سوريا وفقدان الأفق !

م. بيطار  روبا  منصور  :

إيران تشتري سوريا .. الغارديان:قادة النظام قلقون من نفوذ طهران - أورينت نت  من يريد سوريا  مدنية راقية وتقدمية علمانية , عليه تحجيم  المد والقوى الأصولية  الاخونجية  بطرق فعالة قانونية وديموقراطية ,لا نقصد  هنا   اطلاقا استخدام العنف  أو الأساليب الديكتاتورية أو الاستبداد  أو   قمع  أي جهة ان كانت أصولية أو غير أصولية,  انما تحجيم  عن طريق تقديم بديل  منطقي  ومقنع بدرجة مقبولةلمعظم أفراد الشعب.
لم يكن الشعب السوري  أصلا قبل   ١٤٤٠   سنة  طائفي, ولم    يكن   أصولي  بالشكل    الحالي والذي   أصبح   عليه   في   القرون الأربع  عشر  الأخيرة  , ففي   هذه   القرون   لم  يتمرن  الشعب   على ممارسة  التداول السياسي الحضاري   في ظل احتكار العنف السلطوي والعنف الأصولي   القريشي  والعثماني    لكل  الممارسات السلطوية  ,   التي   تمثلت     بالعنف   حصرا  وبنتائج   ممارسات    العنف   بالسيف     سابقا وبالمدفع    والبندقية    والقنبلة    لاحقا  ,  بالنتيجة    اعتاد الشعب   على أنين الجرحى   وصراخ الأطفال  قبل ذبحهم من الوريد الى الوريد , ثم الخطف والقتل والسحل والتدمير والقنص  والتشبيح  والتذبيح  والسجن  والتعذيب   والقهر  والفقر   الخ ,  لابل   تجذرت تلك   الممارسات   في   وجدانه   وكيانه   النفسي.
   اختفى    صوت    الشعب    السوري  ولم    يعد   قادرا   على   تحريك   لسانه   ونطق    الكلمة   , لم   يعد      يفكر   ويسأل ويجيب ويبدع   ويذهب   الى    المسارح الرومانية    الضخمة     ويزرع الأرض ويسقيهامن قنوات  الري الرومانية , ويقفز فوق  الأنهار على الجسورالتي بنيت  قبل ٢٠٠٠ سنة ,والتي لاتزال قيد الاستعمال حتى اليوم مثل جسور نهر الخابور    ,  تحول  الانسان السوري    الى   عبد   بعد   ان   كان   قيصرا    وقانونيا   وفيلسوفا ,  لقد   تحول    الشعب   الى   رعية    لدى    رعاة    البعير  من    بدو   الجزيرة ,    طوال   ١٤٤٠    سنة   لم   يعرف    تاريخ   المنطقة    سوريا   واحدا   كزينون    الرواقي   أو    بانيبال    الحقوقي     ولا    شخصا     كجوليا   دومنا   او   زنوبيا  أو  عشتار     او   سمير  أميس      او   غيرهم ,  استفاد    الغزاة   من   خبرات    بعض    السوريين مثلا    في   الترجمة كاسحق  ابن   حنين  وحنين  ابن   اسحق    ثم   في   الادارة   ,  ولكن   بعد    التعريب    انتهى    أمرهم وانتهى دورهم   حتى   وجودهم , الذي   الغته  العهدة  العمرية  .

لقد  اغتالت   الأصولية  الفصائلية    ثورة   ٢٠١١,  كما   اغتالت  السلطةالأسدية  ارادة الشعب السوري  واستعبدته ,وليس  من الغريب أن تجد الأصولية  الدينية مرتعا جيدا  لنموها في ظل  سلطة لاتقل عنها  عنفا  واجراما  وفسادا  وأصولية!,     توضع فساد السلطة   بشكل رئيسي في السرقات  والاستغلال  وممارسة الفردية والاستئثار   بمقومات الشعب  المادية والمعنوية,في حين  يتوضع     فساد    الاصولية      الاخونجية    بالدرجة    الأولى بالخلفية    الفكرية  من   عنصرية   ورجعية   وعنف     وديكتاتورية اضافة الى الفساد المادي   وعدم تمكنها   من   مواكبة  التطورات الحضارية ,   الاخونجية  قمعية  دموية بافرازات  كارثية  ,لاتختلف هذه الافرازات من حيث كارثيتها  عن افرازات السلطة  الأسدية  ,  لابل تبين   انها   أسوء  من  الأسدية   بدرجات  !.

