منّاعيّات

في الوقت الذي لم يُعر الاعلام العربي و العالمي اهتماماً بالغاً للاحداث في سوريا في شهرها الاول كان الوجه المعارض الابرز بلا إستثناء. كان حضوره مميزاً و كثيفاً في كافة النشرات الإخبارية و البرامج الحوارية المتعلقة بالشأن السوري على كافة المحطات الإخبارية الناطقة باللغة العربية شارحاً و موضحاً ما يحدث من احداث و انتهاكات ترتكب بحق المتظاهرين السوريين في منطقة حوران. واحد من قلائل المعارضين السوريين البارزين الذين قدموا واحداً من افراد عائلتهم شهيداً في سبيل الحرية. الناشط الحقوقي و الناطق بإسم اللجنة العربية لحقوق الإنسان و رئيس هيئة التنسيق الوطنية للتغيير الديموقراطي في المهجر الدكتور هيثم منّاع.

في شهر الانتفاضة الاول، اذكر جيداً كيف تعالت الاصوات تمجيداَ و مديحاًً بهيثم خصوصاً من ابناء محافظته الجنوبية الذين احسوا ان هناك صوتاً داعماً لهم يروج لقضيتهم و يعطيها بعداً سياسياً قبل ان تلتفت إليهم أنظار العالم.  بإختصار، الدكتور هيثم منّاع اضحى بطلاً وطنياً بإمتياز في نظر معظم المنتفضين، على الرغم من غلطته الشهيرة بعد الخطاب الأول للرئيس السوري عندما صرح عبر شاشة قناة الجزيرة انه رفض عروضاً لإدخال سلاح للثوار في محافظة درعا، في الوقت الذي كان كل من يدعم الإنتفاضة ينفي كل الاخبار المتعلقة بالتسلّح و حمل السلاح و مساعي النظام السوري الجاهدة عبر آلته الإعلامية إثبات انه يجابه عصابات مسلحة مزعومة.

إمتدت الثورة وعمّت مختلف ارجاء الارض السورية من اقصى الجنوب الى اقصى الشمال و بدأ العالم يسلط الضوء على احداثها بشكل يومي و مكثف و بدأت تتبلور معالم هيئات معارضة منظمة خادمة للحراك الثوري في الشارع السوري كانت هيئة التنسيق الوطنية للتغيير الديموقراطي في سوريا و التي ساهم المنّاع في تأسيسها و بلورة سياستها و عيّن رئيساً لها في المهجر واحدة منها.  في حينها، بدأت تطفو على السطح انتقادات عديدة موجهة لسياسة الهيئة و معظم شخصياتها بما فيهم هيثم منّاع بعد تصريحات اعتبرها الكثيرون تضرب الإنتفاضة في الصميم و تخدم النظام السوري اهمها كان عدم وضوح رؤيتهم بما يخص إسقاط النظام السوري بكافة رموزه متظمناً الرئيس السوري بشار الأسد و اختباءهم خلف مصطلحات مخملية لا تتناسب مع طبيعة الحراك الشعبي كمصطلح إسقاط النظام الأمني الإستبدادي.

أعطى تشكيل المجلس الوطني السوري برئاسة برهان غليون و الخلاف الذي حصل اثناء عملية تشكيله في الدوحة مع هيئة التنسيق الوطنية بعداً جديداً لدور هيثم منّاع في الإنتفاضة السورية. حيث ان المنّاع اطل علينا عبر قناة معادية للثورة السورية و حليفة للنظام السوري، قناة العالم الإيرانية الناطقة باللغة العربية، بعد تشكيل المجلس ببضعة أيام ليكيل التهم و الشتائم للمجلس و اعضاءه بما فيهم صديق الايام القليلة السابقة برهان غليون! واصفاً المجلس الوطني بالنادي الامريكي الغربي للمعارضة السورية، و ادعى من غير ادلة ان المجلس ممول من قبل جهات و مؤسسات امريكية و اوروبية. و في لقاء اخر عبر قناة اخرى، ادعى ان المجلس هو اداة تركية قطرية للتحكم و توجيه الإنتفاضة السورية و إبعادها عن مسارها الديموقراطي الوطني

منذ هذه الحادثة لاحظ الجميع ان الدكتور هيثم منّاع بدأ يعاني من نوع من أنواع الازدواجية في خطابه السياسي الذي من المفترض ان يعبر عن وجهة نظر هيئة التنسيق الوطنية السياسية كونه رئيساً لها في المهجر. فتارة راح يصرح انه يعادي الاعلام الخليجي ككل كون ان حكوماته ليست ديموقراطية و ان قنواته الاعلامية تحمل اجندات خليجية معينة و تارة اخرى نراه يدلي بالتصريحات عبر شاشة قناة الجزيرة القطرية التي اتهمها تحديداً بالتضخيم و التحريض في سياقات اخرى. و في جانب اخر، و خصوصاً بعد مطالب الجامعة العربية و المجتمع الدولي توحيد صفوف المعارضة في كيان واحد يعبر عن الثورة و الحراك الثوري، بدأ المنّاع يخفف من هجومه الشرس على المجلس الوطني، و يصرح تصريحات غزلية بحقه متناسياً حملات التخوين و اتهامات العمالة للامريكي و الغربي و التركي و القطري و حكايا التمويل الاجنبي التي لم ينسها احد الى الأن.

بالاضافة الى كل ما اسلفت، اتخذ الدكتور هيثم منّاع اسماً حركياً “شبلي شمايل” في موقع الحوار المتمدن ليهاجم خصومه الافتراضيين في المجلس الوطني السوري. شبلي شمايل ليس الا اسماً اخر للمنّاع يستخدمه للمهمات الهجومية او بمصطلح اخر “المهمات القذرة” في اغلب الحالات او ليدعم وجهات نظره و يمتدح نفسه في حالات اخرى!

كل هذه الامور انقصت من أسهم المنّاع في الشارع السوري المنتفض لدرجة دفعت بأهالي درعا للتبرأ منه و من تصريحاته علانية عبر لافتاتهم خلال التظاهرات خصوصاً بعد ان احتلال اسمه للاشرطة الاخبارية في قنوات النظام السوري الاعلامية التي تشن حملة شعواء على المجلس الوطني السوري الذي يشكل اكبر شريحة معارضة للنظام و يستمد مشروعيته من الشارع المنتفض نفسه و ضهوره المتكرر على قنوات تعادي الثورة السورية اهمها قناة العالم الايرانية.

لا أحد ينكر ان الدكتور هيثم منّاع كان خادماً مخلصاً لثورة الشعب السوري في بداية الامر، لكن مع كل هذه التحولات في طريقته في ابداء الرأي و ديموقراطيته التخوينية بحق كل من خالفه و اختلف معه في وجهات النظر تجعل المطالبين بركنه على الرف كُثر لانه  يضعف الثورة و يساهم بتفريق صفوفها في الوقت الذي يسعى الجميع لايجاد آلية توحيدية للصفوف المتفرقة اساساً.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *