صدر قانون الاعلام الجديد , وفي هذا القانون الكثير من الجديد ,على سبيل المثال الغاء عقوبة السجن على الصحفي المخالف للقانونالاعلامي ..الخ .
الا أن هناك نقاط لايمكن لقانون أن يتخلى عن التشديد عليها , على سبيل المثال …العمل الصحفي يجب أن يكون في خدمة قضايا الوطن العليا , وغير ذلك من مسلمات الأمور , وفي هذه العموميات تكمن الاشكاليات , فماذا يمنع السلطة القضائية أو التنفيذية من عقاب صحفي قام بكتابة مقال عن مدينة أو قرية حدثت بها اضطرابات وتظاهرات , وذلك لانتقاد الصحفي رجال الأمن …لا شيئ يمنع من ذلك ,فالقوانين تفسر بعدة طرق وأساليب , ولكل فقرة أو كلمة العديد من التفسيرات والتأويلات , لذا يمكن , بل يجب القول , انه لا أنقاذ لحرية الصحافة , الا بانقاذ الحريات بشكل عام , ولا انقاذ للحريات بالنصوص القانونية فقط , وانما أولا بتربية اجتماعية تعتبر النقد على أنه قيمة حياتية مثمرة , وتعتبر عدم النقد على أنه تخاذل في القيام بالواجبات الوطنية , ثم ترفع من عتبة الجارح من النقد ..الافراط في الحساسية ضد مايسمى النقد الجارح قد يقود الى الغاء النقد عمليا , وبالتالي العيش في جوسياسي أشبه مايكون ديكتاتوري .
صدور قانون الاعلام ليس الا بداية , وشكل ومضامين ثم ممارسات هذه البداية ستكون قريبة من ممارسات القانون السابق , وذلك لأنه لايمكن القضاء على روح القانون السابق وعلى التمرس به بشطبة قلم , القانون السابق يمثل مرحلة معينة وجوا خاصا نشأ به الكثير من رجال الصحافة وتربوا على يده , وسوف لن يكون بامكان هؤلاء الانقلاب على الذات بين ليلة وضحاها , سيكون المخاض عسيرا , وسوف لن تتمكن السلطة القضائية أو حتى التنفيذية من التعامل الأمثل مع نصوص القانون الجديد , ناهيكم عن روحه , التي يختلف ادراكها من شخص لآخر ومن عهد لآخر ..التعامل مع الحرية ليس بالأمر السهل ,ممارسة الحرية ومعارفها ثم أعرافها وتقاليدها , هو أمر تربوي قبل أن يكون نص قانوني , الا أنه لامناص من النص القانوني المناسب لكي يبدأ المجتمع بالتربية المناسبة.
للتوضيح أريد التنويه الى قصة أو قصص الصحفي نزار نيوف , وكيف تم التعامل معه انطلاقا من قانون الاعلام القديم , الذي لم يكن ليسمح بمجمل المضايقات التي تعرض لها الصحفي, حيث سجن تسعة سنوات لاتهامه بلقاء صحفية اسرائيلية , مع أن المحادثات المباشرة وغير المباشرة مع اسرائيل كانت قائمة .
لا أريد هنا الدفاع عن شخص نزار نيوف , الا أنه من غير المعقول أن يزج بانسان في السجن تسعة سنوات لمجرد معارضة النظام , ولولا تدخل الرئيس جيراك لبقي نزار نيوف حتى الآن في السجن …آملا من قانون الاعلام الجديد عدم السقوط في متاهات مشابهة …