هناك تناسب طردي بين وجود النظام   بكامل علاته وأمراضه , وبين   نمو    الأصولية  ,   فالعلاقة مباشرة بين وجود الأصولية  ووجود   النظام , وهذا الأمر ليس عصيا على الفهم , ففشل  النظام   مدنيا حوله  الى أصولية , أصولية أقلية ,  استفزت   أصولية أخرى   , وذلك بعد أن  حول   النظام   بنية المجتمع من بنية سياسية الى بنيةدينية طائفية   ,  وفي الصراع بين اصولية الاقلية وأصولية الأكثرية  ,احتلت كل منهما مكانا   على المسرح السياسي  اي  عمليا   محاصصة , كل   أصولية حمت   نفسها   بالسلاح    ,  من   جهة   كتائب   الأسد  ,ومن جهة   أخرى   فيالق  المجاهدين   المكبرين  , كلهم  كانو   محاربون   عنفيون   بدون   عقل , وماذا يمكننا أن ننتظر من فاقدي العقل الا العنف والحرب والخراب والتقتيل الخ , كلهم  كانوا برابرة  !.

مهمة النظام   كانت  سهلة   ,اذ  لم يكن عليه  الا أن يتفوق  على  الأصولية الدينية    ببعض    الممارسات   المخاتلة , منها ممارسة  التوثيق الشرعي   المزور  لوجوده كحصوله   على   ٩٩,٩٩٪  من   اصوات   الناخبين  !!! , ومنها أيضا  مقدرته   على  الاتفاق     مع   الأصولية   الأخرى   حول   تقاسم   الغنائم  ,   هنا  نجح بعض   ازلام    النظام  في الاثراء    وجروا    معهم   بعض   ازلام   الأصولية     الأخرى    الى     الاثراء  , فشل    النظام فكريا وأخلاقيا  حتى أمام همجية الأصولية , التي مكنتها بدائية وطائفية النظام من الطفو  فوق هذا النظام   وتهديد النظام  الى حد صرعه قتيلا , لم يبق أمام الأسدية المفلسة  للدفاع عن نفسها الا الرصاص    والطائفية , لا بالفكر ولا بحاكمية الحكم ولا بالعدالة الاجتماعية  او المساواة أو الحرية أو الديموقراطية , لقد انهزم   النظام  بالسلاح الذي اعتمده  وحارب   به .

خرب  النظام الأسدي البلاد  على مدى نصف قرن من    أجل   الاثراء    المادي   الشخصي  ,وخرب  السياسة  , وخرب حزبا   كان له أن يلعب  دورا مهما   في المجتمع , خرب    مشروع   دولة كان    له      أن  يتطور رقيا  مدنيا وعلمانيا ,   الغى الفكر والكلام والحوار  , مبررا ذلك بحماية النظام , الذي تحول الى  منظومة العائلة , التي طوبت البلاد على اسمها , وبذلك   تم   تعويم   الأصولية   الأخرى  بشكل  غير  مباشر   ,  ليس لأن الأصولية الأخرى ناضجة فكريا  , وليس لأنها تقدمية  وليس لانها  ديموقراطية , كانت  هزيلة وضعيفة في كافة المجالات , الا أنها   في   البدء   كانت    أقوى  من    النظام   وفي   النصف    الثاني    من     حرب   العقد   ونصف  تقريبا    انعكس    الأمر  , لقد    اقتات    النظام     من رفض البعض  للتيار    الأصولي    الآخر   ,    فمن    صمت    ومن   تحول   الى ”  رمادي ” لم  يكن مؤيدا  للنظام ,  انما كان معارضا للنظام   وللفصائل   المسلحة ,  التي   كانت أسوء   من   النظام   السيئ  !

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *