بين مقدرة الخالق ومقدرة المؤامرة……

 

 

لو  كان هناك  خيار في تصنيف  قضية “المؤامرة ” في مصنف الانهزامية والعجز أو مصنف الشجاعة والادراك , فأي مصنف نختار ؟؟بدون أي تردد  , في مصنف الانهزامية والعجز ,  قد يكون بالامكان  تشبيه نظرية “المؤامرة” بفرضية “الخالق “, فالانسان  الذي عجز  ويعجز لحد الآن عن  تفسير  بعض ظواهر الكون,مثلا خلق الكون  وخلق الانسان , اخترع الأديان  التي تعرف عن طريقها  على   الخالق , والذي فسر هذه الأمور بطرق مختلفة   , كلما تقدم العلم واستطاع تفسير غوامض الحياة والكون  , كلما اندحرمفهوم الخالق في  ادراك  الانسان , من تقدم علما  تأخر الهيا , ومن تأخر علما تقدم الهيا .

نظرية المؤامرة  هي تصويرللعجز  , وتبرير لتطورات ليست من مصلحة العاجز , وهذا لايعني قطعا انه لاتوجد مؤامرات , نعم توجد مؤامرات  , والتفكير بها سليم الى حد ما ,ولكن  عندما يريد الانسان تفسير كل مايلم به من مصائب عن طريق المؤامرة , يصبح الوضع مرضي !

للتفكير الديني , الذي يعتبر الانسان عبدا للخالق , ويأمر الانسان بالخضوع التام له , علاقة  قوية  مع بنية الجماعات البدائية  العشائرية القبلية , التي تطورت بعض الشيئ حتى استطاعت افراز انظمة ديكتاتورية ,لمعظم الديكتاتوريات قاسم مشترك كبير مع التفكير الديني ,الذي   يعتمد   على   التقديس  , وحتى الديكتاتوريات  التي تنكرت  ظاهريا للتفكير الديني  وحاربت الأديان , كانت في بنيتها دينية , الحروب كانت برسم التنافس بين  نظم  فكرية متشابهة على السلطة , ولم تكن بين أضداد  مختلفين في فكرهم ونظمهم , نظم تقدس   الخالق  ومن يمثله   على   الأرض ,أو تقدس من يمثله من رجال السياسة ,بالنتيجة  تقديس توحيدي لواحد   أحد  .

تقبل فرضية  الخالق  وفريضة العبودية له , يتقاطع مع تقبل فرضية الديكتاتور وفريضة العبودية له , ومن يروج للعبودية  ,   يوظف الجهل والتجهيل  والعجز  المعرفي   , كلما ازداد العجز المعرفي , ازداد طردا اللجوء الى نظرية المؤامرة , التي  يتكل الفاشل عليها  ويستريح ,ماحدث ليس ذنبي , انما     ذنب الآخر ,  اي   الاتكالية .

هناك نقاط تقاطع  أخرى بين   الخالق   والديكتاتور   والمؤامرة  ,  الخالق لايريد أن   تحرير  البشر من التعبد  والعبودية  له , لأن التعبد لله يحرر الانسان من الحيرة ويمنح الانسان نوعا من الاستقرا وهدوء الموت !!!, الديكتاتور أيضا يرى عادة  الأمر بشكل مشابه  , وكلاهما  يستخدم بافراط نظرية المؤامرة , ودولة الفاتيكان  كانت  من أكثر دول العالم  ارتباطا  بمفهوم  المؤامرة , وفي  الاسلام يكاد لايخلو سطر من الأدبيات الاسلامية  من التنويه الى افعال الكفرة  ومنكراتهم والمؤامرة ضد الاسلام والرسول , ولا يعرف التاريخ نظاما دينيا ,الا وكان ديكتاتوريا , كما لايعرف التاريخ نظاما ديكتاتوريا  , الا وكانت له بنية دينية ..وحتى الشيوعية  التي هي من أعتى النظم الحادا (تتنكر للأديان السماوية الابراهيمية),  كانت بالمقابل من أعتى النظم تقديسا للفرد ..ان كان ماوتسي تونج أو ستالين أو حاكم كوريا الشمالية  أو كاسترو, وغيرهم ..

.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *