أزمة سوريا , ورقة”تدويل” تسبق تقرير المراقبين العرب

تصاعدت وتيرة الحديث عن ضرورة نقل الملف السوري إلى مجلس الأمن الدولي أمس، استباقاً لتسلم لجنة المبادرة العربية تقرير بعثة المراقبين ودراسته في اجتماعه المقرر غدا، بين وزير الخارجية التركي أحمد داود اوغلو الذي أكد أن بلاده ستؤيد ذلك في حال فشلت المبادرة العربية، والمجلس الوطني السوري الذي أرسل وفدا إلى القاهرة حاملاً معه طلب تحويل الملف إلى مجلس الأمن لفرض «منطقة حظر جوي»، والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي أشاد بـ«العمل الشجاع» للجامعة العربية ودعا مجلس الأمن إلى «مساعدتها».
من جهته، قال مستشار المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي أكبر ولايتي إن سوريا تتعرض لـ«مؤامرة دولية» لكنها ستتجاوزها، مضيفا «تجاوزت سوريا عنق الزجاجة»، ومؤكدا أن سوريا تشكل «خطا أحمر» بالنسبة لطهران التي «لن تسمح بإسقاطها»، وأن تلك المحاولات هي كالسعي خلف السراب والوهم. كما اتهمت ايران دولا على رأسها فرنسا بإرسال السلاح إلى داخل سوريا.

المبادرة العربية والتدويل
وأكد وزير الخارجية التركي أحمد داود اوغلو أن بلاده ستؤيد التوجه للأمم المتحدة «إن لم تنجح مبادرة الجامعة العربية واستمر القتل في سوريا لأنه لا بد من التوصل إلى حل للوضع السوري». واعتبر داود اوغلو، في حديث لقناة «العربية»، أن «الأمم المتحدة هي الهيئة العليا الممثلة للمجتمع الدولي، وأنه في الحالات التي تسجل فيها معاناة إنسانية، فإن على المجتمع الدولي بأكمله التعاون من أجل وقف المعاناة». وأكد داود اوغلو أنه طلب من الإيرانيين أثناء زيارته الأخيرة إلى طهران «أن ينصحوا أصدقاءهم في النظام السوري بتغيير أسلوبهم في التعاطي مع الاحتجاجات في بلادهم»، مشيرا إلى أنه « طلب هذا من الروس أيضاً».
وتابع داود أوغلو قائلا «لا نستطيع أن نصمت إزاء ذلك، فهذه قضايا حقوق إنسان ولا يمكننا التغاضي عنها بحجة أنها شؤون داخلية بحتة». واعتبر أنه «على رغم الخلفية الطائفية للإدارة السورية والتنوع الطائفي في سوريا، إلا أننا لم نر أي اختلاف بين السوريين مبني على هذا الاختلاف الطائفي حتى هذا العام عندما بدأت الإدارة السورية بضرب المدنيين والصراع ضد الشعب»، مشيرا إلى أن «المشكلة في سوريا ناتجة عن الحكم الفردي وهي مشكلة بين نظام الحكم الفردي والشعب».
ولفت داود أوغلو إلى أن «تركيا لا ترى أي سمات لانقسام طائفي، ولكن برغم ذلك هناك تهديد بتحول الأمر إلى انقسام طائفي وهذا خطر محتمل»، داعيا «جميع الأفرقاء في العراق وسوريا من مختلف الأصول الطائفية لأن يعملوا معا من أجل أوطانهم»، مؤكدا أن «تركيا لا تنحاز مع جانب ضد آخر في هذه العملية التاريخية الحساسة».
وقال المجلس الوطني السوري في بيان إن رئيسه برهان غليون الذي التقى في القاهرة الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي وعددا من وزراء الخارجية العرب، طلب «نقل الملف الى مجلس الامن للحصول على قرار يتيح إنشاء منطقة آمنة وفرض حظر جوي ويعطي قوة دفع دولية». وأضاف ان هذا القرار من شأنه ان «يشكل عنصر إلزام يمنع النظام من الاستمرار في قتل المدنيين ويرتب عليه عقوبات رادعة، بما في ذلك استخدام القوة لمنعه من مواصلة عمليات القتل والتنكيل بالسكان».
كما أكد البيان ان الوفد يشدد على ان «يتضمن التقرير نصا واضحا يشير الى ان ما ارتكبه النظام وما يقوم به يمثل جرائم إبادة بحق الانسانية وجرائم حرب يرتكبها بحق مدنيين عزل».
وفي القاهرة، اعلن مسؤول في الجامعة العربية ان رئيس بعثة المراقبين العرب الفريق اول محمد احمد الدابي سيعود اليوم الى القاهرة لتقديم تقريره الثاني، مرجحا «التمديد لبعثة المراقبين العرب في سوريا ومضاعفة عددهم إلى نحو 300 مراقب». وستجتمع اللجنة الوزارية العربية المكلفة الملف السوري غداً في القاهرة لدراسة التقرير وتقديم توصياتها الى اجتماع لوزراء الخارجية العرب يعقد الأحد أيضا.
من جهته، أكد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أن فرنسا «لن تسكت أمام الفضيحة السورية» ولا يمكن أن تقبل «بالقمع الوحشي» للاحتجاجات من قبل نظام الرئيس بشار الأسد الذي «يجر البلاد مباشرة الى الفوضى». وقال ساركوزي خلال تقديم تهانيه الى السفراء «لا يمكننا ان نقبل القمع الوحشي من قبل القادة السوريين ضد شعبهم»، مؤكدا انه «قمع سيؤدي بالبلاد مباشرة الى الفوضى وهذه الفوضى سيستفيد منها المتطرفون من كل الجهات». وأضاف ان «سوريا للشعب السوري الذي يجب في نهاية المطاف ان يتمكن من اختيار قادته بحرية وأن يقرر مصيره».
وتابع الرئيس الفرنسي قائلا ان «الجامعة العربية تقوم بعمل شجاع ويجب ان تواصله وبالتالي على مجلس الامن الدولي ان يقدم اليها مساعدته». وأضاف «لا نريد ان نتدخل في الشؤون السورية لكن لا احد أكثر مني مد يده بصدق الى بشار الأسد. لكن في لحظة ما على كل طرف ان يواجه الوقائع وفرنسا لن تسكت امام الفضيحة السورية». (تفاصيل ص 15)
إيران
وأكد مستشار المرشد الأعلى للثورة الاسلامية في إيران للشؤون الدولية علي اكبر ولايتي ان «الذين يسعون الى إسقاط نظام حكم بشار الأسد في سوريا يلهثون وراء سراب». وقال ولايتي في مقابلة أجراها معه موقع «عربي برس» إن «سفراء أجانب عدة التقوا به خلال الايام القليلة الماضية لمناقشة الملف السوري معه، وطلبوا منه التوسط لإيجاد حل لما سموه نزيف الدم السوري وناشدوه المساهمة بوقف القتل ومنع نشوء حرب مذهبية وطائفية في سوريا والمنطقة».
وقال ولايتي إنه رد عليهم قائلا «أولا: إن تدخلكم في الشأن السوري وتماديكم في الحديث عن هذه الحروب الطائفية هو بحد ذاته جزء أساسي من آلة الحرب الاعلامية والدعائية المفتوحة على سوريا من اجل دفع الأمور فعليا نحو الحرب الأهلية هناك. ثانيا: إن الرأي العام العربي والإسلامي يتساءل وبانزعاج متزايد عمن كلفكم بالوصاية على سوريا، والتي كما نعرف وتعرفون، فيها شعب راشد وحكومة رشيدة. ثالثا: إننا في الجمهورية الاسلامية نعتقد ان ثمة مؤامرة دولية على سوريا تتقاسم الشراكة فيها أطراف داخلية فيها مع من تعهد بدفع المال، وشاركهم في ذلك من تعهد بالتدريب العسكري على أرضه والمتدربون على السلاح بقصد التخريب في سوريا هم بالنسبة لنا متمردون خارجون عن القانون، وهؤلاء جميعا يتلقون مساعدة دولية من أطراف تعهدت بتجميع رأي عام دولي يتيح اتخاذ قرار بالحسم في مجلس الأمن ولكنهم عجزوا عن الحسم بسبب موقف روسيا والصين وكلتاهما اتخذتا موقفا حازما».
وأضاف ولايتي «لقد أخبرت كل من راجعني في الآونة الاخيرة من ممثلي هذه الدول المتورطة في الأزمة السورية، بأنهم بهرولتهم ومحاولاتهم إسقاط النظام السوري فهم إنما يركضون خلف سراب ووهم». وأضاف ولايتي في حديثه عما قاله لزواره من السفراء الأجانب حول الوضع السوري: «سريعا ثبت انهم كانوا يهرولون وراء سراب ومن ثم فقد هزموا جميعا بعد ان استنفد المتآمرون على سوريا أوراقهم، وقد انكشف للرأي العام أنهم كانوا يكيلون بمكيالين في معالجة القضايا الاقليمية».
أما عن رأي القيادة الإيرانية حول الوضع في سوريا فقال ولايتي: «إنني أود أن أؤكد… أن المخطط الذي بدأ حول سوريا كان واضحا لدينا منذ البداية، لقد أرادوا الانتقام من هزيمتهم وخسارتهم امام الصحوة الاسلامية العربية في شمال افريقيا ومصر فحاولوا استرجاع زمام المبادرة من خلال محاولة السيطرة على سوريا وإسقاط حكمها المقاوم بعد أن ظنوا ان الرئيس بشار الأسد لقمة سهلة يمكن ابتلاعها أما نحن في إيران فإننا كنا ولا نزال مطمئنين بأن سوريا وشعب سوريا وقيادة سوريا سيخرجون من الازمة مرفوعي الرأس، وقد ابلغت السفراء المعنيين بأن نظام الرئيس بشار الاسد باق بإذن الله وبعون أغلبية الشعب السوري، فلا تتعبوا أنفسكم، وأظن بأن اليوم الذي ستعودون فيه اليّ مقتنعين بكلامي هذا لن يكون بعيدا».
وأضاف ولايتي «أعود وأؤكد لكل من لم يستوعب بعد، ومن خلال منبركم، إن ما يجري في سوريا هو مؤامرة دولية ضد الأمة التي تشكل سوريا فيها الحلقة الذهبية في سلسلة محور المقاومة، وسوريا وشعبها هما السور الحصين وصحوتها الشعبية لن تكون أبدا خارج الخط المقاوم للظلم الذي التزم به الشعب السوري منذ قرون، وسوريا بالنسبة لنا خط أحمر، ولن نسمح لأحد من المتطفلين الدوليين والإقليميين بالتدخل فيها بهدف إسقاطها». وتابع قائلا «نحن نعتبر أن أهل سوريا هم أعرف الناس بشعابها، وهم قادرون بقواهم الذاتية على إسقاط المؤامرة ضد بلدهم وضد وحدتهم وهم ليسوا بحاجة لتدخل أحد من الخارج ليحل مكانهم في إيجاد الحلول لمشاكلهم، ولنا ثقة كبيرة بأن الشعب السوري سيجد وحده السبل الملائمة للخروج من المحنة الحالية بأسرع مما يتصور الطامعون والطامحون». واختتم ولايتي حديثه قائلا «إن سوريا تجاوزت عنق الزجاجة وتخطت نفق المحنة وما يتحدث عنه البعض من أخطار الحرب الداخلية هي أضغاث أحلام وأمنيات أعداء سوريا التي لن تتحقق».
وأكد مندوب إيران لدى الأمم المتحدة محمد خزاعي أن «لدى ايران وثائق تؤكد إرسال بعض الدول الأوروبية خاصة فرنسا أسلحة إلى المجموعات الإرهابية المسلحة في سوريا لقتل الشعب السوري». وأضاف خزاعي في مقابلة مع قناتي «بي بي إس» و«بلومبرغ» الأميركيتين نشرتها وسائل الإعلام الإيرانية أنه استنادا إلى المعلومات الواردة فإن عددا كبيرا من المواطنين السوريين قتلوا على أيدي المجموعات «الإرهابية المسلحة». وأكد خزاعي أن لدى سوريا القدرة على حل مشاكلها بنفسها من دون تدخل الآخرين. ونفى المندوب الإيراني إرسال بلاده أي مساعدات تسليحية إلى سوريا مشيرا إلى أن إيران تعارض التدخلات الخارجية في شؤون الدول الأخرى.
تظاهرات وضحايا
واحتشدت أعداد من المواطنين السوريين المؤيدين للنظام في ساحة السبع بحرات في دمشق وشارع النهر في دير الزور «دعماً لبرنامج الإصلاح الشامل ورفضاً للتدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للشعب السوري» واستنكاراً لـ«استمرار بعض الوسائل الإعلامية المغرضة بتزييف الحقائق وفبركة الأكاذيب عن الأوضاع في سوريا». وفي دمشق قال مجند في الجيش يدعى حسام يونس في التجمع انه يتعين على الرئيس السوري بشار الاسد استخدام «القوة الكاملة» لسحق المتمردين المسلحين. وأضاف «لا نريد اصلاحات. نريد القضاء على هؤلاء الارهابيين اولا. يجب ان يتحد الشعب ضدهم».
في المقابل، خرج المتظاهرون المعارضون في «جمعة معتقلي الثورة» في عدد من المناطق السورية. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ان «مواطنا استشهد اثر اطلاق رصاص عشوائي من قبل الامن في حمص فيما قتل متظاهر وأصيب ثلاثة آخرون برصاص القوات السورية في البوكمال التابعة لمحافظة دير الزور».
في دير الزور، أفادت لجان التنسيق المحلية في بيان ان قوات الامن قامت «بإطلاق النار والغاز المسيل للدموع» على متظاهرين و«أطلقت نيرانا كثيفة امام مسجد عثمان لفض اعتصام قام به الاهالي لاعادة فتح المسجد بعد ان أغلقته قوات الامن». كما افاد المرصد بأن «قوات الامن اطلقت النار لتفريق تظاهرة حاشدة في مدينة اريحا في محافظة ادلب (شمال غرب) وأطلقت النار من رشاشات متوسطة في مدينة انخل» التابعة لريف درعا (جنوب) مهد الحركة الاحتجاجية. وفي ريف دمشق، اكد المرصد ان «تظاهرة ضمت نحو 15 الف متظاهر خرجت من عدة مساجد في دوما وتجمعت في ساحة الجامع الكبير». كما أشارت اللجان الى «انتشار امني مع مرافقة من مصفحات في الشوارع الاساسية وقرب المساجد الرئيسية في داريا».
وفي غرب البلاد، شهدت بانياس واللاذقية وجبلة انتشارا أمنيا كثيفا «منعا لخروج تظاهرات» كما خرجت تظاهرات حاشدة في معرة النعمان وسراقب وبلدات وقرى اخرى بريف ادلب «تطالب بإسقاط النظام والافراج عن المعتقلين» بحسب المرصد.
وفي محافظة حلب، أضاف المرصد خرجت تظاهرات في بلدة حيان وقرية بزاعة كما خرجت تظاهرة في حي المرجة بمدينة حلب «تطالب بإسقاط النظام والافراج عن المعتقلين».
إلى ذلك، قال مسؤول أميركي إن الولايات المتحدة تدرس إغلاق سفارتها في دمشق بسبب تدهور الوضع الأمني في سوريا لكنها لم تتخذ بعد قراراً نهائياً. وأضاف أن الولايات المتحدة طلبت من حكومة الرئيس السوري بشار الأسد تطبيق مزيد من الإجراءات الأمنية لكنها لم تفعل ذلك حتى الآن. وأضاف المسؤول مشترطاً عدم الكشف عن اسمه، «نريد أن يحدث شيء عاجلاً وليس آجلاً».

السفير

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *