دعوة الى الديكتاتورية, القدوة السورية الكورية

من ضمن الاتهامات الموجهة الى  حركة التغيير السورية , التي تجلت  بانتفاضة  شعبية  وبأشكال محتلفة من الاعتراض على الوضع القائم , اتهام يتعلق بما يسمى التقصير في  صياغة برنامج  , وذلك دون السؤال  عن شرعية من سيصيغه , وعدم السؤال  ينبع من حضارة فكرية  تعلمها الكثير من السوريين في نصف القرن السابق , الشرعية  ! , وما هي الشرعية؟   عند سلطة شرعت وجودها بعد انقلاب عسكري   عام 1963  ,والأكثر من هذا تسمية  هذا الانقلاب ثورة ,والأفظع هو تسمية هذه الثورة مجيدة , والأعظم من ذلك  هو حشر الثورة المجيدة في الدستور  , الذي عليه  حماية الثورة , ومعاقبة كل من يشك بها  معاقبة قد تودي بحياته  , وكأن هذه الثورة هي أم الثورات ,وآخرها , لاقبلها ولا بعدها .

 وبما أنه لاقبلها ولا بعدها  , عملت هذه الثورة على تجفيف الأرض السياسية  وصحرنتها   وتسميم كل نبتة أخرى بها   ,لذا اقتصرت نباتات  الحديقة السياسية على نبات واحد , هو نبات الثورة المجيدة ,وبالنهاية على نبات العائلة والشخص , حيث وصلت الحالة  الى ما وصلت اليه من فقر ثقافي سياسي  وتعتير  انساني   ..مجتمع من الجثث  السياسية   التي تتفسخ  مفسدة الأرض بقيحها ونتانتها   وعظامها وأشلائها ..اعدام  حضاري .

لقد أخطأت السلطة بتقديراتها  , هناك بذور  تنام  سنين ,ويوما ما تستيقظ  , وقد توالت محاولات الاستيقاظات  على مدى نصف القرن الماضي , وأحد هذه اليقظات  , وليس كلها , ولربما ليس أفضلها , كانت  اعلان دمشق , الذي به لاتتمثل القدسية , الا أنه مجرد  اتفاق بين عدد كبير من مكونات المجتمع  الغير منتخبة  بالصندوق , اذ يمكن التحدث هنا عن نخبة  نادت  بما هو معروف ومتفق عليه  في كافة دول المعمورة من مبادئ .. نادت بالمواطنية  كشرط أساسي لخلق المواطن ,وليس الزلمة , نادت  بسيادة الشعب  , التي تلغي تلقائيا كل ديكتاتورية , نادت بحق التباين  وطبيعية الاختلاف  , الذي يسمح ببالنضج السياسي , ,اهم مانادت به هو حرية التعبير  وحرية التجمع وحرية  العمل السياسي  , وهنا أعود الى   البداية ,والى الاتهام بعدم وجود برنامج للمعارضة  , فالبرنامج  يكون قسري ديكتاتوري عندما تصيغه هيئة  غير منتخبة  بشكل شرعي  , والمواطن السوري لم ينتخب من صاغ اعلان دمشق .

حرية التعبير هي التي ستخلق  الأرض السياسية  ,التي  منها ينبثق  البرنامج الأفضل , وحرية التعبير هي التي   ستعطي لهذا البرناج الشرعية , وحرية التعبير  هي التي تمكن هذا البرنامج من  أن يتطور ديناميكيا  , وأن يجري تحديثه وازالة الشوائب منه بشكل مستمر , وحرية التعبير هي التي ستقضي على كل تجاوز  للبرنامج   , الذي يتضمن ماهو ثبت نسبيا >الدستور< وما هو متغير>برنامج مرحلي<.

لذا فانه من العبث  وضع برنامج  مفصل  ودقيق , من قبل مجموعات الاختلاف  المعارضة ,  ووضع هذا البرنامج بالشكل الذي تطالب به جهات  سلطوية , ليس الا دعوة لممارسة الديكتاتورية  , كما تمارسها السلطة  , كما انه  دعوة تعجيزية , لأن السلطة لاتريد حقا أي برنامج ,والدليل على ذلك هو عدم وجود أي برنامج   لدى السلطة بعد نصف قرن من الحكم , وخطب الرئيس ليست برنامج .

لنأخذ  للتوضيح دولة ديموقراطية , حيت تناحر أحزاب عدة على صوت المواطن  , تجري انتخابات  بناء على مبادئ عامة  ,أو حتى مفصلة بعض الشسيئ , خاصة  عند  أحزاب تعمل في الحقل السياسي منذ فترة لابأس بها , وبعد الانتخابات  تبرز أكثرية   تشكل حكومة , وهذه الحكومة  تصيغ برنامجها للسنين القادمة ..أربع أو خمسة سنوات على الأكثر  ,  وعندما لاتستطيع  تنفيذ ماوعدت به ترحل .. وحتى فكرة الرحيل المطبقة في كل دول المعمورة لم تدخل في رأس السلطة , للأمانة التاريخية  لارحيل أيضا في كوريا الشمالية  ..لم يبق تقريبا في هذا  العالم من القيادات الحكيمة  , الا في سوريا  وكوريا ..قدوة لمن يقتدي !

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *