لقد طلب أبو العلاء المعري كتابة هذه العبارة على قبره , ولا أعرف السبب الذي دفعه الى ذلك , ولا أعرف تماما لماذ استوقفني هذه العبارة في هذه الأيام , حيث تعرف هذه الأيام مناسبتين أو لهما مناسبة الاستقلال قبل 66 عاما , ويومه في 17 -4 , ثم مناسبة دخول أول مراقب من قبل الأمم المتحدة في تلك الأيام بالذات الأرض السورية .
لا اتخيل عندما ينتابني الشعور , على أن سوريا لم تستقل, ولم تصبح دولة مستقلة , ففي شهور الربيع من عام 1923 أقرت عصبة الأمم المتحدة الانتداب الفرنسي على سوريا ثم جاء الاستقلال بعد ربع قرن وتلا ذلك حقبة من حوالي 66 عاما , تتوجت هذه الحقبة بعودة مراقبين من الأمم المتحدة قبل أيام للعمل تحت اشراف الأمم المتحدة على الأرض السورية , ولتراقب الوضع في سوريا , لأنه في سوريا تحدث أنمور لايستسيغها القانون الدولي , لذا أتى الحد من استقلالها , ليعطى جزء منه الى المؤسسة الدولية , ومهما حاول الانسان التلفيق على نفسه , فان هذه الخطوة هي عودة الى الوصاية الدولية , فسوريا الآن تحت الوصاية الدولية , التي بدأت بعدد قليل من المراقبين , ولا شيئ في هذه الدنيا يستطيع القول ان عددهم سيكون ثلاثين أو ثلاثمئة أو ثلاثين ألفا , ولايمكن لأحد القول , على أن مدة وجودهم في سوريا ستكون ثلاثة أشهر أو ثلاثة أعوام , ولا أحد يستطيع القول , على أنه سوف لن يكون لهم طائراتهم واسلحتهم وقيادتهم ..انهم دولة ضمن دولة أخرى , وأنا سعيدة بقدومهم .
ذلك لأن سوريا لم تقتدر على حل مشاكلها بنفسها , ومن الضروري البحث عن أسباب هذا التطور , وعن موجبات الغاء الاستقلال السوري , الذي بفي 66 استقلالا شكليا , حيث انقض العساكر بعد القليل من السنين على الديموقراطية الوليدة , وتطورت الأمر بشكل ما , حتى عام 1963 ,الذي هو عام الكارثة , ليتأتي بعد ذلك عام 1970 , حيث الكارثة التي لامثيل لها في التاريخ البسوري , حيث رزح الوطن تحت استعمار داخلي , أفلس وأفلس البلاد معه , تلف وأتنلف البلاد معه , وها نحن مجددا مع القبعات الزرق …هذا ماجناه أبي علي , وما جنيت على أحد .
لايمكن للسعادة بوجود المراقبين أن تموه على التعاسة التي سببها عودة سوريا الى الوصاية الدولية , وليس الوصاية الدولية هي الكارثة , وانما اليقين على أننا لانستطيع التعامل مع بعضنا البعض كشعب يافع وناضج نوعا ما , الا أني أميل الى تحميل 90% من مسؤولية هذا التردي للسلطة الفاشية , التي امعنت في اسائتها للبلاد , وحولت البلاد الى مؤسسة خاصة , لابل الى مزرعة , عاثت فسادا وترويعا وقمعا وقهرا , ثم انها تطالب باستحقاقها للأبدية …من يعرف ؟ قد تكون القبعة الزرقاء أفضل بكثير من الأيام السوداء !