تورط المخابرات الفرنسية في عملية اختطاف الإيرانيين الخمسة.
بثت قناة”الجزيرة مباشر” ، قبل أن تتبعها “الجزيرة” الرئيسية و”العربية”، شريطا للمهندسين والتقنيين الإيرانيين الخمسة المختطفين في سوريا من قبل “كتيبة الفاروق” في حمص ، التابعة لما يسمى “الجيش السوري الحر”. وزعمت القناة أنهم “ضباط من الحرس الثوري الإيراني”.
وقالت المحطة إنها حصلت على الشريط من “الجيش” المذكور. ويكشف الشريط واحدة من أكبر عمليات النصب والاحتيال المغرقة في غبائها وتفاهتها ، لدرجة أن “الجيش السوري “نفسه الذي يخطفهم
نشر الشريط على موقعه ، وكما يبدو من المقدمة الكتابية وصور ملالي إيران التي وضعت للشريط ، والتي ادعت أنهم “ضباط من الحرس الثوري الإيراني جاءوا لمساعدة نظام الأسد على قتل الشعب السوري”، فقد طالب الخاطفون القيادة الإيرانية بالاعتراف بأن هؤلاء من “الحرس الثوري” دون قيد أو شرط لكي يطلق سراحهم!
“ومن خلال مقارنة بسيطة مع الصور الرسمية للإيرانيين المختطفين ، وفحص بسيط للشريط ، اكتشفت أن هؤلاء هم أنفسهم المختطفون الإيرانيون الذين كان الملازم الأول الفار عبد الرزاق طلاس ، الذي ينشط في ” كتيبة الفاروق” التي اختطفتهم، قد صرح لمجلة ” باري ماتش “الفرنسية في الخامس من الشهر الجاري أن كتيبته مسؤولة عن اختطافهم ، مرفقا تصريحه بصورة له معهم !
ولكن قبل الكشف عن قصة ملابسات عملية الاختطاف والمداخلات الاستخبارية الفرنسية فيها ، وموقع استشهاد الصحفي الفرنسي جيل جاكييه في هذا السياق ، دعونا نتفحص الجوانب التقنية لما يظهره الشريط ( شاهد الشريط منشور في الأسفل، وقارن في نهاية هذا التقرير بين صور المخطوفين والصور الأصلية التي وزعتها الحكومة الإيرانية لهم الشهر الماضي والصورة التي نشرتها “باري ماتش”):
أولا ـ إن العدد الظاهر في الشريط خمسة ، وهو عدد المهندسين والتقنيين المختطفين نفسه. والشيء الوحيد الذي تغير في ملامح الخمسة هو أن لحاهم في الشريط طالت نسبيا . وهذا أمر طبيعي ، فهم مختطفون منذ أكثر من شهر( اختطفوا في 20 من الشهر الماضي) . وعند اختطافهم كانت لحاهم جميعا ، باستثناء واحد منهم ، طويلة نسبيا.
ثانيا ـ جرى إلباسهم ملابس سوداء بسبب الأساطير الشعبية المضحكة عن ارتباط اللون الأسود بالحرس الثوري الإيراني و مقاتلي حزب الله ، والشيعة عموما( هذه القصة تذكرنا بحكاية الحريري عن اضطرار وليد جنبلاط إلى سحب وزارئه من حكومته العام الماضي بعد أن استفاق ليرى “ذوي القمصان السود” من حزب الله منتشرين في شوارع بيروت!!). ومن الواضح أن الملابس جرى إحضارها لهم من قبل الخاطفين ، وإرغامهم على ارتدائها للتصوير، بالنظر لأن الصورة التي أعطاها الخاطفون لمجلة” باري ماتش” الفرنسية تظهر المخطوفين بلباسهم الذي كانوا يرتدونه لحظة اختطافهم!
ثالثا ـ وضع الخاطفون رشاشا وسط المختطفين للإيحاء بأنهم مسلحون . وهي حركة صبيانية غبية ومضحكة . لأن الأسرى ، حتى لو كانوا عسكريين بالفعل، ليس مهما أن تكون أسلحتهم معهم عند تصويرهم!
رابعا ـ جرى إعطاء المختطفين أسماء أخرى غير أسمائهم الحقيقية . وقد تولى واحد منهم الحديث ، تحت الضغط كما هو واضح ، دون أن تجري ترجمة ما يقوله! هذا بينما بقي الآخرون صامتين!؟
خامسا ـ رغم أن الخاطفين عرضوا صورا عن جوازات سفر المختطفين، فقد تعمدوا عدم إظهار الكتابة عليها بشكل واضح ، وبحيث لا يمكن قراءة الأسماء ! والشيء الوحيد الذي كان واضحا نسبيا هو “تأشيرات ( أختام) دخولهم” من مطار دمشق الدولي في أوقات مختلفة من العام الماضي.
سادسا ـ زعم الخاطفون أن عدم وجود تأشيرات دخول ( فيزا) سورية على جوازات السفر ، هو ” برهان على أنهم دخولوا بطريقة سرية وغير نظامية لإخفاء الأمر”! ويشكل هذا الادعاء السخيف واحدا من قرائن الجهل والغباء والضحالة التي تجتاح صفوف المعارضة السورية ، على اختلاف مستوياتها ، حتى بمسائل إدارية بسيطة. فهؤلاء المغفلون لم ينتبهوا إلى أن سمات / تأشيرات الدخول ( الفيز) انتهى العمل بها بين البلدين ، ومعهما تركيا، منذ مطلع العام 2011 ، أي قبل أكثر من عام ، وأصبح بإمكان مواطني الدول الثلاث التحرك فيما بين هذه البلدان دون ” فيزا” مسبقة. والتاشيرة الوحيدة التي يحصل عليها المسافر من هذه البلدان إلى البلدين الآخرين هي ختم جوازه في المطار أو على نقطة الحدود التي يعبر منها.
سابعا ـ ذروة الغباء الأخرى في ادعاءات الخاطفين هي أنهم أظهروا جوازات سفر هؤلاء! لأن المقاتلين في الحرس الثوري ، أو من حزب الله ، لن يحملوا جوازات سفرهم عندما يأتون للقتال في سوريا أو غيرها ، ويكونون مهددين بالاختطاف ، وبالتالي افتضاح القصة! وهؤلاء الخاطفون على درجة من السذاجة بحيث أنهم لا يعرفون شيئا عن آلية عمل “الحرس الثوري” ! تصوروا أن “الحرس الثوري” يرسل مقاتلين إلى أماكن يكونون مهددين فيها بالاعتقال بجوازات سفر حقيقية مفضوحة ولا يعرفون لغة المنطقة التي ذهبوا إليها!؟ ( الشريط يذكر بحكاية ” الطاهرة الشريفة” في برنامج ” البرنامج ” الساخر الذي يقدمه المصري الموهوب باسم يوسف ، والتي رأت “الحرس الثوري” يخرجون البحر وسط القاهرة لدعم الثوار ضد مبارك! وإنها لمفارقة مذهلة في سخريتها أن “الجزيرة مباشر” التي أجرت المقابلة مع “الشريفة الطاهرة” المشعوذة ، وأخذتها على محمل الجد، هي نفسها القناة التي كان أول من روّج لهذا الشريط المفبرك! ).
ثامنا ـ مع ذلك هناك ما هو أكثر غباء في الادعاء بأنهم من الحرس الثوري. فقد أشار الخاطفون إلى أن جوازات سفر المخطوفين موقعة من قبل معاون قائد قوات الشرطة في إيران. واعتبروا أن هذا “دليل” على أن هؤلاء عسكريون من “الحرس الثوري”، دون أن ينتبهوا إلى أن هناك 70 مليون إيراني جوازات سفرهم موقعة من قبل معاون قائد الشرطة الإيرانية. فنظام إصدار الجوازات في إيران لجميع المواطنين يقضي بأن يوقع قائد الشرط أو نائبه على جواز السفر. وهذا ما نراه أيضا على جوازات السفر السورية التي يوقعها وزير الداخلية أو من ينوب عنه ( اللواء مدير إدارة الهجرة والجوازات أو العميد رئيس فرع الهجرة والجوازات في المحافظة المعنية). وهو ما يعني ـ وفق التفسير الغبي للخاطفين ـ أن كل سوري يحمل جواز سفر هو “عضو في الأمن الداخلي السوري”!!
تاسعا ـ منذ بدء الانتفاضة في درعا ، الربيع الماضي، سمعنا ( بفضل المعتوه مأمون الحمصي ورفيقه البروفيسور العبقري عبد الرزاق عيد) عن اعتقال عناصر من “الحرس الثوري” في درعا . وقد وعد ناشطو ” التنسيقيات” مرارا وتكرارا على شاشة “الجزيرة” و”العربية” بأنهم سيظهرون صورا لهؤلاء قريبا . وبعد عشرة أشهر لم نزل ننتظر هذه الصور! لكن ، وكما يبدو ، جاء اختطاف هؤلاء المهندسين والتقنيين العاملين في مشروع توسيع “محطة جندر” لتوليد الكهرباء، كـ” رزقة من الله” لتبرير أكذوبة وجود مقاتلين من “الحرس الثوري” يشاركون في قمع الشعب السوري . ولكنها ” رزقة ” سامة لأصحابها قبل غيرهم ، و للإعلام الهستيري السخيف الذي حرص منذ البداية على وضع الانتفاضة السورية في سياق “الصراع” المذهبي السني ـ الشيعي في المنطقة. وهو ما يحرك الإعلام الخليجي القذر ، وجمهوره من المعارضة الأميركية ـ الخليجية في سوريا ، منذ بداية الانتفاضة حتى اليوم! ويوم أمس أقدم مجرمو الجاسوس رياض الأسعد على اختطاف 11 حاجا إيرانيا بينما كانوا في طريقهم من حلب إلى مقام السيدة زينب في دمشق ، المقدس عند الشيعة والمسلمين عموما . وقد حصلت عملية الاختطاف على الطريق الموصل ما بين حلب وحماة . ومن المؤكد أننا سنرى هؤلاء المغدورين على شريط مسجل قريبا تبثه “العربية” و”الجزيرة” ، وغيرهما من وسائل الإعلام الأسود ، وهم ” يعترفون بأنهم قناصون من الحرس الثوري الإيراني”. فالأحمق يمكن أن تتوقع منه كل شيء!
ولكن ما هي قصة اختطاف هؤلاء المهندسين والتقنيين، وما هو دور المخابرات الفرنسية في كل ما جرى ويجري لهم!؟
في 28 تشرين الثاني / نوفمبر الماضي ، كشفت صحيفة ” لوفيغارو” الفرنسية أن المخابرات الفرنسية تقدم مساعدات لمسلحي ما يسمى “الجيش الحر” في شمال لبنان وفي حمص ، بما في ذلك معلومات عن تحركات الجيش السوري عبر الأقمار الصناعية ، وأجهزة تصويب ليلية ( مناظير تعمل بالأشعة تحت الحمراء) ، و تساعدهم من خلال المهربين على إدخال السلاح إلى الداخل السوري. وقد جاءت تقارير لاحقة لعدد من الصحف والمجلات ومراكز الأبحاث الغربية لتؤكد ذلك . ولعل أبرزها ما نشره مركز “ستراتفور” الاستخباري الأميركي وما قاله مؤخرا ضابط وكالة المخابرات المركزية الأميركية السابق فيليب جيرالدي لمجلة ” أميركان كونسيرفاتيف” عن تورط قوات خاصة أميركية وفرنسية وبريطانية في قيادة عمليات “الجيش الحر” داخل الأراضي السورية. وغني عن البيان أن ” كتيبة الفاروق” ، التي خطفت هؤلاء الإيرانيين ، وتحتفظ بهم الآن ، هي من يقوم بجميع عمليات “الجيش الحر” الإجرامية في حمص ومحيطها. وهي المعنية بتلقي المساعدات الاستخبارية الفرنسية التي تحدثت عنها “لوفيغارو”.
في 11 كانون الثاني / يناير الجاري ، أقدم مسلحو ” كتيبة الفاروق” على اغتيال الصحفي الفرنسي جيل جاكييه بقذيفة “مورتر”(هاون) ، كما أكدت صحيفة ” لوفيغارو” نفسها ، وكما أكد لاحقا تقرير المراقبين العرب الذي قدم لجامعة الدول العربية قبل أربعة أيام. لكن ما جرى له ولزملائه الصحفيين الفرنسيين الآخرين بعد عملية الاغتيال يستحق التأمل ، فهو أشبه بفيلم هوليودي. فبعد أن نقلت السلطات الصحية في حمص جثمان الصحفي المغدور إلى الطبابة الشرعية في المشفى، توجه السفير الفرنسي في دمشق ، إيريك شوفالييه، بسرعة البرق إلى المشفى في حمص وقام بـ”سرقة” جثة الصحفي المغدور ونقلها إلى مطار دمشق الدولي وإرسالها إلى فرنسا فورا حتى قبل أن يتمكن طاقم الطبابة الشرعية السورية من تفحصها وإعداد تقرير بشأنها . وهو عمل قرصني بامتياز، بالنظر لأن السلطات السورية ، وحسب القانون الدولي والمحلي ، هي المعنية وصاحبة الحق بفحص الجثة من قبل الطبابة الشرعية وإعداد تقرير مفصل عن الواقعة قبل تسليمها إلى الدولة المعنية ، إذا كان الضحية أجنبيا. هذا فضلا عن كونه عملا مثيرا للشبهة يوحي بأن السفير أراد أن يخفي شيئا ما!؟ ولم يكتف السفير بذلك، بل أقدم على سحب جميع الصحفيين الفرنسيين الموجودين في حمص ووضعهم في السيارات المصفحة لموكبه ونقلهم إلى دمشق بصحبة جثة زميلهم. وكان لافتا أنه رفض نقل مراسل “وكالة الصحافة الفرنسية” جوزيف عيد مع زملائه الآخرين ، رغم أنه الصحفي “الحقيقي” الوحيد الذي كان هناك ، والذي لا يمكن الشك بهويته المهنية ، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن الصحفيين الفرنسيين الآخرين الذين سحبهم السفير ” مشكوك في أمرهم وأمر وجودهم في حمص”!؟
هذا الشك ليس وليد تصورات أو خيالات أو عقلية ” مؤامرة”. والدليل على ذلك الواقعتان التاليتان:
1 ـ الواقعة الأولى ، وطبقا لما أفادنا بذلك صحفي في “القناة الثانية” الفرنسية (القناة التي يعمل فيها جيل جاكييه ، وهي بالمناسبة معروفة بأنها قلعة إعلامية للوبي الإسرائيلي في فرنسا) ، حصلت الشهر الماضي ، حين تقدم جاكييه بطلب إلى السفارة السورية في باريس للحصول على ” فيزا” لتغطية الأحداث في سوريا. وكان لافتا أن طلبه أرفق بمطلب يعبر عن عنجهيته وصلفه الكولونيالي ، حيث اشترط أن تسمح له السلطة السورية بمقابلة ضباط “الفرقة الرابعة” و ” مرافقة الفرقة في عملياتها القمعية في المحافظات”! وهو طلب أجمع زملاؤه الذين يعرفونه ، والذين تحدثنا إليهم ، على أنه طلب “غريب ومثير للشبهة ، ولا يمكن أن تقبل به أي دولة في العالم ، بما في ذلك دولته نفسها ، فرنسا”.ويؤكد المصدر أن المغدور ” كان في الواقع عميلا لجهاز المخابرات الخارجية الفرنسية أكثر من كونه صحفيا ، وكان مكلفا من قبل الجهاز المذكور الاتصال بمسؤولين محددين من ” كتيبة الفاروق”في إطار عمل استخباري لا علاقة له بمهنته).
2 ـ الواقعة الثانية تتصل بزوجة المغدور جاكيه . فقد كشف مصدر في مجلة ” باري ماتش” لـ”الحقيقة” أن زوجته، كارولين بوارون Caroline Poiron ، وهي المصورة المعتمدة للمجلة المذكورة ، كانت “أرسلتها المخابرات الخارجية الفرنسية مطلع الشهر الجاري سرا ، بطريقة التسلل من شمال لبنان، إلى سورية ، بهدف مقابلة الملازم الأول عبد الرزاق طلاس والحصول على صورة تثبت أن الإيرانيين المختطفين لديه لمّا يزالوا على قيد الحياة”!؟
هذا المصدر ، الذي أكد لنا هذه المعلومات ، كان اكدها أيضا في رسالة خاصة بالبريد الإلكتروني أرسلها في 17 من الشهر الجاري لصديق له يعمل في أحد مراكز الأبحاث في لندن ( انظر صورة طبق الأصل عن الرسالة منشورة جانبا). وبحسب هذه الرسالة ، فإن اتصالات سرية جرت بين إيران وفرنسا للمساعدة في إطلاق الرهائن الإيرانيين، لأن إيران تدرك جيدا أن الجهة الخاطفة (“كتيبة الفاروق”) تعمل بإنرة المخابرات الفرنسية . وقد قبلت فرنسا القيام بهذه الوساطة نظرا لأنها الجهة الوحيدة التي لها علاقات مع “كتيبة الفاروق” ، ولأنها كانت تخشى إقدام إيران على الانتقام من الفرنسيين عبر استهداف جنودها في جنوب لبنان! وتشير الرسالة إلى أن المصورة كارولين ” سبق لها أن قامت بمهمات مماثلة لصالح المخابرات الخارجية الفرنسية في ليبيا أيضا خلال الحرب التي شنها الحلف الأطلسي على نظام القذافي الصيف الماضي”. وكان لافتا أن الصورة الوحيدة التي أثبتت أن الإيرانيين الخمسة المختطفين لا يزالون على قيد الحياة هي الصورة التي نشرتها “باري ماتش ” ، والتي التقطتها كارولين بنفسها في أحد الأماكن السرية التي يقيم فيها عبد الرزاق طلاس في حمص!؟
ليس هذا كل شيء. فبحسب معلومات حصرية حصلت عليها “الحقيقة” من باريس ، استمرت المفاوضات غير المباشرة بين سوريا وإيران من جهة ، و فرنسا من جهة ثانية ، خلال الأيام القليلة الماضية. إلا أن تعثر المفاوضات ، ورغبة الفرنسيين في استخدام الرهائن الخمسة “للابتزاز السياسي” ، دفعت جهة في المخابرات الخارجية الفرنسية ليس فقط إلى تحريض ” كتيبة الفاروق “التي تعمل بإمرتهم على فبركة الشريط المنشور يوم أمس والزعم أنه لمقاتلين من “الحرس الثوري”، بل إلى تحريض “الجيش الحر” على المزيد من عمليات الاختطاف للرهائن الإيرانيين ” لأنها الطريقة الوحيدة للضغط على طهران في الملف السوري ، والطريقة التي يمكن أن تؤلب الشارع الإيراني والمعارضة الإيرانية ضد حكومتهم على خلفية التزامها العنيد في دعم نظام الأسد ” ، كما يقول صحفي فرنسي يعمل في صحيفة ” ليبيراسيون”. وهذا ما يقودنا مباشرة إلى القرينة الأكثر دلالة ، وذات المغزى العميق.
هذه القرينة ، والتي تتقاطع تماما مع مطلب المخابرات الفرنسية من “الجيش الحر” ، جاءت في سياق ما كان كشفه لنا ضابط يعمل قريبا من العميل رياض الأسعد قبل حوالي أسبوعين . ففي تقرير نشرته “الحقيقة” بتاريخ 13 من الشهر الجاري ، كشف لنا الضابط أن رياض الأسعد اتفق مع برهان غليون ، خلال اجتماعهما في استانبول في 12 الشهر الجاري ، على اختطاف إيرانيين من الحجاج إلى العتبات الشيعية المقدسة في سوريا ، ورعايا إيرانيين آخرين ، فضلا عن لبنانيين شيعة من التجار والطلاب ، ومن رعايا الجالية الروسية، بهدف مبادلتهم بضباط وعسكريين وسجناء سياسيين في المعتقلات السورية ، والضغط على الحكومتين الإيرانية والروسية للتخفيف من تصلبهما في دعم النظام السوري . هذا بالإضافة إلى تصوير هؤلاء في أشرطة تظهرهم وهم يدلون بـ”اعترافات” أنهم من ” الحرس الثوري “الإيراني و ” عناصر حزب الله الذين يمارسون قمع المظاهرات في سوريا”!؟
مقابلتنا مع الضابط نشرت في 13 من الشهر الجاري ، أي قبل أكثر من أسبوعين على بث الشريط واختطاف الـ 11 حاجا إيرانيا يوم أمس! فهل ثمة قرينة أقوى من ذلك على السلوك الإجرامي والبلطجي الذي بات يطبع ليس مسلحي رياض الأسعد فقط ، بل أستاذ السوربون الجليل أيضا ، الذي باتت هوايته المفضلة هي البول في ملابسه … نكاية بالطهارة!؟