للسلطة العديد من الفرق التي تحميها , منها الفرقة الرابعة ..أو العاشرة أو الخامسة ..الخ , ومنه فرق المغاوير الصحفية اللبنانية , ومنها فرق الأزلام والشبيحة وأصحاب الأمتيازات والفرق المذهبية والمؤلهة لرأس هرم الفساد ..منها فرق تطلق الرصاص , وفرق تذبح بالسكين وفرق تحرق وغيرها يغتصب والآخر يسرق , ومنها فرق تستعمل الشتائم , وهناك فرقة مهمة هي الفرقة الانفصامية , التي ينتمي رأس الهرم اليها بمنتهى الجدارة , وهذه الفرقة الأخيرة تريد بقاء السلطة بكاملها دون تغيير أو تبديل , ولهذه الفرقة اسلوبا مميزا , ولهذا الأسلوب معالم عدة , وأول هذه المعالم هي السخرية الانفصامية ..والمثل على ذلك , هوتعامل هذه الفرقة مع بعض معالم الحراك السوري , ولا أقول الثورة السورية , لأن كلمة الثورة لاتروق لأفراد هذه الفرقة ..وليكن لهم مايريدون ..
هذه الفرقة تعترف بأن شعار “الشعب يريد اسقاط النظام ” أصبح شعارا شعبيا بامتياز , شعار شديد الانشار , حيث أصبح كما تقول الفرقة , النغمة السائدة ليلا نهارا في الواقع السوري , الفرقة تردف قئلة , هذا الشعار تافه , ومن يردده هو أتفه منه , ولا أعرف كيف يمكن لشعار أصبح بتلك الشعبية وأصبح النغمة السائدة ليلا نهارا في معظم قطاعات الشعب السوري, أن يكون تافه , وكيف يمكن القول ان معظم الشعب السوري تافه …ولايقوى على ممارسة هذه المفارقة , الا من أصيب بالفصام المرضي , الذي يسمح للمصاب به بالتكلم عن ارادة الشعب , ثم احتقار هذه الارادة ووصفها بأنها تافهة …ولا أظن على أن هذا الانفصامي يسمح لأحد بالقول ان شعار ” الله ..سوريا ..بشار ..وبس ” تافه , وذلك على الرغم من تفاهته حقيقة , لأنه يؤله الشخص , ردة فعل الانفصامي ستكون قاسية وشديدة , وقد تكون دموية …اذ قد تستقر رصاصة في رأس المشكك بألوهية السيد الرئيس …
ولطالما نحن الآن بصد الانفصام ,علينا متابعة مقال السيد رامز حسن , الذي يقول عن نفسه , قدس الله سره, بأنه خارج السرب ,ففي مقاله “اسقاط النظام والضريبة الكبرى ” يتهم الكاتب من يردد شعار “الشعب يريد اسقاط النظام ” بالغباء وعدم المعرفة ..جحش ابن جحش !!!, وسبب جحشنة مردد الشعار هو ان المردد لايعرف شيئا عن بنية النظام , والمردد لايعرف , ان كان المقصود باسقاط النظام , اسقاط الرأس أو اسقاط الجسد أو كلاهما , واذا كان القصد اسقاط الرأس , كما حصل في تونس ومصر ولربما ليبيا , فعلى هذا الببغاء المردد لهذا الشعار التافه معرفة , ان كان ذلك ممكن في سوريا , وما كلفة ذلك ..! الضريبة !!
فالراحل حافظ الأسد أسس نظاما قويا ذو بنية معقدة , وانتقل بسوريا من مرحلة الضياع من جراء الانقلابات , الى مرحلة الاستقرار تحت سلطة الضباع ,ولا أريد مفاكرة الكاتب الكريم بخصوص كلمة “الاستقرار” .. ,التي قصد بها ما لا أقصده …فالجثث “تستقر” فعلا في القبور , أما الشعوب فتستقر في الحيوية والحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية ..تستقر في الكرامة والأمن الحقيقي , ولا تستقر في الخوف والذل والطغيان والاغتصاب , الاستقرار في الموت هو غير الاستقرار في الحياة . الراحل خلق , كما قال الكاتب الكريم , بنية أمنية واجهتها الحزب والقائد , وخلفيتها الجبهة الوطنية ..كل ذلك تحت سلطة الأمن أو الخوف من الأمن , على حد تعبيره .
الآن يسأل الانفصامي , كيف يمكن تفكيك النظام , ناهيك عن اسقاطه بالكامل ؟؟؟
ليس من الصعب فهم خلفية السؤال ,فالسؤال يحمل بين طياته النفي لامكانية نجاح أي ثورة , لذا عليك أيها المواطن بالسكوت والخنوع الى ماشاء ربك , لاجدوى من أي محاولة , كتلك المحاولة المصرية أو المحاولة التونسية , الجيش مترابط ولا يمكن تحييده , وما حدث من انشقاقات هي انشقاقات وهمية , اذا تم اختطاف بعض الضباط , حيث أجبروا هؤلاء على الادلاء بشهادات تحت الترويع والتهديد ..مايسمى الجيش الحر يخطف الجنود والضباط ويروعهم ويجندهم دعائيا ….وكيف يمكن لعسكر منشق أن يختطف ضباطا وجنودا على الأرض السورية؟ , وأين هو الجيش الغير منشق ؟؟أين هي كتائب الأسد ؟
بهذه المناسبة , خطر على بالي سؤال , من يمول حقيقة الجيش السوري ؟؟الجواب واضح , الشعب السوري هو الممول للجيش السوري , وبأي منطق وحق يحارب الجيش السوري هذا الشعب مدافعا عن سلطة تركب هذا الشعب وتسرقه وتهينه وتغتصبه منذ مايقارب خمسون سنة , أليس من مصلحة الشعب السوري والوطن السوري أن لايتبهدل الجيش كما تبهدلت السلطة , أليس من المصلحة السورية العليا أن لايتدخل الجيش في قمع التظاهرات , التي يقر القانون السوري قانونيتها وشرعيتها ؟؟أليس من المصلحة السورية العليا أن يحافظ الجيش على سمعته ..حماة الديار !!!, وأين هي المصلحة السورية العليا عندما يقتل الجيش الألوف من البشر , ويقتل البشر المعسكر الألوف من أفراد الجيش ؟؟, وكل ذلك ضمن تأكيد رئاسي , على أنه لم تصدر الأوامر باطلاق النار من أي مستوى من مستويالت السلطة , وتأكيد من قبل أطياف ثورية , بأن الثوةرة سلمية ..هل تحولنا الى مجتمع من الوحوش ؟؟؟
أخيرا يصل الكاتب , أطال الله عمره , الى التشخيص النهائي , فشعار اسقاط النظام يعني اسقاط النظام رأسا وجسدا ودفعة واحدة , وما الذي سيحصل اذا سقط النظام دفعة واحدة ؟؟؟
الذي سيحصل هو الانشقاقات العامودية , وتحول البلاد الى كانتونات متحاربة , وسيبدأ شلال الدم , حيث ينتهي الأمر بتدخل الغرب ليفرض تقسيم سوريا بالشكل الذي يناسبه , أو أن تدخل الغرب سيحدث قبل ذلك , بحيث تكون الحرب الأهلية رديفا لهذا التدخل , بكلمة أخرى خراب سوريا نهائيا .
وكما نلاحظ , هناك تدرج ..من التسخيف ,الى التبشير بعدم وجود أي أمل في انتصار أي ثورة , وأخيرا ستقع الكارثة الكبرى في حال تعنت الثورة واصرارها على اسقاط النظام , والمطلوب من الشعب هو الانهزام قبل وقوع الهزيمة … حيث يستطرد الكاتب اللامع قائلا :
“ألشعب يريد اسقاط النظام ” ليس سوى شعار ايقاعي مستهلك سيحاول الغرب وقنواته اعادة توزيع موسيقاه دائما حتى يظل ملتصقا بالجماهير العربية , ثم يتابع محتقرا الجماهير بقوله ..هذه الجماهير تنام وتصحو على هيفاء وهبي وشعبان عبد الرحيم ولا تملك مفكرا ينير لها بعض دروب الحقيقة!!!هنا يفصح الكاتب عن حقيقة نظرته ..جماهير من الهمج تنام وتصحو على هيفاء وهبي ,قطيع لايستحق اقل من الكرباج ..هذه هي النظرة الانفصامية السلطوية للشعب , الذي عليه الانصياع ..العصا لمن عصى !والأسد الى الأبد !!, أما عن المفكرين ! فعلى الكاتب سؤال علي دوبا أو رستم غزالة أو غيرهم من الأمن . فهم يعرفون تماما أين يختبئ المفكر السوري الجبان !
لقد طلب الكاتب من القطيع الانصياع للسلطة , لأنه لا أمل بنجاح ثورة ضد الحبكة الأمنية الأسدية , والعناد سيقود الى الكارثة , أليس من واجبه أيضا أن يطلب من السلطة الانصياع لارادة الشعب , لأنه لا أمل لسلطة أن تنتصر على الشعب , ولأن العناد سيقود الى الكارثة ..يبدو وكأن السلطة غير مهتمة بأمر الكارثة , واذا التصقت الجماهير بالشعار التافه , كما يقول الكاتب ,فبربك يا أستاذ رامز قل لنا , بماذا تلتصق السلطة ؟؟؟..الا تعرف يا أستاذ على أن الشعب دفع خلال نصف القرن الماضي الجسيم من الضرائب ,وضريبة اسقاط النظام ستكون الأخيرة وستكون بحق فادحة ومؤلمة , الا أن نهاية الشر بألم , أفضل من ألم بدون نهاية !!