ثورة بكر بغشاء بكارة, هكذا يريدها البعض !

الآنسة “ثورة” لاتزال  تحتفظ بغشاء البكارة , لذا فالزواج  منها على سنة الله ورسوله  حلال , والبعض يرفض  التزاوج مع الثورة السورية  , لأنها كما يقول فراس السواح ثورة “مخترقة”  , والثورة كالمرأة .. اخترقتها ..حرقتها  , وحولتها الى عانس   والبعض يريدها  بتولا  بكرا, ويرفضها   ثيبا ..انها “مخترقة” , والعياذ بالله !

فالكاتب والمؤلف  والباحث فراس السواح لايريدها ثيبا ,  يريدها عفيفة   لطيفة   , وما  يفتقده في الثورة  السورية  أو العربية بشكل عام  هو  تباينها  واختلافها عن الثورات الأمريكية-الأوروبية   في الستينات والسبعينات , ثورات  ضد  منظومة “الأبوة”  ومع  سلطة الشعب , ثورات  قامت لتصحح أوضاعا   شذت عن المثالي   الذي حلم به بعض رؤوسها كالفيلسوف مركوزي ,  وهل تستقيم  مشابهة ثورات مع بعضها البعض , في حين ان ظروفها  وأسباب اندلاعها  تختلف جذريا عن بعضها البعض ؟  هل تتشابه مشاكل أوروبا  وأمريكا  مع مشاكل  بلادنا  , هل  ثار الطلاب في أوروبا  وأمريكا آنذاك  ضد ديكتاتورية  السلطة  , وضد تزوير الانتخابات  وضد الرشوة والفساد والمحسوبية  وضد طائفية الوعي وضد الوحدانية وتسلط أجهزة الأمن  وقتل العقل والحريات ؟ أو ان اسباب ثورتهم تختلف   جذريا عن أسباب الثورات العربية والسورية خاصة ؟

نعم لايمكن تشبيه  ثورات العالم العربي   بثورات الطلاب في أمريكا وأوروبا , لذا  فقد   فقد السواح  التوجه القويم  ولخبط كثيرا  عند حديثه عن  الثورة” المخترقة” , والعجب  كل العجب من السواح  , الذي يفترض ثورة دون شوائب  ودون أخطاء نسبية أو غير نسبية ,  ثم انه يصور التداخلات بالثورة على انها  اختراقات , ولايعترف  , بأن الثورة من أجل الديموقراطية  لايمكن أن تلتزم  بالوحدانية ..انها تسير   وتتأرجح  وتتعثر وتنهض  وتقع   الا أنها تتقدم  , وما انجزه الحراك الثوري في سوريا  خلال سنة  يثير الدهشة , فمن  توقع امكانية حدوث تمرد ثوري في سوريا الأسد ؟ حيث يبلغ عدد رجال  المخابرات أكثر من 700000 انسان , والجيش البعثي   الذي تحول الى كتائب الأسد  بالاضافة الى  الشبيحة وغيرهم   أكثر من 700000 انسان  من بين  23 مليون سوري , حيث يقف المدجج بالروسية امام 15 من العزل ..هذا اضافة الى  الشرطة والطائرات والدبابات والمدافع    ومن جاء من حزب الله والحرس الجمهوري الايراني  والخبراء الروس ..وجماعة  البري والكثير غيرهم .

عودة الى بكارة الثورة   ومن اخترقها  وحولها الى ثيب ,  أول من اخترق كانت ,  حسب رأي السواح , الأصولية الاسلامية , التي يتهمها السواح بالعنف , ومن طبيعة الأمور أن  يفرخ العنف  عنفا آخر , ولا  مأخذ على نظرية  العنف الاسلامي والعنف المضاد , الا أن السواح تناسى  العنف السلطوي  , وتناسى أيضا على انه للعنف الاسلامي مدارس عدة , هناك المدرسة السنية  وهناك المدرسة الشيعية العلوية ,  ولا يمكن للانسان السوري   الا أن يشكو من  العنف السلطوي على مدى نصف قرن  , وللعنف  أبعادا اسلامية مذهبية  بكل تأكيد   شعبا وحكومة  ,فحوادث حماه  ليست الا  صورة عن صراع مذهبي  بين طائفتين , ولا يمكنني القول   على أن جهة كانت انبل من الجهة الأخرى , الا أني احمل السلطة , بحكم كونها سلطة  قائدة , المسؤولية الأكبر ,  تداخل العنف المذهبي  مع  الثورة  ليس من صنع الأصولية السنية فقط , ونظرا لما نشاهده مؤخرا , لايمكن  القول على أن السلطة  لم تساهم في  التأجج الطائفي المذهبي , لقد كان لها الباع الأكبر بذلك ,  لذلك فان  التغيير ضروري  من أجل ايقاف تيار التأجج الطائفي , وهذا لايمكن له أن يتم الا  بنقيض للنظام الحالي , وبتطور يشبه تطور  تونس ومصر , أقول  تونس ومصر مستفزا , لأني متنأكد على أن  الديموقراطية  ستلفظ   الكثير من  قمامة التيارات الأصولية ,  وذلك بعد  أن قامت الديكتاتوريات بدعم  ومساعدة الأصوليات  , حتى ولو لم يكن ذلك عن وعي وقصد .

من يريد ديموقراطية , عليه بتقبل الواقع الاجتماعي كما هو ,وعليه  بالنضال من أجل مجتمع أفضل وأرقى , والرقي   لايأتي عن طريق المشانق والمواخير  والتقتيل .

اما الاختراق الثاني , حسب رأي فراس السواح , فقد تم عن طريق  فئات ذات مطالب  معيشية ,اين هوالخلل  في ذلك ,  مطالب فئات الشعب مختلفة , منهم  من يريد حرية , آخر يريد ديموقراطية , والبعض  يريد تحقيق مطالب معيشية , هذا هو طيف طبيعي , ولا يمثل اختراقا كيديا  للثورة , وانما طرحا  واضحا لمكون من مكونات اسباب الثورة , والثورة التي لاتخدم مطالب متعددة ومتنوعة  هي أقرب الى الانقلاب منها الى الثورة .

اما الاختراق الثالث ,حسب رأي السواح ,  فقد تم عن طريق  ثقافة الثأر المتأصلة  في السيكولوجيا العربية , حيث حدثت المواجهة الدامية  بين المتظاهر ورجل الأمن , وما العمل هنا ؟ هل من الممكن  تغيير  السيكولوجيا السورية  قبل الشروع بالثورة ,؟ وهل   سيكولوجيا الثأر متأصلة فقط بالثوار , أو ان السلطة  مصابة أيضا بسيكولوجيا الثأر ؟؟, الشعب  على علاته  ثار ضد سلطة على علاتها , وذلك من أجل   الشفاء من العلل  التي ألمت بالثوار والسلطة , والسلطة , بعنفها, ساهمت كثيرا في   تذكية  النعرة الثأرية , وليس من المفهوم  كيف   يقع مفكر كالسواح في مطب من هذا النوع ؟

يورد المفكر السواح  اختراقا  رابعا  لبكارة الثورة , اذ يتحدث عن مختريقيها من المراهقين  الذين  رُمي بهم خارج نظام التعليم لأسباب متعددة، وخارج سوق العمل الضعيف، فوجدوا في حركة الشارع تنفسياً عن غضبهم وعن طاقات المراهقة المتفجرة، فانتظموا في عصاباتٍ ترمي الأحجار على الأمن وتعتدي على الأملاك العامة والخاصة, وأين هو  الشاذ في هذه النقطة , هناك من  خاب أمله   وثار , انه مكون من مكونات أسباب الثورة  ومكون من ثوارها , ولايمكن القول على أن هؤلاء ” أخترقوا ” الثورة , وانما   سجلوا بثورتهم   طيفا من أطياف   الحراك المتعددة , والتي كان على المفكر السواح  ادراكها .

ثم يأتي   السواح الى  المخترق الأكبر , وهو ,حسب رأيه , الخارج  , وما يسمى المعارضة الخارجية , وكيف يمكن للسواح التنكر  لميول  وأهداف السوريين في الخارج , انهم جزء من الشعب السوري (اخلاقيا وقانونيا ), والمفكر السواح  لم ينكر  “على هؤلاء المغتربين الاهتمام بشؤون الوطن الأم، ولا حتى تنظيمهم للتظاهرات التي تعبر عن رأيهم في مغترباتهم، إلا أنه  أنكر عليهم العمل المؤسساتي المنظم، الذي يهدفون من ورائه إلى سرقة كدح وجهد ودم الشارع السوري، لاسيما وأن معارضتهم قد ترعرعت تحت رعاية عثمانيةٍ في أنطالية، ورعاية محفل صهيوني في باريس، ورعاية الخارجية الأمريكية وواشنطن، وها هم أخيراً يؤكدون هويتهم وانتماءهم باختيار الدوحة مكاناً لاجتماعهم القادم. وقد تمخضت هذه المعارضة فولدت فأراً دعوه المجلس الوطني السوري، لن يكون هدفه الذي سيعلن قريباً سوى طلب الحماية الخارجية، أو بمعنى آخر: التدخل العسكري الهادف إلى تدمير الجيش السوري نيابةً عن إسرائيل”  وبهذه العبارات الأخيرة   انهزم السواح فكريا وأخلاقيا ,واستقر في مستوى الخطابات والشعارات واللغة الخشبية   المقرفة  , المغترب لم يسرق كدح ودم  وجهد  الشارع السوري , المغترب  قدم ويقدم للوطن  , بدون تمنين , أكثر من 20 % من ميزانيته   ومعظم القطع النادر ,  لقد سقط السواح  في مطب التفاهات  والشتائم , والمجلس الوطني السوري  ليس فأرا , وانما يمثل شريحة من الشعب السوري , كان على السواح احترامها  وعدم تشبيهها بالفئران  .لقد كان عليه الترفع عن  مستوى  رؤساء  يصفون شعوبهم بالجرذان والجراثيم.

اما مسك الختام فقد أتى تحت “سادسا”  والمخترق هنا كانت الجهة التي  اطلقت تسميات مريبة على أيام الجمع , وكيف يسمى السواح ذلك الأمر “اختراقا ” مع أنه  يقول على أنه لايملك   عنها المعلومات  التي تؤهله  لوصفها وتحديدها , أليس هذا  تطاول على المعرفة ؟ كيف يسمح السواح لنفسه بالقول ان هذه الجهة “اخترقت” ثم يقول ,  لا أعرف مايؤهلني على  وصفها وتحديدها, ولم أكن أنتظر هذا المستوى من الأستاذ السواح , الذي  اغلق موقعه والتزم الصمت بعد هذه الواقعة ,   جل من  لايخطئ !

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *