الأمن ..أمن السلطة أم أمن المواطن

الرئيس قال في خطبته الأخيرة ان الدولة تعيد ترتيب أولوياتها في حالة الحرب أو المجابهة , وبعد أن اعاد الرئيس ترتيب اولوياته أكتشف على أن استعادة الأمن هي الأولوية القصوى والأولى , ثم قال الرئيس ان الأمن الذي يريد استعادته , هو الأمن الذي كان ميزة لنا ,ليس فقط في منطقتنا فحسب بل على مستوى العالم , وهذا لايتحقق الا بضرب الارهابيين بيد من حديد ..فلا تساهل ولا مهادنة مع الارهاب ولا تهاون مع من يستخدم السلاح الآثم لاثارة البلبلة والانقسام ولا تساهل مع من يروع الآمنين ولا تسوية مع من يتواطأ مع الأجنبي ضد وطنه وشعبه .

هذه هي نظرة الرئيس , التي لا أستطيع تفهمها فكيف مع تبنيها , الرئيس يفهم موضوع الأمن بشكله المختذل المبسط , فهم الشرطي له ..ومن هذا الطرح يمكن فهم مايلي ..الأمن يتطلب رجال أمن يضربون بيد من حديد على من يخالف قواعد الأمن التي يراها الشرطي أو رئيسه أو رئيس رئيسه ضرورية . وعلى هذا الشكل المبسط يمكن اطلاق اسم الأمن “الفيزيائي ” الذي لايمثل مايسمى الأمن “الاجتماعي السياسي ” , حتى وان كان الأمن الفيزيائي جزءا من الأمن الاجتماعي السياسي .

القول ان الأمن كان مستتبا في الماضي , هو قول مأزوم وبدائي , وذلك لأن الانسان السوري لم يكن محميا في نصف القرن الأخير من السرقة او الاستهانة بكرامته , ولم تكن له حماية ضد استباحة حريته وديموقراطيته وصوته الانتخابي , الذي زور وأغتصب , ولم يكن للمجتمع السوري في غياب الديموقراطية , ذلك الغياب التام الذي اعترف به الرئيس , اي ارادة , والأمن لايتحقق الا بارادة المجتمع ..الأمن هو أحد مكونات العقد الاجتماعي , وله مكونات عدة ..مكون نفسي واقتصادي وسياسي , فلا أمن في البلاد عندما تسرق طغمة من الصوص رزق المواطن , ولا أمن في البلاد عندما توصف الجمهورية السورية بحق على أنها جمهورية الخوف , ولا أمن في البلاد في ظل نظام قمعبي مستبد , ثم انه لا أمن في البلد في ظل طائفية عنصرية أو في ظل استغلال طائفة معينة .. طائفة الحماية من الطوائف الأخرى ..طوائف “المحميات ” في أحسن الأحوال, المجرم الذي يلاحقه القضاء لايهدد أمن بلاد , وانما من هدد ويهدد أمن البلد هم مجرمي أجهزة المخابرات الذين لايجرأ أي قضاء على ملاحقتهم , والذين يسمون زورا أجهزة أمن ..انهم أجهزة الاجرام ,وعددهم في البلد لايقل عن 250000 مخبر وارهابي , مهمتهم أمن السلطة وليس أمن المواطن , ذلك المواطن الذي عليه ايضا تحمل مصاريف علفهم ..عليه أن يبني لهم القصور , وعليه أيضا وضع مفرزة من الخدم العساكر تحت تصرفهم , كما انه على المواطن تأمين الأرصدة لهم في البنوك , وتأمين الجواري لهم , لكي لا تتوه حيواناتهم المنوية في فرج ممتهنات الدعارة المأجورة , لذا حولوا النساء الى عاهرات , وعندما يستطيب الدكتور رفعت مناكحة صبية راقت له يجري اختطافها ليفعل بها مايفعله حيوان كاسر .. هذا مثل فقط , ومن أمثال هذه الحيوانية فحدث ولا حرج .

لم تنعم سوريا بالأمن , وانما ابتلت بالاستباحة ,ان كانت استباحة اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية , ولا أستطيع فهم حديث السيد الرئيس عن استتباب الأمن في البلاد , كما أني لا أستطيع فهم حديث الرئيس عندما يتكلم عن أولوية اكتشفها , وهي أولوية تأمين الاستباحة بالبندقية والسوط .

التطرق الى موضوع الأمن جاء في سياق الحديث عن الاصلاح , ومن الصعب تصور ” اصلاح ” يتضمن هذا المفهوم الأمي عن الأمن , واذا فكرنا بالأمور الأخرى ان كانت سياسية أو اقتصادية ..الخ نجد نفس المنطقية الأمية , لذا لا اصلاح من خلال سلطة لاتعرف كيف تصلح , ولا اصلاح من خلال سلطة لايناسبها الاصلاح , واذا كان للاصلاح اولوية , فهي أولوية اسقاط السلطة , ومن أفسد لايصلح !

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *