م. بيطار روبا منصور :
لقد اغتالت الأصولية الفصائلية ثورة ٢٠١١, كما اغتالت السلطةالأسدية ارادة الشعب السوري واستعبدته ,وليس من الغريب أن تجد الأصولية الدينية مرتعا جيدا لنموها في ظل سلطة لاتقل عنها عنفا واجراما وفسادا وأصولية!, توضع فساد السلطة بشكل رئيسي في السرقات والاستغلال وممارسة الفردية والاستئثار بمقومات الشعب المادية والمعنوية,في حين يتوضع فساد الاصولية الاخونجية بالدرجة الأولى بالخلفية الفكرية من عنصرية ورجعية وعنف وديكتاتورية اضافة الى الفساد المادي وعدم تمكنها من مواكبة التطورات الحضارية , الاخونجية قمعية دموية بافرازات كارثية ,لاتختلف هذه الافرازات من حيث كارثيتها عن افرازات السلطة الأسدية , لابل تبين انها أسوء من الأسدية بدرجات !.
هناك تناسب طردي بين وجود النظام بكامل علاته وأمراضه , وبين نمو الأصولية , فالعلاقة مباشرة بين وجود الأصولية ووجود النظام , وهذا الأمر ليس عصيا على الفهم , ففشل النظام مدنيا حوله الى أصولية , أصولية أقلية , استفزت أصولية أخرى , وذلك بعد أن حول النظام بنية المجتمع من بنية سياسية الى بنيةدينية طائفية , وفي الصراع بين اصولية الاقلية وأصولية الأكثرية ,احتلت كل منهما مكانا على المسرح السياسي اي عمليا محاصصة , كل أصولية حمت نفسها بالسلاح , من جهة كتائب الأسد ,ومن جهة أخرى فيالق المجاهدين المكبرين , كلهم كانو محاربون عنفيون بدون عقل , وماذا يمكننا أن ننتظر من فاقدي العقل الا العنف والحرب والخراب والتقتيل الخ , كلهم كانوا برابرة !.
مهمة النظام كانت سهلة ,اذ لم يكن عليه الا أن يتفوق على الأصولية الدينية ببعض الممارسات المخاتلة , منها ممارسة التوثيق الشرعي المزور لوجوده كحصوله على ٩٩,٩٩٪ من اصوات الناخبين !!! , ومنها أيضا مقدرته على الاتفاق مع الأصولية الأخرى حول تقاسم الغنائم , هنا نجح بعض ازلام النظام في الاثراء وجروا معهم بعض ازلام الأصولية الأخرى الى الاثراء , فشل النظام فكريا وأخلاقيا حتى أمام همجية الأصولية , التي مكنتها بدائية وطائفية النظام من الطفو فوق هذا النظام وتهديد النظام الى حد صرعه قتيلا , لم يبق أمام الأسدية المفلسة للدفاع عن نفسها الا الرصاص والطائفية , لا بالفكر ولا بحاكمية الحكم ولا بالعدالة الاجتماعية او المساواة أو الحرية أو الديموقراطية , لقد انهزم النظام بالسلاح الذي اعتمده وحارب به .
خرب النظام الأسدي البلاد على مدى نصف قرن من أجل الاثراء المادي الشخصي ,وخرب السياسة , وخرب حزبا كان له أن يلعب دورا مهما في المجتمع , خرب مشروع دولة كان له أن يتطور رقيا مدنيا وعلمانيا , الغى الفكر والكلام والحوار , مبررا ذلك بحماية النظام , الذي تحول الى منظومة العائلة , التي طوبت البلاد على اسمها , وبذلك تم تعويم الأصولية الأخرى بشكل غير مباشر , ليس لأن الأصولية الأخرى ناضجة فكريا , وليس لأنها تقدمية وليس لانها ديموقراطية , كانت هزيلة وضعيفة في كافة المجالات , الا أنها في البدء كانت أقوى من النظام وفي النصف الثاني من حرب العقد ونصف تقريبا انعكس الأمر , لقد اقتات النظام من رفض البعض للتيار الأصولي الآخر , فمن صمت ومن تحول الى ” رمادي ” لم يكن مؤيدا للنظام , انما كان معارضا للنظام وللفصائل المسلحة , التي كانت أسوء من النظام السيئ !
