الجهل المقدس الاستعماري ..

م.بيطار ,ميرا البيطار :

 

  الجهل المقدس Archives - موقع التنوير  يحتمي  الاخونج بالمقدس ,  الذي يمثل بالنسبة  لهم  الحقيقة المطلقة والوحيدة, ولطاما   هناك   تخلف  , اذن  هناك   جهل   ,وأسوء  اشكال    الجهل   هو  المقدس  ,  لأن   التقديس   يلغي   امكانية   التصحيح   والتطوير,  عقل  لايحتوي  الا مادة المقدس هو عقل  ضيق الأفق واتكالي  متطفل  على   صانع هذه المقدسات ,يمثل   اقتصار  امتلاك العقل على مادة المقدس     فقرا  فكريا مخصيا وعقيما ويقود الى  انتعاش نزعة التعالي  الشخصي ,لأن  من  يقدس   يعتقد   انه   مقدس   ايضا    , وكل مايجانب  المقدس  الفكري  والمقدس الشخصي  هو مدنس  يثير  ارتكاسا  عدائيا يقود  حتما   الى    ممارسة مختلف   اشكال   العنف.

  هناك من   يدعي   أن  الجهل   المقدس   ليس نتاج الدين  ,  انما   نتاج   القراءة   السطحية   للدين ,  اننا  نرى   ان   الجهل   المقدس  هو  نتاج   الدين   بامتياز   , لأن   الدين    بكل   اركانه كان  جاهلا  وبقي   جاهلا   ,الدين   يصر على   القراءة   الاحادية   له  , ولا   يسمح   بتعددية  القراءات, فالقراءات    المختلفة   تبعا   للفئات   الدينية  المختلفة   كانت   سببا  رئيسيا   للحروب   الدامية   بين  تلك  الفئات  طوال  ١٤٤٠   سنة  , والتي   راح  ضحيتها  مئات   الألوف  من  البشر,  محاولة  اجهاض   تعددية    المواقف وفرض   موقفا  واحدا   اي  قراءة  واحدة   كانت   المسبب   للتردي  والتأخر   المستمر   بشكله   المطلق  والنسبي   لحد   الآن  , والذي  اسس   للتكفير الممثل   للأب  الشرعي   لما   يسمى   الجهل   المقدس   , التكفير   هو ايضا   الأب   الشرعي    لانعدام   التفكير, وللتفكير بطبيعته  اتجاهات متعدة حول   نفس   القضية   , انعدام   التفكير  يعني   عمليا   اغتيال   العقل,   فمن  يريد   الغاء  التعددية  وفرض   التوحيد   في   القراءة   والفكر   بشكل   عام   هو  من اغتال    العقل .

 نظرا للوضع المذري  الذي وصلت اليه شعوب   المنطقة  بين  المحيط  والخليج  ,ونظرا  لثبات  العلاقة بين  الاخوان  ,كعامل من عوامل التأخر العديدة ,وبين السبات الحضاري لهذه   الشعوب   ,وبسبب  ضحالة   أو حتى عدم وجود نقد ذاتي فعال,  أصبح   النقد  الخارجي  الغيري  ملحا ومهما  وضرورة لابد  منها  لا يمكن الاستغناء عنها  ,   حتى   بالنسبة    لمن  هو  من  خارج   الفئات  المؤمنة , اننا  نعيش   في   وطن   تعددي   ولا   يمكننا   الادعاء   بأن   ما  يريد    الدين   تطبيقه   في   مجال  مثل  مجال   الأحوال   الشخصية   لايهمنا   ,  يهمنا  جدا منع   الزواج     المختلط   او      السماح   به   باتجاه  واحد ,  يهمنا جدا  ذلك   التعثر   المستمر   في  مجال   التطور الخادم   لتطلعات   الناس  حاضرا ومستقبلا  والمسبب   من  الدين   المقدس   المتنكر   للتطور   أو  مايسمى  ” التطور   المعاق ”   

