية الأزمة ,وحتى بوادر نهاية للأزمة غير متوفرة الآن .

العداء التاريخي  بين فئات المجتمع  سيقود الى خسارة الجميع  أي الى خسارة الوطن , الا أنه من الواجب هنا  التمييزبين   كم الخسائر التي ستلحق بكل فئة من الفئات  ,  الخسائر ستكون على أشدها  بين الفئات  من الأقليات المذهبية , التي تدعي السلطة حمايتها , انها الخاسرة الأكبر , والاسترزاق  بموضوع حمايتها ليس الا  عمل شنيع  ضدها ..عمل  لاتدرك السلطة  فداحته  ولا تدرك عولقبه ..انه اجرام بحق الأقليات أولا وأخيرا !

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *