” الأخوان المسلمون ودائرة الطباشير القوقازية. “

رياض متقلون يكتب عن “الأخوان المسلمون ودائرة الطباشير القوقازية “(*) 

نقلا عن جريدة الوطن السورية.

“لقد فاق حقد الأخوان المسلمين على الوطن سورية وشعب سورية حقد شيلوك على كل ما هو غير يهودي.”

يحكى أن امرأتين ادعت كل واحدة منهما أمومة طفل صغير أحدهما كانت أمه البيولوجية والثانية كانت حاضنته التي لم تتخل عنه في ظروف الحرب القاسية ولم تتركه وتهرب من براثن الموت ناجية بروحها، كما فعلت أمه البيولوجية، بل ظلت تحضنه وتضمه إلى صدرها وتجهد حد التضحية بنفسها من أجل أن تؤمن له الحليب وسط الموت والخراب المتناثر في أرجاء البلاد التي تعصف بها حرب أهلية لا هوادة فيها. احتد النزاع بين المرأتين إثر عودة الأم البيولوجية بعد انتهاء الحرب مطالبة بالطفل الصغير. وانتهى الأمر بينهما إلى الاحتكام إلى أحد الحكماء الذي استمع إلى مرافعة كل واحدة منهما وتفهم طبيعة القضية جيداً عندها أمسك قطعة طبشور ورسم دائرة على الأرض وطلب من كل واحدة من المرأتين أن تمسك ذراعاً للطفل وأن تشد ذراعه نحوها فمن جذبت الطفل إليها أكثر يكون الطفل من نصيبها. أبدت الأم البيولوجية ترحيباً حاراً« بالاقتراح وتحمست له ووضعت أصابع قدميها على طرف الدائرة المرسومة على الأرض واستكملت وضعها جاهزيتها للشد. أما الأم الحاضنة فقد صمتت قليلا ثم ذرفت دمعتين وقالت للحكيم «فلتأخذ الطفل لا أريد أن أشد ذراع الطفل أخاف عليه أن يتأذى!» ابتهجت الأم البيولوجية بنصرها الميمون وأسرعت تطلق صيحات النصر وتهم بخطف الطفل من حضن الحاضنة وشده إليها عندها قال الحكيم لها «لا تفرحي! الطفل ليس لك بل لها لأنها أمه الحقيقية فقد خافت عليه ولم تقبل أن تعرضه للأذى وإن كانت ستخسره إذاً هي أمه الحقيقية».

 «الإخوان المسلمون» ما برحوا يبرهنون على لا شرعيتهم بسورية وبشعب سورية فإذا نسينا جرائمهم في الثمانينيات وتفجيراتهم التي ذهب ضحيتها الآلاف من السوريين فلن ننسى اليوم تحالفهم مع الخائن «الخدام» عبد الحليم وها هم اليوم يبرهنون على تعطشهم للسلطة واستعدادهم لفعل كل ما هو ممكن وغير ممكن ولو بالفتنة والقتل ولو بتسليم أمر سورية وفلسطين لإسرائيل ولو على حساب حياة وأرواح الشعب السوري ولو أن الأطلسي سوف يقوم بقتل الآلاف من السوريين بتدخله في الأزمة السورية التي شاركوا هم في صياغتها وتشكيلها في شكلها الراهن! «الخوان» وهذا مراقبهم العام «الشقفة رياض» يصرّح زورا باسم الشعب السوري «أن السوريين مستعدون للقبول بتدخل تركي في بلادهم لحماية المدنيين» (**) وهذا يدل على أنهم يريدون تدخلاً عسكرياً أطلسياً لأن تركيا دولة أطلسية ولأن من السذاجة أن يفترض المرء أن الحلف الأطلسي لن يستغل الفرصة الذهبية بتدخل تركيا ليجهز على سورية والشعب السوري عماد مشروع المقاومة لإسرائيل وأميركا في منطقتنا. فلو قبلنا تجاوزا بسطحيتهم السياسية (طبعا الأحرى والأدق القول عمالتهم) فكيف يقبلون إعطاء الأطلسي الفرصة لضرب الشعب السوري بصواريخه التي لن تميز سورياً عن سوري آخر بل سوف يستغلون الفرصة ليعودوا بالشعب السوري عقوداً إلى الوراء لكي لا يفكر السوري بعدها لا بفلسطين ولا بالجولان ولا حتى بلواء اسكندرون؟ لقد شطت «ريالتهم» (لعابهم) اتجاه السلطة أكثر وأكثر بعد وصول أقرانهم في ليبيا إلى السلطة هناك ويبرهنون بالدليل تلو الآخر أنهم ليسوا أماً للشعب السوري (كما يزعمون) ولا أبناء لسورية.
يقول أسعد أبو خليل عنهم «إن حركة الإخوان المسلمين في سورية تغازل الكيان الصهيوني على شاشته، وهي اليوم لا همّ فلسطينيّاً لها، ولا هم جولانيّاً لها». (نقلاً عن جريدة «الأخبار» اللبنانية) أي إنهم باعوا كل مقدسات الشعب السوري الذي تحمّل السوريون من أجلها الكثير الكثير من الشهداء وقسوة الحصارات المتتالية التي ما إن ارتفع منها حصار عنهم أو جزء منها حتى افتعلت المؤامرات لفرض حصارات جديدة عليهم كما فعلت أميركا وأوروبا مؤخراً على وهم منهم أن تجويع السوري سيؤدي به بأن يتخلى عن دولته المقاومة. إذاً ماذا بقي «للإخوان المسلمين» من مشروع يقدمونه للشعب السوري الآن بعد أن تخلوا عن مقدسات الشعب السوري؟ هل هو إدخال نظام «المطوعين» الوهابية إلى سورية وحظر الفن والإبداع في بلد الفن والإبداع وتنصيب نظام سياسي على غرار أنظمة الخليج «التقية الورعة» التي لشدة تقواها لا تقوى أمام اللـه أن تقول لأميركا وإسرائيل سوى «حاضر يا سيدي»؟ إذا كان الأمر كذلك فبئس «الديمقراطية» التي يتسترون بها! إنها أهون من أن تستر عوراتهم التي ما أخفوا منها طرفاً حتى انكشفت منها أطراف!!
وبالعودة إلى الحكاية التي بدأت بها سطوري هذه أجد أنهم مستعدون ليس فقط إلى شد ذراع «الطفل» بل حتى لخلع رأسه وتقطيع أوصاله عن بعضها البعض، المهم أن يشفوا غليلهم وحقدهم من أبناء وطنهم – إن كان لهم وطن أصلاً – المهم أن يصلوا إلى السلطة ويعلنوها «إمارة» ولو على أشلاء الوطن السوري الواحد.

ويبقى لي سؤال يطرح ذاته علي كلما فكرت ليس «بالإخوان المسلمين» فقط وإنما أيضاً بمعظم(*3) المعارضة الخارجية ومعظم العربان، سؤال يفرض ذاته كلما قرأت مسرحية «تاجر البندقية» لوليم شكسبير وهو: إلى متى يستمر السوري (العربي المغربي في مسرحية «تاجر البندقية») يقبل أن يرخص نفسه ويحط من دمه ودم أولاد وطنه ويقبل الدخول في لعبة أوروبية وبشروط الأوروبيين من أجل خطب ودّ الأوروبية «بورشيا» وينساق وراء بريق الصندوق الذهبي ليكتشف بعدها أن «ليس كل ما يلمع ذهبا»؟

رياض متقلون   – مدرس جامعي
ملاحظات إضافية:
(*) «دائرة الطباشير القوقازية» مأخوذة عن مسرحية عريقة للمسرحي والمفكر الألماني بروتولد بريخت.
(**) بعد تصريح «الشقفة» الخياني باستدراج التدخل العسكري حاولوا «التراجع» أو تحويره عن وقاحة ما صرحوا به بسبب غضب «الإخوان المسلمين الأتراك» منهم الذين صرخوا بهم قائلين «كشفتوا اللعبة! مو هيك بتنلعب السياسة».
(*3) أقول «معظم» ولا أقول «كل».

” الأخوان المسلمون ودائرة الطباشير القوقازية. “” comment for

  1. Riad Matqualoon thank you for reminding us of Shakespeare and his “Merchant of Venice”. A title like this : Muslim Brotherhood and the Caucasian Chalk Circle.” is very intriguing, indeed
    Now I remember our university days in Damascus, how sweet and dear to my heart.
    Lots of love
    Roba

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *