لاشك بأن طيف من أطياف الثورة يزداد تأسلما , ويزداد عنفا وعسكرة , هل لنا أن نقلق كثيرا من جراء ذلك ؟
لالزوم للقلق لعدة أسباب أو لها, عدم تجانس الشعب السوري دينيا , نحن لسنا في ايران الشيعية بنسبة 99% ولسنا في ليبيا ولا في تونس , وحتى في هذه الدول لم يحدث ماهو فظيع في مجال تطبيقات الأسلمة والشريعة , وامكانية ممارسات أسلمة متعنتة في سوريا هي أقل بكثير من الامكانيات في دول الجوار , التي أرسلت الديكتاتور الى القبر أو الى المهجر او السجن , لاخوف من قندهار في سوريا , ستبقى قندهار في أفغانستان , ولا يوجد لما يشبه “حاضن”قندهار اي حاضن في المجتمع السوري .
هناك أسباب لبعض مظاهر الممارسات الدينية كالتكبير مثلا أو استخدام بعض التعابير الاسلامية كتعبير النفير أو الجهاد أو غير ذلك , لقد درس التلاميذ في المدرسة فضائل هذه المفردات , ولم يقل المعلم للتلميد على أن عمرو ابن العاص هومن أكبر المجرمين , كما لم يقل المعلم في المدرسة على أن صلاح الدين الأيوبي أيضا مجرم أكبر , ولم ندرس في التاريخ ماحدث مع السهر وردي أو من ابن رشد أو الكثير غيرهم من فواحش ومظالم ..لقد تعلمنا على أن الخلفاء هم قمة الرشد ولا غبار عليهم , ولم يقل لنا الأستاذ شيئا عن الرسول وعن زوجة ابنه بالتبني زينب بنت جحش ..كل ماتعلمناه عن الحضارة الاسلامية وعن شخصيات الاسلام كان ايجابي وحضاري بحت ..لذا يمكننا تفهم ميول البعض لاستعمال بعض من هؤلاء الشخصيات كقدوة ..تسمية جمع التظاهر باسمهم , اضافة الى أن هذه الأسماء تثير عن البعض شيئا من النخوة والحماس وتدفع البعض الى مزيد من التضحية, الـي تحتاجها الثورة .
هذا من ناحية التربية المدرسية وأثرها على تصرفاتنا والتعابير التي نستخدمها , من ناحية أخرى لايمكن انكار الوضع الطائفي السلطوي المتواجد , والذي تمثل المظاهر الطائفية الحالية ارتكاسا له , وحتى لو لم يوجد هذا الوضع الطائفي حقيقة وواقعا , فانه موجود في ادراك الناس , البشر يرون في السلطة سلطة طائفية , سيان أن كانت حقيقة طائفية أو لم تكن , والمهم هو الادراك والقناعة أو مايسمى طائفية الوعي , ولا يمكن القول على أن الوعي متطيف فقط والواقع ليس متطيف , هناك معالم كثيرة وكبيرة تدل على تطيف الواقع خصوصا سلطويا مثلا نسب تمثيل الطوائف في الجيش , التي لايمكن لها أن تكون عفوية , ثم تمثيل الطوائف في الوظائف وغير ذلك , وحتى الأعمى يرى ذلك بشكل واضح جدا , لذا فان حدوث ارتاس طائفي شارعي معاكس هو من أكبر البديهيات , وهذا الارتكاس يزول فورا بزوال مسببه , وعندما تزول الصبغة الطائفية عن السلطة , تزول الصبغة الطائفية عن الشارع المعارض تلقائيا , وعند حلول تباشير الديموقراطية ستنطفئ شعلة الطائفية تلقائيا , وهناك قناعة ملموسة عند التيارات المحافظة بقبول الديموقراطية , وقد برهنت هذه التيبارات في مصر وتونس وحتى ليبيا عن مقدرتها على التأقلم مع وضع ديموقراطي ,جرت انتخابات شفافة وحصلوا على نسبة كبيرة واحترموا القانون وكانوا نوعا ما مسالمين , ولا أستطيع أن أطلب منهم أكثر من ذلك , لاأستطيع أن أطلب منهم تغيير قناعاتهم فورا تحت السوط والساطور والاقصاء والمشانق ..فكل هذه الأساليب هي اساليب لاتتوافق مع الديموقراطية , وأصلا أوصلتنا هذه الأساليب الى الوضع الحالي , الذي يتميز بانتعاش الأصولية والتيارات الدينية
لاخوف من المستقبل بدون الديكتاتوريات , الخوف فقط من الديكتاتوريات التي من رحمها تولد الأصوليات , ومن لايريد اصولية عليه بمكافحة الديكتاتورية , وكلما طال عمر الديكتاتورية , ازدادت الأصولية قوة , ودعم السلطة الديكتاتورية لأنها ستقتل الأصولية هو ضرب من ضروب الجنون ..هل تقتل الأم وليدها ؟