ممدوح بيطار , روبا منصور :
كانت بلاد الشام مستعمرة قريشية لمدة الف سنة , ثم مستعمرة عثمانية لمدة ٤٠٠ سنة , وبعد الحرب العالمية الأولى منطقة وضعت تحت الاشراف الفرنسي – الانكليزي كان اسمه في سوريا ولبنان ” انتداب” اي تأهيل هذه الشعوب للحكم الذاتي , رسميا كانت عصبة الأمم المتحدة من صاغ فكرة الانتداب بهدف التأهيل .
في ذلك الوقت وارتكاسا لما حاول الاتحاد والترقي العثماني القيام به , وتأثرا بالفكر القومي الأوروبي ولد الفكر القومي العربي , الذي بينت التطورات في القرن الأخير بأنه كان وهم أو سراب لم يستقيم مع خصائص تاريخ شعوب المنطقة , كان ارتكاسيا ولم يكن اصيلا ولم يكن بالامكان اكتشاف أصول ثابتة سياسية لفكرة الوحدة العربية من المحيط الى الخليج , ارتكز ما تسلح العروبيون به على اسلحة كانت حتى في ذلك الزمن فاقدة الصلاحية , مثل اللغة والدين وبعث الماضي المنحط من جديد , أي أن الأسس التي ارتكز عليها اعتبار المناطق بين المحيط والخليج واحدة ولا ينقصها سوى اعلان وحدتها بشكل دولة واحدة بشكل رسمي , تلك كانت تصورات فاسدة ومضللة انتفت عنها صفة العقيدة المبنية على أسس صلبة , وهذا ما برهنت عنه التطورات في القرن الماضي, لقد تم الخلط أو الالتباس بين الفكر الديني بخصوص الأمة وبين الفكر السياسي بخصوص الدولة , امة الدين ليست مجتمع دولة ,اذ لاحدود جغرافية معروفة لأمة الدين , بينما تعرف مجتمعات الدولة حدودا جغرافية معروفة ومعترف بها دوليا , لاتشابه بين شعوب الهلال الخصيب او سوريا الكبرى وبين شعوب الأمة الدينية التي تشمل كل محمدي , والتي لاحدود جغرافية لها , لذلك لايمكن الحديث عن اعتراف بالحدود , لطالما لاوجود لتلك الحدود الجغرافية وبالتالي لايمكن اعتبار الأمة المحمدية الهلامية بدون حدود جغرافية كبديل عن مجتمعات سوريا الكبرى او الهلال الخصيب , ذو الحدود الجغرافية المحددة وذو الحضارة القديمة المشتركة وذو الثقافة الخاصة بها ,لايمكن أن تولد دولة من رحم هلامي ! , وهذا ما تمت البرهنة عنه طوال القرن الماضي, اي لاوجود لقومية عربية من أصل ديني , انما هناك وجود كامل الخصائص لقومية سورية في سوريا الكبرى , اعتبار الشعوب بين المحيط والخليج امة واحدة خاطئ من باب اطلاق الأسماء على خلاف مدلولاتها ومعانيها وتطورات القرن الأخير أثبتت خطأ هذه التسمية , العروبة ليست سوى حلم مشترك بين الدينيين والمستعربين الجدد , أو بالأحرى حلم اقامة دولة دينية , لأن الاسلام عروبة والعروبة اسلام, وقد اعترف المعنيون بالأمر بهذه الصيغة لذلك يتحدثون عن الدول العربية الاسلامية وعن الدول الاسلامية بشكل منفصل مثل ايران او افعانستان وغيرهم.
تنحصر معارضة سعادة للعروبة بشكلها الديني اي مايسمى العروبة الدينية , وسعادة لم يعارض تعاون دول المنطقة مع بعضها البعض سواء اعتبرت بعض الدول نفسها عربية او لم تعتبر ,ولم يعارض سعادة التقارب الشديد بين دول المنطقة على اساس استقلالية قرارات هذه الدول عن الدين , لأن تدخل الدين في العلاقات السياسية مفسد لهذه العلاقات , التي يجب أن تبنى على الواقعية وليس على الوهمية , التوهم لايبني دولا وتوحيد الدول ليس امرا طوباويا , انما امرا خادما للواقع والوضع , باختصار من يريد فهم موقف سعادة اي موقف السورية القومية الاجتماعية من مسألة الوحدة عليه القاء نظرة على نشوء وتطور الاتحاد الأوروبي !
Post Views: 156