التسلح والمقاومة المسلحة أو المقاومة السلمية وغيرهم من أشكال ممارسة المعارضة والمقاومة , هم ممارسات لاتعرف الا الديناميكية , التي تعني في ظرف من الظروف تحول شكل الى الشكل الآخر , وهذا يعني على أنه لاتوجد أشكال ثابتة مبدئية للمقاومة , أشكال لاتقبل ولا تفرض التغيير , وقد عرف التاريخ تحول اشكال المقاومة من سلمية أي غير مسلحة الى مقاومة مسلحة , والعكس صحيح .
على المعارضة السورية تنطبق هذه الأسس بحذافيرها .فالمعارضة السورية تعرف العديد من الأطياف والعديد من المواقف , وهذ دليل صحة وليس دليل مرض , السلطة التي تقف في مواجهة المعارضة , هي سلطة يمثلها رأس واحد ويقودها رأس واحد , وهي في هذا الواحد موحدةتماما , وهذا هو دلالة مرض عضال ,هو مرض الديكتاتورية , التي تنعكس اختلاطاته ليس على المعارض للسلطة فقط , وانما بشكل رئيسي على المؤيد أيضا , فالمؤيد مقيد بالقائد أكثر من تقيد المعارض به .
السلطة السورية تذرف الدموع على المناصرين ” للثورجية” , ممن يساقون من فخ لآخر ولايزالون يستعملون كذخيرة لبنادق بناديق السياسات العربية والعالمية الغربية , وذرف الدموع لايتوقف عند هذه الأسباب , اذ تتحسر السلطة على ضياع العقل بل على جنون وجهل هؤلاء الثورجيون .. وكيف يمكن فهم كل ذلك ؟.
لايمكن الاقتناع بأن السلطة فعلا تذرف الدموع على الذين يقفذون من فخ لآخر , ولا يمكن تصديق الحسرة على جنونهم ,لأن السلطة لاتتورع في محق هؤلاء عن بكرة أبيهم ,عند استطاعتها ذلك , ولا تتوقف السلطة عند أي اعتبار أو حدود , تقتل ..تسجن ..تعذب ..تخطف ..تزور ..تكذب ..الخ , لذا لايمكن الا شكر السلطة على مشاعرها المعلنة النبيلة , الا أن النظرة للسلطة وتحديد الموقف منها يتم من من خلال النظر الى أعمالها على الأرض , وهذه الأعمال تطورت للأسف لتصل الى شكل الاجرام بحق الانسانية ,ثم لم تعد هذه الأعمال موضوع مفاكرة بين مثقفين , وانما موضوع اهتمام القضاء الجنائي العالمي .
السلطة لاتدري على أن غيرها يدري , ومن هذا المبدأ تتهم السلطة المعارضة بالعسكرة أي بعدم السلمية , وتعيب على المعارضة استعمالها السلاح , وهذا يعني على أن السلطة ستكون سعيدة مع معارضة لاتحمل السلاح ,وهذه هي نقطة الدجل الكبرى , اذ أن السلطة هي التي استدرجت أطياف من المعارضىة الى التسلح , لأن تسلح المعارضة مفيدللسلطة , وتسلح المعارضة يمثل أحد امكانيات نجاح السلطة في الحفاظ على استمرارها , والنقطة الثانية تتعلق بتعامل السلطة مع المعارضة غير المسلحة , حيث لاتفرق السلطة عمليا في استبدادها بين مسلح وغير مسلح , الكل الى الاعتقال والسجن والموت .
هناك من يقدم النصائح للمعارضة من أتباع السلطة , حيث يشكوا ويتحسر الأتباع بسبب تشرذم المعارضة , ومراهقة قيادتها وانفعالية اساليبها وتبعثرها وتعثرها , ومن الصعب فهم هذه التمثيلية , فهل يذرف الأتباع الدموع على معارضة يريدون لها أن تنتصر على السلطة ؟ أوانهم يوظفون ذرف الدموع وصياغات التحسراللغوية للتشهير بالمعارضة , والتأكيد بشكل غير مباشر على فشل المعارضة وبالتالي نهي المواطن عن المشاركة في مشروع فاشل . لايمكن القول على أن مؤيد السلطة يريد الخير والنجاح للمعارضة , لذلك فان الدموع هي دموع تماسيح , وصياغات التحسر , هي بمثابة تنكر للمعارضة , وهذا مايدريه كل معارض , الا أن السلطة وأتباعها لايدرون على أن المواطن يدري أي شيئ .