لايقف الاخونجية   تجاه النقد الذي يعريهم مكتوفين  الأيدي , لذلك  يلجؤا   الى سبل عدة لاغتيال النقد   عن طريق  وصمه  بعار  التخريب ,النقد البناء مطلوب  وليس النقد الهدام!!!! ,والناقد مهما  كان  ينال  هنا  حصة غير قليلة من التشويه  والتكفير  والاتهام  بعدم احترام  المقدسات  , وقد  أفلحت  هذه السبل  في تحطيم النقد والناقد  في العديد من  الحالات , فرج فودا   كان   قتيل رصاص   من  لم  يقرأ  كتابه  لكونه  امي   , ونصر حامد أبا زيد  يطلق زوجته قسراحسب  مفهوم   الحسبة  دون  أن يريد الزوجان   الطلاق   ,  سيد القمني   يرهب  ثم يهرب  طالبا  الغفران من القتلة  ومعلنا  التوبة   في  مجلة  روز اليوسف  ,  الاسلام السياسي  أراد  تعليق طه حسين على    حبل المشنقة , وقبل  سنوات   اردى الاسلام السياسي   ناهض حتر قتيلا بسبب   نقله   لكاريكاتور  معبر جدا ,   الأمثلة على  ممارسات  العنف   على  يد   الاخونج  كثيرة  والعنف   يعني  الاجهاز  الجسدي  على  النقد والناقد  .

 للنقد  أنواع من  أهمها  النقد البناء  والنقد الهدام  ثم النقد الممنوع ,ومن أهم خصائص النقد البناء  علميته  وهدفه  وديناميكيته  ثم موضوعيته  وعدم اتصافه  بالثابت وانما بالمتحول  القابل للتغير  ,أما النقد الهدام  فيتصف  بقطعيته  وسلبيته  وثباته  ومحاولة النيل الشخصي من الناقد  ثم تجاوزه حدود الأدب  والخروج عن الموضوع ,  أما النقد الممنوع   فله العديد من الصفات من أهمها وضعه   في   علاقة  ثابتة  مع  المقدسات  ,  يمثل   النقد   هنا ما  سمي  ازدراء    الدين.

لانظن   بوجود خلاف حول تقييم النقد البناء والنقد الهدام , النقد الممنوع هو الاشكالية !!!,المنع تحت  أي ذريعة  هو بمثابة السماح المطلق لمؤثرات غيرمحددة   شكلا وزمنا  أن تستمر في تخريب  الظروف المعاشية والحياتية بالشكل الذي نراه ونلمسه هذه الأيام , اذ  علينا  أن نكون سعداء  بالتفرج على استمرار الفشل  لكون مسببه مقدس  , الى متى ! والى  أين !

لانعرف حدودا لرقعة المقدس  ,فالرقعة تتوسع  حسب الطلب والحاجة  , وتوسع الرقعة  يلتهم  كل فكر وخاصة  الجديد  منه ,الثقافة تتكلس وتموت, ولا توجد  آلية  للتجديد وحماية الفكر  الابداعي  الا عن طريق  احياء وتفعيل الفكر النقدي الشامل, الشعوب  مصابة   بكارثة تقديس الماضي سلبا وايجابا ,من يقول   بأن  المقدس ورقعته  المطاطة  يمثل كارثة الفكرالعروبي  هو على حق ,تحل بتلك  الشعوب   كارثة تلو الأخرى  ولاتتجرأ على  تفكيك  أسبابها  ,لأن مسبباتها تقع في رقعة  المقدس ,الذي لايجوز  المس  به لأنه “مقدس”.

يبدو وكأن  الشكل الوحيد للتعامل مع المقدس هو الخضوع  المطلق له ,الذي لايختلف عن  الاستسلام المطلق له ,وبالاستسلام للمقدس ورقعته المطاطة  لايمكن  أن ننتظر الا  ازدياد  الكوارث , و هل  أجحف بحق المقدس  عندما   أطلق عليه  أسم  الجهل المقدس ؟؟ وكيف يمكننا التعامل مع الجهل المقدس ؟

لاسبيل الى الخلاص  الا عن طريق نزع  الهالة  المقدسة عن الجهل  كمقدمة  لابد منها للقضاء عليه  , لاسبيل الى الخلاص الا  عن طريق مراجعة نقدية  علمية  للموروث التاريخي  وذلك للتعرف على  حقيقة   هذا الموروث , وبالتالي يصبح  التصالح معه ممكنا ,  شعوب   هذه   المنطقة  هي    الوحيدة    الغير متصالحة مع تاريخها  في   هذا   الكون  والغير متفقة بشأنه والغير متوافقة معه  وحوله!انها  الشعوب الوحيدة  في هذه  الدنيا التي تنتحر طوعا.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *