شرعية التزوير

تكمن ضرورة الانتخابات في  الاستفسار عن  ارادة الشعب  , التي تتغير من آن لآخر  , وقد جرت العادة , ان يتم هذا الاستفسار  بفترات  من أربع الى خمس سنوات , والآن يجري استفسار جديد عن ارادة الشعب في سوريا  , حيث يتم انتخاب مجلس شعب جديد  ,كل  ذلك هو بشكل عام طبيعي  في بلاد تتواجد بحالة “طبيعية  “كفرنسا  مثلاالتي  انتخبت يوم أمس , اما في  بلادنا  فلا يمكن التحدث عن شيئ “طبيعي” ,  البلاد  تنوء منذ عشرات السنين تحت أوضاع لاتمت “للطبيعية بصلة .

ماهو ليس طبيعي اطلاقا  هو  ان تقوم  سلطة التزوير  برلمانيا ورئاسيا بالاشراف  على الانتخابات الحالية ,  حقيقة لايوجد مجلس شعب  بالمعنى ربع الواقعي للكلمة , فالمجلس  الحالي هو مجلس تصفيق  ولا يعبر عن ارادة الشعب  لكونه “معين”  ثم انه المجلس الذي جرى تعيينه  في ظل المادة الثامنة , التي تمثل أكبر الخروقات  لأدنى حقوق البشر ,  وفي ظل هذه المادة ايضا تم ت تسمية المرشح الوحيد للاستفتاء  من قبل قيادة قطرية  حيث نال هذا  المرشح أكثر من 99% من  الأصوات .

التزوير كان وما زال القاعدة الأساسية للتعامل مع ارادة الشعب , لذا  فان كل ماجاء عن طريق التزوير هو باطل , وفي دولة “طبيعية ” يستلزم  ذلك اجرءات قضائية  قانونية  ضد من زور  , ولو اخذنا يارا شماس وغيرها  من  المتهمين “باضعاف الشعور القومي ” وبالتالي  امكانية الحكم عليهم بالاعدام   شنقا حسب المادة 198 من قانون العقوبات السوري  ,ولو نظرنا  الى العقوبات التي نفذت بغيرها للسبب نفسه  ..حسن عبد العظيم ..لؤي حسين ..عارف دليلة ..ميشسل  كيلو ..مشعل التمو ..بشام القاضي .. ياسين الحاج صالح , والصفحات لا تتسع  لذكر اسماء عشرات الألوف من المواطنين , من الذين سحفتهم سلطة الاغتيال والاغتصاب والقمع , وأجرينا  مقارنة سطحية  مع غيرهم من القييمين على الوضع السوري , لوجدنا ان الوضع السوري  ليس طبيعي بتاتا , خاصة  في ظل الدستور الجديد , الذي قددم بديلا   أكثر صفاقة  للمادة الثامنة الخاصة بالبعث , لقد أتت المادة الثامنة الخاصة بالرئيس  , التي اكتسح كل  الصلاحيات في الدولة  وبالتالي حول  الدولة الى دولة “الشخص” بدلا من تطويرها الى  دولة الشعب ,  الرئيس ورث الحزب  , وورث أيضا شكلا  أكثر ديكتاتورية من أشكال المادة الثامنة .

وتحت اشراف هؤلاء  يحري الاصلاح  وتجري انتخابات  , لم تطلبها  الا السلطة , التي تريد من خلالها التمويه على ماهو غير طبيعي قي البلاد , السلطة  تريد القول  ..كل شيئ طبيعي ,هناك  دستور جديد  وقانون احزاب جديد وقد جرت انتخابات الادارة المحلية  ,حيث  أصبح  مشروع الفساد شرعي , وما هناك  من بعض العصابات المسلحة  يحري  تنظيف البلاد منهم تحت  اشراف الأمم المتحدة ..البلاد تعيش بسلام ووئام , وما يعكر الصفو  هو  المؤامرة , التي سينتصر الشعب السورس عليها  , أو بالأحرى انتصر , وهنا أعجب  من فداحة  استخدام كلمة” الشعب السوري” من سلطة  سلطة  اغتصبت ارادة هذا الشعب  ودمرت حاضره ومستقبله .

الانتخابات  كانت حرة وديموقراطية , قال  شريف شحادة  يوم أمس ,  وكيف يمكن أن تكون الانتخابات  حرة   في بلاد تنعدم بها الحريات  , وعن الديموقراطية فلا لزوم للحديث اطلاقا  ,  وكيف يمكن لهذه الانتخابات أن تعبر  عن ارادة  الشغب , في حين  ان السلطة تتعامل مع الكثير من قطاعات الدولة السورية جغرافيا وشعبيا  من وراء خطوط”تماس” تحت اشراف دولي , واذا لم يكن  بمقدور انتخابات  أن تعبر عن رأي كامل الشعب السوري , فليس لها أن تمثل الشعب السوري ,  الذي لايستطيع  ممارسة واجبه الانتخابي  , بعد ان  سببت الأحداث تهجير  مليوني انسان سوري داخليا  ’ ماعدا مئات الألوف من  الهاربين  الى تركيا ولبنان والأردن , ثم ان الشعب المدعو للانتخابات  منشغل بدفن موتاه  , والتعامل مع عددهم الذي بلع حوالي 20000 خلال عام تقريبا  , كما أانه  منشغل  بمصير حوالي مئة ألف من المفقودين  وعددا أكبر من المعتقلين, ومنشغل بتأسيس احزاب لاتزال في مرحلة الطفولة , وترميم أحزاب شردها البعث  ومسخها في السحون ومراكز الاعتقال , حيث قبع ؤياض الترك أكثر من 25 عاملا لمجرد انتمائه للحزب الشيوعي , ومصير بسام القاضي كان ألطف حيث قبع في السجون حوالي ثملنية سنوات , أما الشيوعي ياسين الحاج صالح فكان عليه ان يمكث 16 سنة , والحديث عن هذه الأحزاب يجب أن  يشمل حزب البعث , الذي قضى على غيره  , ليس  مفاكرة  وتداولا سلميا للتفاعل  مع  الغير , وانما تداولا  بالسيف والسحق والسحل  , والذي بدوره   لقي نحبه على يد السلطة  ’ التي مسخته وحولته الى ذيلا لها   وملحقا  بشخس رأسها.

من كل ذلك  يمكن القول , ان  الجو العام لايسمح بانتخابات حرة  , والقيام بانتخابات ة ليست حرة   هو  زيادة في الرصيد القمعي الاستبدادي   , الذي لايريده الشعب , ولا أعرف  من طالب بهذه الانتخابات  في الوقث الحاضر الا ىالسلطة  , التي   بقيت كما كانت عليه , ولم تتحرك قيد شعرة باتجاه الاصلاح  , الذي  ان تم سيقضي عليها أولا .

الشعب يريد انتخابات حرة  وفي جو مقبول , ويريد  أن تشترك احزاب أخرى بهذه الانتخابات , الا أن هذه الأحزاب الأخرى  لاتزال عمليا في طور التأسيس , الشعب يريد انتخابات  تحت اشراف حيادي , وقد كان  من الممكن أن يتم ذلك خلال عام أو عامين  , وذلك  لو أن الرئيس استقال فور  الغاء المادة الثامنة  , التي جاءت به , وفور  اقرار الحد الادنى لعمر الرئيس  , اذ أن تغيير الدستور القديم ليتناسب مع عمر  الوارث  هو بمثابة انتهاك  دستوري  وسطوا على الدستور  وتحايلا عليه  , وقد كان على الرئيس  أن يستقيل فور الغاء المادة الثامنة , التي جاءت به زورا الى الرئاسة , وقد كان عليه ان بستقيل قفور اعلان الحد الاأدنى لعمر الرئيس   بأربعين ةعاما  في االدستور الجديد , لأن التحايل وانتهاك حرمة الدستور القديم عن طريق  السطو عليه  وتغيير مواده بما يتناسب مع عمر المعين الجديد من قبل  القيادة القطرية  , هو بمثابة استيلاء على منصب رئاسة الجمهورية  , لقد كان عليه بالاضافة  الى ذلك السعي , كأي مواطن آخر,  لتأسيس مجلس وطني  يرعى البلاد سنتين أو أكثر وينظف  البلاد ومؤسساتها من السطو الفئوي  , لايمكن اجراء انتخابات في  الحد الأدنى من النزاهة تحت اشراف  سلطة  تعترف هي بحد  ذاتها بفسادها  وضرورة اصلاحها, الا أن الرئيس , وللأسف,  خسر الكثير من الأوراق الرابحة  ولم يرتكس بالوقت  المناسب بالشكل المناسب , لقد حول سوريا الى  مهزلة  ومضحكة  , وما الانتخابات الجديدة الا فصل  قديم-جديد من فصول المهزلة السورية  .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *