حتى بعد أن ماتت العروبة وأماتت غيرها قبلها , اراد الرئيس في خطابه لها اليقظة مجددا , غير أبه بما جنته العروبة من آثام وممارسات عنصرية .. فالعروبة حسب قناعة الرئيس , هي الوطنية , مشددا على العلاقة بين العروبة والوطنية ..علاقة ضرورية للمستقبل , والعروبة هي انتماء لاعضوية وهي شهادة يمنحها التاريخ لا شهادة تمنحها منظمة , العروبة هي شرف يتمثل بالشعوب العربية وليست عارا يحمله البعض من المستعربين على الساحات السياسية في العالم أو في الوطن العربي ..ثم تابع الرئيس قوله قائلا , لايوجد في سوريا الا عربا !!!وهنا أريد مقاطعة السيد الرئيس بحزم وتصميم ..نعم يوجد في سوريا من هو ليس بالعربي ..شاء السيد الرئيس أم أبى …لبشار الأسد الحق أن يقول مايريد , وان يدعي انه لايوجد في سوريا الا عربا , الا أنه لاحق للرئيس السوري أن يلغي وجود الآخر , ومن واجب الرئيس السوري الالمام بمغبة ادعائه هذا , في هذه العبارة تطاول لامثيل له على وجود وكرامة الفئات القومية الأخرى …ثم ان العروبة ليست كما يدعي بشار الأسد هي الشيئ المشترك بين القوميات المختلفة التي تتواجد على الساحة السورية , العروبة هي قومية متعثرة ومتواجدة الى جانب قوميات أخرى في الوطن السوري , والعروبة ليست قاسما مشتركا بين هذه القوميات .
لا أظن على أن بشار الأسد يدرك تماما ماقاله بخصوص عدم وجود الا العرب في سوريا ,ماقاله لاينم عن انتقاء موفق لبعض العبارات , التي يجب عدم أخذها مأخذ الجدية التامة …في الخطاب الغير مقتضب يوجد الكثير من الأشياء التي يصعب فهمها كسؤاله , من قال اننا نتحدث عن عرق عربي ؟ …فآخر شيئ في العروبة هو العرق , ومن كلامه نفهم ان العروبة عرق الا أن العرق هو آخر شيئ بها ..كلام , وليس الا كلام !
لقد أتى العرب وبالتالي العروبة من الجزيرة العربية , من القبليةوالعشائرية , وهي بشكل أو بآخر استعمار استيطاني , اجبر البشر على اعتناق دين آخر وبحد السيف , ,وأسس الخلافة المشؤومة , حيث لم يمت خليفة موت ربه ..بحد السيف أيضا , ورسخ الفردية القبلية , التي لاتزال تغتال العقل وكرامة الانسان حتى يومنا هذا ..الفردية القبلية التي تعادي كل تفكير ديموقراطي حديث , الفردية القبلية التي لاتزال تحول رئيس جمهورية الى زعيم فئوي بعقلية بدوية ..الى زعيم عشيرة يورث بعد مماته اولاده ..ان لم تنقش مع الأول فيأتي الثاني ..
لقد أخذت العروبة أكثر مما يلزم من الثقة بها وبقدرتها على تحديث المنطقة ..أرادت الوحدة , فأنتجت الشقاق ..أرادت القوة , فأنتجت الضعف , ارادة الاستقرار , فأنتجت التشتت , أتت بالسروال والعباءة وبقيت كذلك .
باستطاعة المنهجية القبلية العربية تنظيم أمور القبيلة , الا أنها لاتستطيع تنظيم أمور الدولة الحديثة , خاصة عندما تتألف هذه الدولة من مكونات شعبية متعددة , القبلية لاتعترف بالأخر المساوي لها في الحقوق والواجبات , لاتعترف الا بوجودها وبسوطها وسطوتها ..لايوجد في سوريا الا عربا !!!
لايقتصر الانتاج السياسي البدوي على الرؤساء-الملوك وعلى عملية التوريث , وانتما يتعدى ذلك الن تخريب العقل والفهم , فمصدر نظرية المؤامرة هو مصدر بدوي , والطريقة التخوينية في التفكير ذات مصدر بدوي , وعلاقة العروبة الحميمة مع الدين ورجاله ذات مصدر بدوي , البدوي يحمل السيف بيد وباليد الأخرة الرسالة , وقد كان الرئيس بشار الأسد وصف هذه الحالة بالقول “الوطن العربي يرتكز ببنيته الاجتماعية على دعامتين قويتين متكاملتين بأبعادهما الحضارية هما العروبة والاسلام” , وهنا أخطأ الرئيس خطأ كبيرا فلا العروبة هي ركيزة حضارية , والتطرق الى مذهب واحد هو أمر مؤلم بانسبة للمذاهب الأخرى ..الحضارة في هذه البلاد لم تبدأبالاحتلال الاستيطاني الاسلامي العربي , وانما بدأت الحضارة السورية وأنتجت وازدهرت قبل الاسلام بألاف السنين ,ألا يعرف سيادة الرئيس هذه الأمور التاريخية؟؟؟واذا كان يجهلها , فلماذا يتطرق لها بهذا الشكل المفجع الموجع ؟؟؟