الوطن الذي أصبح خطأ , والسلطة التي أخطأت !

من الضروري  تصفح مايكتبه ابراهيم الحمدان (اسمه الحركي  نارام سرجون)  أو سماع مايقوله  طالب ابراهيم أو خالد العبود أو شريف شحاتة, ليس لأن ابراهيم الحمدان هو ذلك الانسان  المتوقد الفكر والذي لايسرق مقالات الغير (غسان ابن جدو)  أو لأن طالب ابراهيم لايمت الى  كار المخابرات  بصلة , أو لأن  البزة العسكرية التي يرتديها خالد العبود مؤخرا  رفعت من احترامه وجديته وصدقه , ليس لكل هذه الأسبا ب, وانما فقط  لأن  هناك يقين  على ان هذه الشلة هي التي  تعبر عن أراء  السلطة , وهي التي تقول ما لاتقوله الرئاسة , انما تعنيه ..أقوال هؤلاء مهمة جدا , وذلك بغض النظر عن حالتهم  الشخصية  ومقدراتهم العقلية والفكرية .

الرئيس  تحدث في خطابه  الأخير عن  الحسم العسكري  , وبعد التشاور مع وزير الخارجية الروسية   طبق هذا الحسم , وسقط القتلى بالمئات يوميا , هاجمت كتائبه حمص وغيرها من المدن  بالأسلحة الثقيلة , ومن ضمنها الطائرات  , وخالد العبود  ارتدى الجلابية العسكرية’ , ثم اتى الحمدان  قائلا “-عليهم الآن-   ولا تقيد بما تقوله  مكبرات الصوت التي تُسمع في حمص من قبل قيادات المسلحين .. بالنداء على أنهم مستعدون لتسليم أسلحتهم ….مقابل أن يسمح لهم الجيش بالرحيل والهرب ,فكان رد جيشنا : نحن لسنا هنا للتفاوض..أيام التفاوض انتهت , ونحن بدورنا  (أي الحمدان  وغيره )سيكون ردنا كما رد جيشنا الباسل(( أيام التفاوض ,, إنتهت ))”, اي لامفاوضات  ولا مايشبه ذلك ..عليهم  ..عليهم .. هذه كانت  صرخة  الطرزان ابراهيم الحمدان , ومن أجل هذه الصرخة  ,  لبس العبود العباءة العسكرية ..كل ذلك تنفيذا لما قاله الرئيس  من أنه لا هوادة .. فالى القتل يا كتائب الأسد !

هل يعني ذلك ان الأمر قد تطور بهذا الاتجاه قسرا , او أن خيار السلطة  كان منذ البدء ..”عليهم “, ..”عليهم” قالتها بثينة شعبان  في النصف الثاني من شهر آذار 2011 بعد ايام من بدء التظاهرات  , حيث وصفت بثينة شعبات المتظاهرين على أنهم عصابات ..أي “عليهم “!, وتطور الحالة بهذا  الشكل لايمكن له أن يتم  من طرف واحد  , أي ان السلطة تريد العنف , وهل تملك السلطة من وسيلة الا العنف ؟؟

عودة الى رجال السلطة ,العاملين في الاعلام , مايقدم هؤلاء من اعلام  وما يسمى تجاوزا أفكار  وما يمارسونه من مشاحنات  ومماحقات وشتائم  لايرقى الى مرتبة الفكر ,  تخوين وشتيمة وعرض عضلات  وممارسة الركل والضرب ( جوزيف أبو فاضل ) ثم الكذب المنقطع النظير (بسام أبو عبدالله  ,  وتبرير قتل وتعذيب الأطفال بسبب تحرش الأطفال  في درعا بالنساء ) أو ممارسة الجنون  (طالب ابراهيم  والحظر الجوي  على سماء الشرق الأوسط وشمال افريقيا , الذي سيفرضه الطيران السوري ) أو  الهذيان  كما هو حال خالد العبود  والصواريخ السورية العابرة للقارات  , والتي يريد بها ضرب  أي دكانة يريد ضربها في قطر أو تركيا , هذا الكلام شرشحة , ولا يقنع أجدا , بل يزيد  الاشمئزاز من  السلطة التي تتكلم هذه الجوقة باسمها ,.

في الواقع  , ان  مهمة هؤلاء صعبة جدا  , والنظام لايستطيع دعمهم موضوعيا , النظام مفلس من كل شيئ , ماعدا المقدرة على البطش , لافكر ..لاديموقراطية ..لا حرية ..لاعدالة اجتماعية ..لانجاحات اقتصادية أو عسكرية ..تأخر في جميع المجالات ..فقر ..فساد ..استبداد .. وصولية ..انتهازية ..رجعية ..طائفية .. احتكارية, فكيف يستطيع الانسان الدفاع عن نظام كهذا ؟

رؤية  الصراخ الأصولي والتكبير والحثالة السلفية هو دافع كبير لمحاولة الدفاع عن أي نظام به شيئ من المدنية والعدالة الاجماعية والتقدمية والديموقراطية , الا أن النظام لايسمح بذلك قطعا ..انه عار عن كل فضيلة  يمكن الدفاع عنها , النظام لم يترك أي امكانية لأي عاقل  لكي يدافع عنه , وقد أرغم الكثير الى تبني نظرة عدمية تجاهه , وهذه النظرة تتلخص بالقول ..لايمكن الاستمرار مع هذا النظام , والانتقال الى وضع آخر  سوف لن يكون ممكننا الا  بعبور بعض المستنقعات  الأصولية  , والتي لامفر منها , وكلما عمر النظام , ازداد عدد وعمق هذه المستنقعات , لأن وجود النظام  يمثل البيئة الأفضل لنمو السلقية والأصولية , التي نمت وترعرعت في ظله وبسببه ..والأصولية لم تكن يوما ما بتلك القوة والشعبية , التي لها الآن ,والثورة ضد النظام هي الثورة الأولى , والثورة الثانية , التي لاتقل أهمية عن الثورة الأولى  , هي الثورة ضد  السلفية والأصولية  التي جاء النظام بها  عن قصد أو عن غير قصد .

لو كانت السلطة واعية لما ينتظرها وما ينتظر الوطن ,  لما بدأت بما يسمى “الحل الأمني ” الذي قاد الى الخلل الأمني , ولما  ارسلت الشبيحة لممارسة القتل , ولترفعت مع ممارسات العصابات , ولأصلحت  بشكل حقيقي , ولحذفت المادةة الثامنة قبل عشرات السنين , ولما سمحت للأمن أن يظلم ويخترق القوانين  , ولقضت على بعض الفساد والمفسدين  , وحاولت  عدم الوقوع في العزلة الدولية ,ولقاومت التدويل , ولمنعت تحول سوريا الى ملعب للسياسة الدولية , حيث لايلعب به اللاعب السوري  , وانما يتفرج على اللاعبين الدوليين , فالسلطة التي ترفض التدويل كلاميا  , سببته عمليا , وكان لها الباع االأكبر  في حدوثه ,

يصعب علي جدا أن ادافع عن سلطة , أوصلت البلاد الى ماوصلت اليه , من الصعب جدا الدفاع عن سلطة تتمثل ممارساتها  فقط بارتكاب الأخطاء , ومن ينظر الى الوطن ولايرى الأخطاء القاتلة , انما هو اعمى البصر والبصيرة .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *