في هذا التفكير نوع من الصحة ,لذلك ابتدعت المجتمعات مايسمى “كودكس” لغوي بلاغي , حيث يرسم هذا الكودكس الحد الأدنى للتهذيب , والحد الأعلى لانفلات اللسان , وبين الحدين يوجد فضاء معترف عليه ومقبول من معظم الأطراف.
الزبانية المفلسة لاتلتزم بأي قواعد ,ظنا منها على أن الصريخ والتقبيح والمديح هم مايمثل البلاغة اللغوية , وبسبب الاعتياد على رفس حرية الآخرين بنعالهم لايأبهون بشيئ , ولا تتوقف حريتهم عندما تبدأ حرية الآخر , ومن الخطأ التحدث عن “حريتهم “, وانما عن انفلاتهم , وهم يظنون لحد الآن على ان تبويلهم في الصحن الذي نأكل منه مقبول ولا ضيم به ,لقد بولوا في الصحون والعيون سنين عديدة , وأصبح التبويل عندهم طبعا غريزيا , ففي اجساد هؤلاء وعقولهم هناك جينات تقول لهم , عنددما تصبحوا حكاما تنقلبوا الى حكماء , وهؤلاء يصابون بالدهشة عندما تقول لهم , لي رأي آخر أو موقف آخر أو سياسة أخرى , فمن تربى على الواحدانية والنملقية , وعلى ممارسة القمع بدلا من الاقناع يجد صعوبات كبيرة في ممارسة الحياة الطبيعية , تشوهوا وشوهوا .
لقد استرسلوا في الانصياع لغرائزهم ” المكتسبة” وبالغوا في تدني بلاغة العيارة , وتنكروا لأول معاييرها,الا وهي الايجاز , ولم يعد الاعجاز في الايجاز, وانما الاعجاز في العجز , حيث لاتقل مدة خطبة للرئيس عن ساعتين من الزمن , وحيث يصنع الرئيس التاريخ في ساعتين , مقارنة مع خلق الله للكون في سبعة أيام , ولا تتقيبل الزبانية القول على ان مقاطع خطابه خاوية الا من مقاطعة التصفيق لها , والرئيس لايحتاج لقول أي شيئ حتى ينفجر بركان التصفيق ,وانفجار قهقهة من فمه كافية لانفجار موجة من التصفيق تصدح الأذن , وتحفز على القول ..ماشاء الله !!!, فعلا توقفت النساء غن انجاب من له شأن بعد ولادته ..انه حظ البلاد , والقول انه حتفها يعني لقاء القائل حتفه , وبالواقع فانه فريد من نوعه , وما قاله في خطابه التاريخي الأخير في قدح ومدح العروبة في آن واحد لهو مقدرة لاتعلوها مقدرة , وبالرغم من أن المقدرة لاتستقيم مع فحشاء التكرار والتناقض , فما يجوز للرئيس لايجوز لأحد غيره, ومدح الذات ليس من شيم الذوات , حيث قال ان ماقاله كلام جميل , وسبحانه , ألم ينتبه الى أن وصف كلامه بالجمال يجب أن يأتي من الآخر , الا أن مهمة الآخر هي التصفيق الحا والمعاد , قال …فصفقوا , ثم قهقه …فصفقوا , نظر الى القطيع .. صفق القطيع , وابتسم.. فصفقوا , وأخيرا حسم أحد مساطيل المجلس الموقر الأمر , اذ رفع الرئيس ورقاه خارقا حدود القطر السوري وبلاد العرب أيضا حين قال ..الوطن العربي قليل عليك , عليك ـأن تقود العالم , قائد عالمي ولم يصبح كما اقترح النائب النائم , لأن الرئيس لايحب العولمة .
الرئيس له محبين “منحبك” , ومنهم خيال المآتي فارس الصحراء عنترة ابن شداد الملقب خالد العبود فعن بلاغته حدث ولا حرج , وفي حلقه سبحان من خلقه , مكبر صوت , وهو بالغ التهذيب عند بداية الحديث مع فاتنة من الجزيرة أو العربية ,سيدتي ..اسمحي لي ..سيدتي هذا المربع والمربع الآخر ..والبداية دائما فصيحة , الا انه ينتقل بسرعة الى الفضيحة , الى فضيحة العامية الدرعاوية حيث يرغي ويبد وكأنك أمام أحمد الشقيري أو أحمد سعيد ,أسعدهم الله في فسيح جناته .
لا يتوقف عنترة العبود عن ممارسة قلة الأدب مدنيا , وانما قلة العقل عسكريا , وفي احدى مقابلاته العديدة تحدث عنترة العبود عن القوة العسكرية السورية التي اخرست الكون شرقا وغربا , اذ قال ان صواريخه ستدك في واقعة الاعتداء على سوريا كل مصنع ومرتع في قطر وغيرها من دول الشرق الأوسط , هنا اندهشت الآنسة هند من كلامه سائلة اذا كان ذلك بمناسبة اعلان حرب ,طمأنها عنترة العبود قائلا ان ذلك سيكون درسا تأديبيا لاخوانه العرب , الذين أوغلوا في ضلالهم , وأعلن استعداده لتقديم قائمة بأسماء الأهداف التي ستدكها الصاروخية السورية , وهنا نلاحظ عند عنترة التعنتر والتعتر , ولو سمع مونتغمري ماقاله المارشال عنترة العبود عن قائمة الأهداف التي ستمحقها الصاروخية السورية , لنهض من قبره وصفعة يمينا ويسارا وشقفه الى اربعة مربعات ورماه على مزبلة التاريخ , اذ لايمت الافصاح عن الأهداف لأي عمل عسكري , الا أن عسكرية غنترة العبود هي غير عسكرية مونتغنري.
لو أخذنا جهبوذا آخر بالبلاغة وهو استاذ القانون الدولي في جامعة دمشق الدكتور عصام التكروري , الذي ينتمي الى نقس البلدة التي ينتمي اليها ابن بلدته فايز سارة , الضليع في القانون والبليغ اللغوي قال في رده على أحد الاسئلة , لا يوجد في القانون السووري بند يمنع اعتقال فايز سارة ؟ بالواقع لايوجد نص في الدستور يقول , من الممنوع اعتقال فايز سارة , الا أن القانون لايسمح باعتقال فايز سارة أحد دون أمر قضائي ,لم يسمع الحقوقي بالفرق بين “المنع” وبين “السماح ” , وهومن يدرس في الجامعة , أهذا تدريس أو تدنيس ؟
اما المفاجأة العظمى فقد أتت على لسان الدكتور طالب ابراهيم , حيث ادعى طالب ابراهيم على ان الرئيس ينتمي الى المعارضة , ولا أريد اخذ كلام طالب ابراهيم حرفيا , فقد يكون قصده هو انه للرئيس افكارا تتوافق مع أفكار المعارضة أو بعض أطيافها , ولم يفصح الدكتور ابراهيم عن الجهة المعنية من تلك المعارضة , اذ توجد معارضات عدة , وليس غريبا أن يكون قصده على ان الرئيس يشترك بحله الأمني مع المعارضة المسلحة في تخريب البلاد , لا أعرف تماما , ولا أريد التشكيك أو افتراض أي شيئ .
ياسبحان الله ..عندما يصاب الانسان بداء الغرور ويتغلف بغلاف التيه ويشارك ربه في التكبر والتكبير والاستعلاء , وهاهو طبيب الأسنان يقول عن الحروب ما لايمكن تصوره ولم يقوله قبله أحد , حدثته فاتنة من فضائية , لا أعرف اسمها الآن !عن الحظر الجوي على سوريا , والذي تتحدث عنه دولا عديدة , أجاب مستغربا , أي حظر جوي تقصدين ؟ وعندما أجابت كما هو متوقع, صحح الطبيب كلامها بقوله , ان سوريا أو بالأصح سلاح الطيران السوري , هو القادر على حظر الأجواء , وذلك من شرق المتوسط الى غربه , أي من مضيق طارق الى مضيق هرمز , حيث سيطير هذا الطيران في الأجواء بدون انقطاع قاطعا الطريق على أي طيران آخر ومحرزا بذلك مايسمى في علم الحرب “السيادة الجوية” , وبحرا ستقوم بحرية حزب الله بحصار اسرائيل , يا ماشاء الله !!!الى هنا وصلت سوريا في قوتها , ولماذا لاترمي اسرائيل في البحر وترد الأرض والجولان والقدس وغزة وقلقيلية وحيفا ويافا ؟؟, ولماذا يسمح المسيطر على الأرض والسماء للطائرات الاسرائيلية ان تحلق فوق القصر الجمهوري ؟ هذا لم يتطرق اليه سيد الأرض والسماء .
أليس التحدث عن شريف شحادة عبث , اذ أنه صورة طبق الأصل عن بقية الأذيال , وغيره أيضا ,الا اني انصح بمشاهدة مقطع من مقابلة مع د. أحمد شلاش , وهو الذي يقول عن نفسه انه زعيم قبائبل دير الزور , مع انه لايستطيع التمنطق الا بالعامية اللبنانية ,كيف هذه الزعامة ؟
وطننا مسرح لمسرحية مبكية ومحزنة , الا أنها ليست مفرحة بتاتا ..للأسف