من اللادولة الى الدولة !

على اللافتات  كتبت السلطة في دمشق  العديد  من الشعارات ..منها  “أنا مع القانون ” ومنها “همي ..همك ” , وأن تقول السلطة  انها مع  القانون , فهذا شيئ  أكثرمن جيد , حتى ولو أن السلطة لاتزال آنيا  تمنع القانون  عن طريق  تجاوزات معظم   رجالها له ..فاستمرار الفساد  هو استمرار لمنع القانون , واستمرار  الممارسات الأمنية  بوحشية تفوق وحشية قانون الطوارئ  , هو استمرار لمنع القانون , وممارسات منع القانون أكثر من تعد  وتحصى , الا أن  الوقوف الى جانب القانون , حتى ولو كان في البدء  نظري ,  يمثل مؤشرا نظريا على ولادة دولة القانون .

ليس من  المتوقع  أن تجد البداوة السياسية نهاية لها بشطبة قلم , بداوة  طبعت الانسان السوري بطابع متخلف  جدا ,  حيث ان  مراكز  القوى السياسية .ان كانت  من جبهة النظام   أو من من جبهة المعارضة , هي مراكز  تستمد قوتها السياسية  من القبلية  , ومن الطائفية السياسية  التي تحكم  مستغلة الطائفية  , وتعارض الحكم بطائفية مماثلة  ,  مراكز تحكم , على الأقل  من جانب السلطة,  بأحادية   تدنت  على الاحادية الحزبية   وحتى على  الاحادية الطائفية ,واستقرت  في  المستوى العائلي  , الذي لايعرف الا  الأفق المافياوي  الهادف فقط الى النهب المادي  والاستغلال  الشخصي والاثراء الغير مشروع .

لايمكن تصور استقامة للأمور واحتراما للقانون   , الا باحترام عامل الزمن  الضروري من أجل تقويم الاعوجاج  ومن أجل القيام بترية  اجتماعية جديدة  , والوقت ضروري للشفاء  من كل هذه الأمراض  ,   تعاف لايمكن له  أن يتم كل ذلك خلال  خمسة  أيام  ,  فالاعوجاج الذي اكتملت صورته  خلال نصف قرن  , يحتاج على الأقل الى نصف قرن من التقويم  , وموضوع التربية  يحتاج  الى زمن أطول  , ومن يطلب من أي حكومة جديدة  , مايطلبه البعض من الحكومات الجديدة   في ليبيا ومصر وتونس  واليمن ,انما يريد ممارسة التثبيط ..التقدم يجب  أن يكون ملموسا  ومستمرا  والخطوات الصغيرة الجدية  أفضل من القفزات البهلوانية  , التي قد تترافق مع نكسات وتراجعات   مؤلمة جدا .

لاعلاقة للشفاء من العلل  السياسية والاجتماعية مبدئيا  وحصريا  بالدستور الجديد , ولا بأي دستور آخر  , وانما  أولا بالتربية السياسية  والاجتماعية , التي تتمخض عنها ممارسات  , تستطيع تحويل جماعة ,من مجتمع  (الدولة ) الى مجتمع (اللادولة) , وقد تحولت سوريا الى مجتمع (اللادولة)  بفعل الفساد والتسلط ,الذي دعمته وسببته  المادة الثامنة , التي قادت الى تفتيت كيان الدولة  والمجتمع عن طريق الحربالأهلية   , حيث انتهى بفعل هذه الحرب احتكار قيادة البلاد “المشروع” من قبل الحكومة  , ففي  سوريا الآن نوع مدمر من اللامركزية  العنفية القسرية  الاستقلالية ,  قسرا ..لاسلطة للحكومة في حمص   ولا في الرستن وغيرهم من المناطق , ومن يظن على اني أروج بهذا  الطرح الى  ارسال العسكر والشبيحة لتأديب البشر واعادة النعاج الى السرب , فقد أخطأ , العودة غير ممكنة الا بعودة  الأخلاق  واحترام الدستور حيث تتحول اللادولة مجددا الى دولة .

موضوع  همي ..همك ..ذو تعقيد آخر . فما هو همي , وما هو همك ؟, ولا يمكن أن يكون همي الأولي  انقاذ النظام , وانما انقاذ سوريا  أولا  , وذلك  لأني  أولا  مواطن سوري , وأخيرا قد أكون من أهل النظام  , أو قد لا أكون  . ولطالما همي هو انقاذ سوريا  , التي دمرها النظام  , فيجب أن أصب اهتمامي على اسقاط النظام   أي السلطة ,  ومن الخطأ اسقاط السلطة بعد تسقط البلاد ..من جراء حرب أهلية مثلا   , وانما يجب اسقاط السلطة من أجل احياء البلاد  , وما سمعته وقرأته عن الدستور الجديد  , لايمثل أقل من بداية سقوط السلطة , واذا صدق ماقيل عن الدستور الجديد   الذي سنتعرف على مضامينه  التفصيلية خلال أسبوع من الزمن , والذي يسمح بتربية سياسية واجتماعية جديدة  , فيمكن اعتبار السلطة وكأنها قد سقطت , ومن معالم هذا السقوط  الغاء المادة الثامنة  الغاء تاما دون لف ودوران , من المعالم أيضا حصر مدة الرئاسة بدورتين , كل منهما سبع سنوات  (من الأفضل على الأكثر  خمسة سنوات ) , غير قابلة للتجديد , ثم عن الانتخابات ,وحماية التنوع الثقافي  في المجتمع السوري , وسيكون هناك انتخاب وليس استفتاء , وأقل عدد مقبول للمرشحين هو مرشحان  على الأقل , وعن دور الجيش ..الخ , فالجيش ليس كتائب الأسد وسوريا ليست سوريا الأسد . واذا تحقق عمليا جزء من  الوعود  ومن الطموحات  الدستورية ,فتصبح السلطة بحكم ساقطة  , لأن ماسقط  يمثل  أعتى ركائز  سلطة اللادولة , هنا يمكن القول   على ان الثورة قد نجحت  نجاحا باهرا  , وحولت اللادولة الى دولة , وهذا مايهمني  أولا وأخيرا .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *