صمت الملحقات الحسابية

بعد أقل من عام  على بداية الحراك أو  الاحتجاج أو الثورة   , كسرت  لعلعة القنابل  والبنادق  نوعا كان  مسيطرا  من السكون والهدوء, الحديث عن امكانيات حرب أهلية شاملة اصبح الآن  كثير التداول  محليا وعربيا وعالميا ، الا أن بداية هذا الحديث   كانت في دمشق، في 26 آذار , حيث اتهمت بثينة شعبان على قناة «بي بي سي» عناصر مشبوهين بقتل الناس وبث الفتنة الطائفية في البلاد ،الحديث عن الفتنة الطائية  استبق حدوث هذه الفتنة  على أرض الوقع واستبق  انفلات العنف بشكله الحالي , فالموضوع كان في بدايته بالواقع سلمي , الا أنه تطور بسرعة الى العنف  وممارسة  والحرب   ,  تشخيص بثينة شعبان المبكر جدا, والذي استبق التنكص الحربي والطائفي  بشكلهم الحالي,  يدل  بشكل غير مباشر على صحة المثل الشعبي  الذي يصف الشوكة ووخزها  .. الطائفية ليست ثمرة بغيضة لثورة  بغيضة , وانما هي ثمرة بغيضة لسلطة طائفية بغيضة ولتاريخ طائفي  بغيض وعميق .

بشكل عام  يخضع التفكير السياسي  والعمل السياسي الى مبدأ المصلحة  والمقدرة ,  فعندما تكون مصلحة طرف من الأطراف يممارسة السلمية , يمارس السلمية , وعندما تكون مصلحته بممارسة الحرب, يحارب ,    ومن المنطقي جدا الاعتقاد على أن السلطة  لاتستطيع ممارسة الا الحرب والعنف , وذلك  لأنها  تفتقر بشكل  مزمن  الى النظريين والمنظرين  والمثقفين  والقادرين على ممارسة المفاكرة مع الآخر , ولو نظرنا الى جنود السلطة  من غير العسكر , من الذين يمارسون التغطية الاعلامية لها  , لوجدنا شخصيات مثل خالد العبود وطالب ابراهيم, وغيرهم , اشخاص ذوي اختصاص  بممارسة  المماحقة   والمساحقة والمصارعة والسباب, فلا فكر في رؤوسهم  ولا ثقافة  ..يؤدون   وصلات تهريجية تتصف بالزعيق والصراخ , ومن يسمع  طالب  ابرهيم وهو يتحدث  على”الرايق ” ( تفصيح)  عن عزم سوريا على تطبيق الحظر الجوي والبحري على المتوسط وشرقه , ينسى انه يتكلم حول موضوع سياسي  وعن واقع سياسي , ويظن انه متواجد في مايسمى”خناقة”  في وسط  مشبوه ببدائيته  ..باب التبانة في  طرابلس لبنان مثلا, أو انه يسرد قصص من ألف ليلة وليلة … من الصعب جدا  سماع مايقوله   الجندي الآخر خالد العبود  , ثم انه من الصعب جدا سماع مايقوله العرعور ….حيث أن العرعور  أيضا  مصاب  بمصيبة العقم الفكري , ولا فرق بين العرعور وابراهيم أو العبود الا بما يخص اللحية والجلابية ..من برا خام ومن جوا سخام !!

خيار العنف المعارض وخيار الحل الأمني  السلطوي ,  هي خيارات انتحار ,  مفصلة على قد ومقاس وكسم  الأطراف التي تقوم بممارسة العنف والحرب , انه تشبيح  لتداول  ,  كان له أن يكون غير ذلك ,  تداول عقلي  سلمي منتج لحل , وليس تداول حربي منتج  لبحار  وسيول الدماء , التي نزفت من أكثر من 5000 قتيل  سوري  بين مدني وعسكري على أقل تقدير , هذا عدا الخسائر المادية الأخرى , وعدا غن الخسائر  الاجتماعية  التي تتجلى  بانقسام الشعب الى أقسام عدة , ليس  لها من قاسم مشترك الا الكره والرفض المتبادل .

لايقتصر شر  المتحاربين بالبندقية  والمنطربين بلعلعة الرصاص  عليهم وعلى أعمالهم , اذ أن هؤلاء  يحاولون استمالة  أطياف الشعب الأخرى الى ممارسة الشرف العسكري , ومن جميع الأطراف ,  بما فيهم السلطة , تأتي الدعوة تلو الأخرى  للانبطاح أمام ذل وعار  الحرب الأهلية , فالسلطة حشرت طائفة  وتحاول حشر طوائف أخرى  في أتون الحرب الأهلية , مروجة  اسطورة حمايتها للأقليات ,  الذين يمثلون   بعد الجمع والطرح  الطائفي أكثريات,  والمعارضة المسلحة استجابت الى هذه الدعوة  ايجابيا  مستعينة بجدول الجمع والطرح الطائفي , وبالنهاية  استقر  القرار  عند المحاربين  , بأن الحرب ستكون بين السسنة  وملحقاتها  بين العلويين وملحقاتهم ,  وكل منهم يعتقد انه يمثل  أكثرية , والى هنا وصلت   الديموقراطية  في البلاد  , حيث لاحاجة الى انتخابات , يكفي تعداد السنيين والعلويين والمسيحين  وغيرهم , ثم اجراء الجمع والطرح , حيث تنبثق بعد هذه العملية الحسابية الأكثرية , والتي تحكم   عنئذ  باسم عثمان أو علي . ما أحلى هذه الديموقراطيةالالهية   الممهورة بخاتم الخلفاء  ,والتي توفر على الشعب عناء  الانتخابات  … وكل شيئ ممكن في بلد الحضارات !.

الملحقات  التي  استخدمتها أقطاب الحرب في حساباتهم  صامتة , لاتقول  لا  ولا تقول نعم , انها كالنعجة  في طريقها الى المسلخ … لاتقاوم  ولا تخاصم , أصبحت عددا بعد أن كانت بشرا , لاتهتم بنفسها ولا تهتم بغيرها , والحذر من مستقبل بغيض مدمر يبدو  وكأنه لا يعنيها  , لاتدافع  عن شيئ ..  كئيبة قانطة  , لاتمارس حتى الأنانية  , وخطأها سيكون قاتلا لها ولغيرها ,  وعدم حراكها   هو جريمة بحقها وحق غيرها , وعليها  تقع   عمليا مسؤولية انقاذ الوطن ..عليها  ببنيتها اللاطائفية  أن تقف  وتقول  اني الأكثرية  اني أمثل 90% من الشعب السوري  وعلى  اقلية القتلة  من الطرفين أن  تستقيل وترحل عن مسرح السياسة وتقرير المصير ..كلهم 10%   , 5% للعرعور اضافة الى  5% للعبود وابراهيم ,  يجب على أكثرية 90% أن تاتي بالانتخابات   , ولا ضيم ان حصل العرعور مبدئيا على 30%  من ا الأصوات , لأن سيخسرها  بعد فترة وجيزة جدا, واذا كان  جنونه ولادي , فان  جنون  بعض أطياف الشعب السوري مكتسب  , يزول بزوال مسببه ..التي هي السلطة , فالى العمل والكلام  ياحزب الصمت !!

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *