لاشكك بأن القارئ سيعجب من صيغة العنوان , لذا اقول بسرعة , على أن هذا العنوان هو عنوان مقالة كتبها باسل ديوب بتاريخ 20-10-2004 ونشرها في كلنا شركاء , وقد وقعت عيني عليها عند تصفحي للدفاتر القديمة . التي وجدت لها تكرارا لافتا للنظر هذه الأيام ..يكفي تغيير تاريخ مقالة من عام 2004 أو 2005 , وتشعر وكأنها كتبت يوم أمس ..نفس المشاكل ونفس الطروحات , وذات الكذبات ..
ملخص الأمر هو موضوع جامعة حلب ونشطاتها وعلاقة كل ذلك بحزب البعث ورقابته وموفقاته وطرق عمله , فالحزب لم يكن راضيا عن النشاطات المستقلة للطلاب , الذين ارادوا , كمواطنين طموحين , تخليص الأمة من براثن النفق الطويل الذي دخلت به ..انكسار ..هزيمة ..
لقد حاول الطلاب ولوج العمل السياسي وفق تصورات أولية وبسيطة عن الواقع الوطني وتعقيداته , ومع دعوة الاصلاح التي أطلقها خطاب قسم السيد الرئيس , وذلك دون أن يتأثر الطلاب بما قامت به السلطة من اغلاق للمنتديات وتضييق على الناشطين بما في ذلك الاعتقال والمحاكمات , والمقال تضمن توصيفا لما ذكرته عن المضايقات والمحاكمات .لتصاعد الحراك الطلابي الذبي أخذ شكل اعتصامات ومعارض وحفلات , كانت هناك ردود فعل متفاوتة من قبل السلطة .. من تضييق ومنع من الكلام وحتى الاعتداء بالضرب واتهامات رخيصة مبتذلة بالعمالة الى أمريكا , والتلويح بالفصل في أكثر من مرة مع استدعاءات أمنية متكررة .
بعد سنوات طويلة من الصمت القاتل , الذي لاتخرقه سوى أصوات الطلاب الأكراد بمطالبهم المعروفة , لدرجة يظن أن السياسة تقتصر على أوساط الأحزاب القومية الكردية , ارتفعت أصوات الطلاب السوريين في المؤتمرات بخطاب وطني واضح شامل وهادئ , خطاب طالب بوقف العمل في القوانين الاستسنائية والسماح بالعمل السياسي ضمن الجامعة على أساس وطني واطلاق الحريات العامة والصحافة واصلاح القضاء وعلى المستوى الجامعي مكافحة الفساد في الجامعة , ودعم البحث العلمي والتنويه الى الأخطار الى تهدد الطلاب , منها الدفع باتجاه الغاء مجانية التعليم وخصخصته .
ردة الفعل كانت غاية في الاعراض عن سماع الطلبة , وظهر للطلاب ان النشاط الرسمي المعاكس قد وحد مطلبه فقط بالغاء الاعتصام تحت طائلة ما لاتحمد عقباه , وان قضية الطلاب لاتهمهم , بقدر مايهمهم منع الاعتصام , وما الحوار المزعوم الا حجة مردودة , فمن يريد الحوار لايضرب طرف الحوار الآخر عندما يستوضح عن ماهيته وتوقيته ويطلب ابعاد المشمرين عن سواعدهم عدة امتار عن رؤوس المعتصمين .. وكانت المواجهة في ساحة الجامعة ,الاعتداء والاعتقال ثم الفصل من الجامعة ثم التحقيقات واحالة البعض الى التأديب والفصل من اتحاد الطلاب والانذار لكل من شارك بفاعلية في النشاط الطلابي منذ سنتين وتجرأ على الكلام في المؤتمرات .
الهدف كان واضحا , هو قطع الطريق على أي حراك طلابي ووأده في المهد عبر ابعاد الأكثر فاعلية عن الجامعة والمؤتمرات الطلابية منعا لأي احتجاج مستقبلي على قرارات لاتنأخذ مصالح الطلاب بالحسبان , كان آخرها الرفع الصاروخي لرسوم السكن الجامعي .
الطلاب معنيون بالدفاع عن الوطن وعن حقوقهم الاأساسية , وما قاموا به لايخرج عن هذا الاطار ,لايعنيهم كثيرا تعديل المادة الثامنة , بقدر ما يعنيهم احترام الدستور الذي ينص على أن التعليم حق من حقوق المواطن , وهو مجاني في كافة مراحله .
وبهذا يغدو كالام المسؤولين عن أن سقف العمل السياسي المقبول هو العمل من داخل النظام فقط مع رفض العمل من خارجه الذي يتضمن تغييره , لامعنى له فسواء هذا أو ذاك فالعمل ممنوع والا كيف نفسر الامعان في عقاب الطلاب بالفصل والسجن والتضييق , وهذا هو الفضاء (الهائل ) الذي عمل فيه الطلاب قبل أن تنفتح أبواب جهنم عليهم بسببه , وهم لايطلبون الا حرية الكلام والاجتماع واصلاح اتحادهم وتمثيلهم بشكل حقيقيق , وجعل الجامعة واحة للحرية ومكانا للتجربة الديموقراطية , التي الا تحتمل التأجيل , فالتدييات تتعاظم , والصمت الذي عاد الى الجامعة بعد هذه الاجرءات لايصب الا في طاحونة الأعداء .
انها حالة موات رهيبة , …نريد الحوار بصدق حوارا عقلانيا ديموقراطيا مفتوحا للجميع.
لقد كان هذا اختصارلمقال السيد باسل ديوب من عام 2004 , حاولت أن أقدم أكثر المقاط التي أشعر انها مهمة.
مرت السنين , وكل البشر يتقدمون الا نحن , اننا نتحرك الى الوراء , ولا أظن على أن أي نشاط جامعي من هذا القبيل هذه الأيام يمكن له أن يتطور بالشكل الذي تطور به العمل الجامعي قبل ثماني سنوات ..نشاط من هذا القبيل يترافق هذه الأيام مع لعلعة الرصاص ومع القتل ..اننا في عصر الشبيحة ياشباب ..انتبهوا