هناك ظاهرةة تثير الحنق والشفقة بأن واحد . ففي عصر الاليكترونيات والشبكة العنكبوتية , يصبح أمر القص واللصق والسطو على الانتاج الفكري للآخر سهلا جدا , ولكي يتم السطو , يجب تملك اخلاق معينة تسمح بالسطو وتشرعه , وليس للمسطو عليه أو عليها الا ممارسة التقزز من هذه الأمور , والكاتبة الجزائرية احلام مستغانمي تعرف ذذلك ويعرفه غيرها من الكتاب , وليس بيدها حيلة لمنع ذلك , والأمر متوقف على الشخص الذي يستحل احتلال رصيد الآخر الفكري.
الا أن الأمر ليس بتلك الأهمية والنشاذ , ذلك لأن الفكر يصبح “مشاع” بمجرد نشره , ثم ان اتساع أوساط النشر هو من ضمن رغبة الكاتب الحقيقي , الذي كتب للنشر وليس للدفن , وكلما اتسع مجال النشر تحققت أكثر رعبات الكاتب , الآن ليس المطلوب هو الكف عن النقل عن الآخرين ,وانما فقط مراعاة بعض “الأمانة ” الفكرية عند ممارسة القص واللصق والنقل .
قبل سنين كتبت الجزائرية احلام مستغانمي مقالا ساخرا تحت عنوان “حقيقة ” , وقد ارادت به السخرية من التسطح , الذي اصاب الحياة الفكرية في بلاد العرب , وتحدثت بأسى عن موضوع اغنية من حرفين حققت مجدا ومكاسب لايحققها أي كاتب عربي نذر عمره للكلمات .
ولما كان ليس بامكان أي انسان كتابة مقالة عن موضوع معين , لذا يلجأ هؤلاء الى التلطي على مقالات الآخرين , ثم شفطها وشقلبتها كما يريدون , ثم توظيفها في خدمة مآربهم , ولم يكن لمقالة أحلام مستغانمي القصيرة الساخرة تحت عنوان حقيقة الا هذا المصير .
فهناك المدعو تامر الذي غير عنوانها وحوله الى “بلاد المطربين.. أوطاني , وهناك ضياء الذي نص المقالة تحت عنوان”زمن ديموقراطية الأقزام والصبيان ..الربيع العربي المزعوم “, وهناك مستر بلوند الذي استخدم عنوان تامر , الا انه استغنى نهائيا عن ذكر اسم أحلام مستغانمي , الاحتلا من قبل مستر بلوند كان كاملا وشاملا .
ضيائنا لم يحتل ويستحل مثل مستر بلوند , الا أنه لم يكن موفقا في اختيار البديل للعنوان الأصلي ,كما كان تامر موفقا , الذي اختار كبديل العنوان التالي :بلاد المطربين ..أوطاني , وهذا العنوان ساخر بعض الشيئ ألا أنه يمت بصلة ما الى موضوع الكاتبة , الذي قدم “الطرب” والتعلق به كمثال عن حالة التسطح .
ولما كان هدف ضياء أبو سلمى أساسا هو الهجوم على الربيع العربي , ولما لم يكن عنده السلاح الفكري الضروري لهذا الهجوم , لذا استغاث بأحلام مستغانمي , وجند مقالها في خدمة هذا المأرب , حيث لصق عليه عنوان”زمن ديموقراطية الأقزام والصبيان ..الربيع العربي المزعوم” ,والطامة الكبرى هنا , هي انه لاتوجد علاقة بين الربيع العربي وبين فكرة مقالة احلام مستغانمي , ففي مقال” حقيقة ” تكلمت الكاتبة عن حقيقة الوضع الحالي في البلاد العربية , وكيف حدث التسطح , دون التطرق مباشرة الى العوامل التي قادت الى هذا الوضع , الذي يمكن التعرف على أسبابه من دراسة التاريخ , فالديكتاتوريات ميالة الى دفع الناس للتسلي والتصبب على سيقان هيفاء وهبي وثديي أليسا ونانسي عجرم ونضارة روبي , التي يقال انها كانت بكر وتم فتحها وتحويلها الى ثيب من قبل الفحل بيرليسكوني , ومن العمر كان للمراكشية سبع عشر ربيعا , ولما لم تبلغ الثمانية الثمانية عشر عاما من العمر , وقعت في براثن الشرطة الاخلاقية الايطالية , وقد كان للرئيس المخلوع مبارك يدا فاعلة في تخليصها من براثن القضاء الايطالي , اذ أعلن مبارك على أن الشرموطة روبي تكون احدى قريباته .. ياسلام !
عنوان مقال ما ,هو جزء لايتجزأ من المقال , وهو بالواقع تلخيص للنص , لايجوز تغييره كما يريد أبو سلمى , والأمانة الفكرية تمنع تغييره , والتغيير يصبح كارثة أكبر عنما لاتكون هناك علاقة بين النص الأصلي والعنوان الملصوق عليه , ولا يكفي نصف الحقيقة أو ربعها , فاختيار عبارة “الأقزام والصبيان” ليس بالسيئ ,, انما في مجال آخر , ولو قال مثلا الأقزام والصبيان في الفكر والنشر ,و في اللصق والقص ..الخ لهان الأمر كثيرا , , اذ أن العبث بالانتاج الفكري للآخر هو من فعل الأقزام والصبيان , والعنوان بكامله :زمن ديموقراطية الأقزام والصبيان ,الربيع العربي االمزعوم , هو انتاج صبياني يؤسف عليه , فالربيع العربي يقدم للناقد الكثير من مجالات النقد التي هي ضرورية وضرورة أيضا, ولا حاجة لسيقان هيفاء وهبي وبغاء روبي ..ما هكذا تورد الابل يا أبو سلمى !