على اللافتات كتبت السلطة في دمشق العديد من الشعارات ..منها “أنا مع القانون ” ومنها “همي ..همك ” , وأن تقول السلطة انها مع القانون , فهذا شيئ أكثرمن جيد , حتى ولو أن السلطة لاتزال آنيا تمنع القانون عن طريق تجاوزات معظم رجالها له ..فاستمرار الفساد هو استمرار لمنع القانون , واستمرار الممارسات الأمنية بوحشية تفوق وحشية قانون الطوارئ , هو استمرار لمنع القانون , وممارسات منع القانون أكثر من تعد وتحصى , الا أن الوقوف الى جانب القانون , حتى ولو كان في البدء نظري , يمثل مؤشرا نظريا على ولادة دولة القانون .
ليس من المتوقع أن تجد البداوة السياسية نهاية لها بشطبة قلم , بداوة طبعت الانسان السوري بطابع متخلف جدا , حيث ان مراكز القوى السياسية .ان كانت من جبهة النظام أو من من جبهة المعارضة , هي مراكز تستمد قوتها السياسية من القبلية , ومن الطائفية السياسية التي تحكم مستغلة الطائفية , وتعارض الحكم بطائفية مماثلة , مراكز تحكم , على الأقل من جانب السلطة, بأحادية تدنت على الاحادية الحزبية وحتى على الاحادية الطائفية ,واستقرت في المستوى العائلي , الذي لايعرف الا الأفق المافياوي الهادف فقط الى النهب المادي والاستغلال الشخصي والاثراء الغير مشروع .
لايمكن تصور استقامة للأمور واحتراما للقانون , الا باحترام عامل الزمن الضروري من أجل تقويم الاعوجاج ومن أجل القيام بترية اجتماعية جديدة , والوقت ضروري للشفاء من كل هذه الأمراض , تعاف لايمكن له أن يتم كل ذلك خلال خمسة أيام , فالاعوجاج الذي اكتملت صورته خلال نصف قرن , يحتاج على الأقل الى نصف قرن من التقويم , وموضوع التربية يحتاج الى زمن أطول , ومن يطلب من أي حكومة جديدة , مايطلبه البعض من الحكومات الجديدة في ليبيا ومصر وتونس واليمن ,انما يريد ممارسة التثبيط ..التقدم يجب أن يكون ملموسا ومستمرا والخطوات الصغيرة الجدية أفضل من القفزات البهلوانية , التي قد تترافق مع نكسات وتراجعات مؤلمة جدا .
لاعلاقة للشفاء من العلل السياسية والاجتماعية مبدئيا وحصريا بالدستور الجديد , ولا بأي دستور آخر , وانما أولا بالتربية السياسية والاجتماعية , التي تتمخض عنها ممارسات , تستطيع تحويل جماعة ,من مجتمع (الدولة ) الى مجتمع (اللادولة) , وقد تحولت سوريا الى مجتمع (اللادولة) بفعل الفساد والتسلط ,الذي دعمته وسببته المادة الثامنة , التي قادت الى تفتيت كيان الدولة والمجتمع عن طريق الحربالأهلية , حيث انتهى بفعل هذه الحرب احتكار قيادة البلاد “المشروع” من قبل الحكومة , ففي سوريا الآن نوع مدمر من اللامركزية العنفية القسرية الاستقلالية , قسرا ..لاسلطة للحكومة في حمص ولا في الرستن وغيرهم من المناطق , ومن يظن على اني أروج بهذا الطرح الى ارسال العسكر والشبيحة لتأديب البشر واعادة النعاج الى السرب , فقد أخطأ , العودة غير ممكنة الا بعودة الأخلاق واحترام الدستور حيث تتحول اللادولة مجددا الى دولة .
موضوع همي ..همك ..ذو تعقيد آخر . فما هو همي , وما هو همك ؟, ولا يمكن أن يكون همي الأولي انقاذ النظام , وانما انقاذ سوريا أولا , وذلك لأني أولا مواطن سوري , وأخيرا قد أكون من أهل النظام , أو قد لا أكون . ولطالما همي هو انقاذ سوريا , التي دمرها النظام , فيجب أن أصب اهتمامي على اسقاط النظام أي السلطة , ومن الخطأ اسقاط السلطة بعد تسقط البلاد ..من جراء حرب أهلية مثلا , وانما يجب اسقاط السلطة من أجل احياء البلاد , وما سمعته وقرأته عن الدستور الجديد , لايمثل أقل من بداية سقوط السلطة , واذا صدق ماقيل عن الدستور الجديد الذي سنتعرف على مضامينه التفصيلية خلال أسبوع من الزمن , والذي يسمح بتربية سياسية واجتماعية جديدة , فيمكن اعتبار السلطة وكأنها قد سقطت , ومن معالم هذا السقوط الغاء المادة الثامنة الغاء تاما دون لف ودوران , من المعالم أيضا حصر مدة الرئاسة بدورتين , كل منهما سبع سنوات (من الأفضل على الأكثر خمسة سنوات ) , غير قابلة للتجديد , ثم عن الانتخابات ,وحماية التنوع الثقافي في المجتمع السوري , وسيكون هناك انتخاب وليس استفتاء , وأقل عدد مقبول للمرشحين هو مرشحان على الأقل , وعن دور الجيش ..الخ , فالجيش ليس كتائب الأسد وسوريا ليست سوريا الأسد . واذا تحقق عمليا جزء من الوعود ومن الطموحات الدستورية ,فتصبح السلطة بحكم ساقطة , لأن ماسقط يمثل أعتى ركائز سلطة اللادولة , هنا يمكن القول على ان الثورة قد نجحت نجاحا باهرا , وحولت اللادولة الى دولة , وهذا مايهمني أولا وأخيرا .