الد اعداء الانتفاضة السورية ..المعارضة السورية

تسعة اشهر مرّت على انطلاق شرارة الثورة السوريّة العظيمة، دفع فيها السوريّون تكلفة باهضة للغاية قاربت الـ 4000 شهيد مدني، بحسب تقديرات التقرير الاخير للامم المتحدة، و الرقم اكبر بكثير حسب تقديرات منظمات حقوقية اخرى تعنى بالشآن السوري. هذا بالاضافة لعشرات آلاف المعتقلين و الجرحى و اللاجئين في كل من الأردن، لبنان، و تركيا. قدّم الشعب السوري خلال هذه الأشهر التسع صورة ناصعة البياض في النضال السلمي و اللاعنفي، كمحصلة اجمالية، في انتفاضة شعب غير متوقعة على واحد من أعتى الانظمة الديكتاتورية في العالم.

بدورها، المعارضة السورية بكافة اطيافها المتنوعة سياسياً و ايديولوجياً وعقائدياً حاولت ان تواكب ثورة شعبها، حيث حاولت عبر مؤتمرات عديدة ان تشكل خطاً موحداً و جبهة معارضة ذات وزن قادر على مجابهة النظام السوري سياسياً. المؤسف ان معظم هذه المحاولات باءت بالفشل الذريع الى اللحظة حتى اضحت خلافات المعارضة اهم سمات الانتفاضة السورية على الرغم من النداءات المتواصلة من الجامعة العربية و عدة اقطاب دولية و اقليمية لتوحيد الصف و ايجاد هيكل تمثيلي واحد معبر عن الشعب السوري المنتفض.

بإمكاننا تقسيم المعارضة السورية بوضعها الحالي الى خمس جبهات متناحرة بطريقة مخزية للغاية باتت مضرباً للمثل بالفرقة و اللامبالاة بما يقدمه الشعب السوري الثائر على الارض السورية استعرضها على الشكل التالي:

الجبهة الاولى، هيئة التنسيق الوطنية للتغير الديموقراطي في سوريا برئاسة حسن عبدالعظيم، و تتشكل من عدة احزاب سياسية تقليدية و شخصيات سياسية لها باع طويل في النظال السياسي ضد حكم البعث و اغلب اعضاءها من المعتقلين السابقين. التمثيل اليساري و الطابع العلماني غالب بشكل واضح على شخصيات الهيئة و ملامحها السياسية مع تمثيل بسيط للغاية يكاد لا يذكر لبعض الشخصيات الاسلامية. اهم سياسات و دعوات الهيئة: اسقاط النظام الامني الاستبدادي، مستعدة للحوار بشروط مناسبة و مناخية، ترفض التدويل و التدخل الخارجي و خصوصاً العسكري رفضاً قاطعاً، لا تدعم و لا تشجع عسكرة الثورة و لا تدعم الجيش السوري الحر. اهم وجوه الهيئة: حسن عبدالعظيم، هيثم مناع، و سمير عيطا.

الجبهة الثانية، المجلس الوطني السوري برئاسة برهان غليون، و يتألف من عدة تحالفات سياسية اهمها اعلان دمشق للتغيير الديموقراطي و جماعة الاخوان المسلمين و بعض الاحزاب الكردية و العديد من الشخصيات المستقلة من الداخل و الخارج السوري. التمثيل الاسلامي واضح و طاغِ على المجلس الوطني السوري و لكنه يحوز على اعتراف الشارع المنتفض الذي خرج في جمعة سماها “المجلس الوطني يمثلني” ليعترف بهِ ممثلاً شرعياً للإنتفاضة السورية. اهم سياسات و دعوات المجلس: اسقاط النظام السوري بكافة اشكاله و رموزه بما فيه الرئيس السوري بشار الأسد، يطالب بحماية المدنيين، يشجع على التدويل و نقل الملف السوري الى مجلس الامن بخجل واضح، ضد العسكرة و لكنه يدعم عمليات الجيش السوري الحرّ الدفاعية و لا يحبذ قيامه بعمليات هجومية، يطالب المجتمع الدولي و العربي بالاعتراف به كممثل شرعي و وحيد للمعارضة و الثورة السورية. اهم اعمدته: برهان غليون، سمير نشار، و هيثم المالح مؤخراً.

الجبهة الثالثة، تيار بناء الدولة برئاسة لؤي حسين، و هو ما يشبه حزب سياسي في الداخل السوري يتألف من سياسيين مستقلين، يكاد لا يعرفه احد، لكنه كان حاضراً في لقاءات الجامعة العربية بأقطاب المعارضة السورية في القاهرة. اهم ميزاته و سياساته: يدعو للحوار مع السلطة بشروط و الانتقال بشكل تدريجي نحو الديموقراطية، يرفض التدخل الخارجي و التدويل رفضاً قاطعاً، ضد العقوبات على سوريا، رومنسي للغاية و ينتهج الدبلوماسية المبالغ فيها في خطابه بما لا يتناسب مع الحالة الثورية في البلاد. اهم رموزه: لؤي حسين و ريم تركماني.

الجبهة الرابعة، السياسيون المستقلون، ممثلين بوجوه سياسية مخضرمة و ذات باع طويل في الصراع مع سلطة البعث، معضهم من المعتقلين السياسيين السابقين، و يتنوعون في دعمهم لمواقف الجهات الثلاثة السابقة. اهم هذه الشخصيات، ميشيل كيلو و عارف دليلة و فايز سارة و غالباً هم يتفقون مع هيئة التنسيق الوطنية في اطروحاتها و سياساتها. مثال اخر، الكاتب و المعارض السياسي ياسين الحاج صالح الذي اعلن دعمه للمجلس الوطني السوري منذ اليوم الاول لتشكيله. و كالكاتب و المعارض السوري صبحي حديدي، الذي نأى بنفسه عن تأييد اي طرف او جهة من الجهات السابقة ليكون مراقباً حيادياً و يساهم في عملية التقويم لها بلا استثناء بمقالاته الاسبوعية في صحيفة القدس العربي اللندنية.

الجبهة الخامسة، معارضون مستقلون، يرون ان كل الجهات السابقة مقصرة و مترددة و لا تتبنى مطالب الشارع السوري بحذافيرها و تخون نداءاته. هؤولاء ينادون بالتخلص من النظام بأي شكل من الاشكال حتى لو بمعونة الشياطين انفسهم! يطالبون بالتدويل و التسليح و المناطق العازلة و احياناً التدخل العسكري المباشر على الطريقة الليبية. معظم هؤولاء، تم تهميشهم و تجاهلهم بقصد او دون قصد في جبهات المعارضة الثلاثة الاولى. اهمهم: عمّار القربي و زوجته بهية مارديني، وحيد صقر، و محمد رحال.

في ظل تصارع هذه الجبهات بطريقة بشعة للغاية كان التخوين و التشهير و حتى الضرب في بعض الحالات اهم معالمها، يبقى الشعب السوري المنتفض هو المتضرر و دافع الاثمان الوحيد حيث بات بإستطاعتنا ان نقول بجرأة ان المعارضة السورية هي فعلياً آلد اعداء الثورة و اعز اصدقاء النظام السوري في الوقت الراهن.

تمام الرفاعي -الحوار المتمدن

الد اعداء الانتفاضة السورية ..المعارضة السورية” comments for

  1. السيد تمام الرفاعي المحترم !
    نشكرك على رسالتك , وقد قمنا فورا بنشر مقالك من الحوار المتمدن , قمنا أيضا بمقارنة مقالك مع مقال السيد نضال المارد , الذي بحث الموضوع من وجهة نظر مختلغة تماما , ويمكنك التأكد من ذلك بقراءة مقال السيد نضال في موقعنا , صحيح ان السيد نضال استخدم جزئيا نفس الأسماء للأشخاص والمجموعات , الا أن ذكر هذه الأسماء لايمثل نقلا للفكرة , ففكرته تختلف تماما عن فكرتك , ونظرته للمعارضة تختلف تماما عن نظرتك , وعدد ثم وظيفة الجهات أو المجموعات المعارضة يختلف كثيرا عن عدد ووظيفة الجهات أو المجموعات المعارضة التي تفضلت بتحليلها وتوصيفها .
    لك شكرنا الجزيل على رسالتك الكريمة
    EDITOR

  2. من الصعب القول ان المعارضة فاشلة , خاصة وان وضعها الجديد عمره أقل من سنة , ثم ان السلطة المؤمنة بآلية “المعارضة” هي التي تساعد على ولادة وتطور معارضة واعية يافعة , السلطة لاتؤمن بأي معارضة , وقد تعرضت كافة المعارضات منذ سنين وحتى أوائل هذا العام الى مايصعب وصفه من محاولات التدمير والتفتيت والقتل …لذا قليل من الصبر !
    لقد فات على نباهة الكاتب وجود معارضات أخرى , فالمعارضة المسلحة استولت على المسرح السياسي مع السلطة المسلحة وبدؤا بالعراك , ولم يعد بامكان المعارضة المدنية أن تأخذ الدور المناسب في ظل العراك بالمدافع والبنادق , الآن تطورت المعارضة المدنية بأطيافها المختلفة , والتي تلعب على المسرح السياسي دورا أكثر أهمية من دورها السابق , والسيد نضال المارد قام باضافة معارضات أخرى , وأعطاها دورا كبيرا في عملية قتل النظام .. انها هيئة وحزب الفساد ..والتي اجدها من أهم المعارضات .. وأكثرها فاعلية في اسقاط السلطة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *