تتوسع دائرة العنف السورية بشكل من الصعب تصوره , حيث بلغ العنف قمته يوم الجمعة/السبت الماضي وفي هذه الليلة لم تخل زاوية من دمشق من اطلاق النار , وحيث تفتخر السلطة بأن عسكرها تصدى للمهاجمين بشجاعة وبأس والحق بهم خسائر كبيرة , الا أنه لايمكن لهذا “النصر” على الثوار أن يخفي الحقيقة التي تقول .. الحرب الأهلية تمددت واصبحت في دمشق , وذلك بغض عن من انتصر ومن انكسر , فكل جهة تدعي النصر .
لم يقتصر اطلاق النار على دمشق , بل شمل تقريبا كل سوريا , ولنذكر حماه وحمص ودير الزور ودرعا واللاذقية والحفة وادلب ..الخ , والسلطة تهدد وتتوعد ..هناك خطوة فاصمة ستأتي عندما تسمح الظروف السياسية بذلك , وهناك أوامر بعدم التهاون مع المسلحين , وكأن الجيش تهاون يوما ما مع المسلحين , السؤال , هل تقتدر كتائب الأسد على أكثر من ذلك , وهي المندمجة في حرب أهلية منذ 15 شهرا ؟ , فقد فجر الثوار خزانات وقود عائدة الى محطة كهرباء القابون , وهاجم المسلحون مركز الاستخبارات العسكرية في حرستا , وفي ركن الدين قامت الدنيا ولم تقعد , ثم في الميدان وكفر سوسة وبرزة وأصابت قذيفة الجدار الخارجي لبناء مجلس الوزراء , وفي حمص احتل الثوار مؤقتا قاعدة جوية تابعة للدفاع الجوي , هذا بالاضافة الى الحرب الضارية في منطقة ادلب ومنطقة اللاذقية , خاصة في منطقة الحفة.
الأسرار من جريدة الأخبار , ومن ابراهيم الأمين حصرا , فقد قال ابراهيم الأمين موصفا الحالة السورية , ومتحدثا عن ساعة الصفر التي أتت , وعن عزم السلطة جعل منطقة حمص خالية من القواعد العسكرية , وعن نية الانتصار وعن تصميم السلطة على الحسم ..الخ , الا أن أهم ماقاله في الأسطر الأربعة الأخيرة من مقاله هو التالي : بالنسبة للقيادة السورية , فان التنسيق في أمور كهذه(مكافحة الثورة ) يجري بدون توقف مع القيادة الروسية , وبحسب مطلعين , فان موسكو ربما أوقفت بعض الأوامر العسكرية التي كانت في طريقها الى التنفيذ , لكن في سياق جمع الأوراق للمواجهة الديبلوماسية المقبلة , فان موسكو لن تقف في طريق الحكم السوري للقيام بأعمال قد تكون مختلفة عما شهدناه حتى الآن .
ألف شكرلروسيا لكونها أوقفت بعض الأوامر العسكرية التي كانت في طريقها الى التنفيذ , ولو لم توقف روسيا هذه الأوامر لأصبح من غير الممكن احصاء المجازر , وبغض النظر عن هذه الأمور , فكيف يمكن لروسيا أن تتدخل بالوضع السوري بهذا الشكل , وعندما يعيب البعض على الثوار ارتمائهم في الحضن الغربي , فكيف الحال مع الحضن الروسي وارتماء السلطة السورية به , ناهيكم عن الأسلحة التي تأتي لكل فريق من حاضنه… أين هي استقلالية القرار السوري الذي يتحدث الرئيس عنها ؟؟
ماقاله ابراهيم الأمين ليس سر , لاتوجد مشكلة في دولة , الا ويتدخل في حلها واحداثها القريب والبعيد الشرقي والغربي وكل العالم , فعصر الدول المنعزلة أصبح من الماضي البعيد , وعصر استقلالية الدولة عن أي مؤثرات واملاءات خارجية أصبح أيضا من الماضي البعيد , وفروض عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ,التي يفرضها ميثاق الأمم المتحدة اصبح من الماضي , الناجح سياسيبا هو الذي يستطيع تحقيق مطالبه وأحلامه بشكل سياسي ديبلوماسي ناجح , والديبلوماسية السورية لاتعرف في هذا الخصوص الا الفشل , وذلك بسبب النقص الشديد في مهنيتها , ونقص المهنية حكومة وشعبا هو من أحد أهم اسباب الدمار الحالي , الذي على وشك أن يقضي على الدولة نهائيا