بين الجريمة والارهاب الجهادي …..

ممدوح بيطار  ,  سمير  صادق :

      كل ارهاب جريمة , ولكن ليست كل جريمة ارهاب , فللارهاب معالم تختلف عن معالم الجريمة العادية ,  من معالم الاختلاف نذكر  الخلفية الخاصة بالارهاب , فهذه الخلفية ليست شخصية ,انما في معظم الحالات فكرية عقائدية , خلفية المجرم العادي شخصية وعادة يوجد بينه وبين ضحيته علاقة ومعرفة , في العمل الارهابي لاوجود لتلك المعرفة والعلاقة بين الفاعل وبين الضحية ,   يهدف العمل الارهابي  الى الاقتصاص من الغير وليس من الضحية , المجرم يقتص مباشرة من الضحية ,هدفه الضحية وليس من هو خارج هذه الضحية .
وعن المسؤولية ,هناك فرق شاسع بين الارهابي والمجرم , فالمجرم مسؤول عن فعلته حصرا , بينما الارهابي غير مسؤول عن فعلته حصرا , معظم المسؤولية في حالة الارهابي تقع على عاتق الخلفية   العقائدية  –  الفكرية وعلى الجماعة ,التي تدفع الفرد بشكل مباشر أو غير مباشرللقيام بالعمل الارهابي , اذن العمل الارهابي هو من صنع الخلفية  الفكرية , أي أنها الفاعل الحقيقي , بينما الفرد هو المنفذ للعملية االارهابية فقط , بالمجمل يسمى ذلك “الفعل الجماعي”.
يحاول البعض التمويه على الخلفية الفكرية وتبرئتها من الفعلة الارهابية , من هذه الطرق التماس الدوافع بجهل الفرد وعدم اسلامه وكونه سكير عربيد وحشاش وفاشل اجتماعيا ومحكوم عليه   الخ , هذه الخصائص بالذات هي الخصائص المطلوبة من شخص يراد منه تنفيذ عمل ارهابي , فهذا الشخص يرغب باعادة تأهيله لنوع جديد من الحياة التي تشعره بأنه ليس منبوذ وذو  قيمة ومكانة اجتماعية , بالمقابل عليه تنفيذ أوامر  ورغبات    الجماعة , التي تصاغ عادة بشكل غير مباشر,  يقال   للفاعل   ان  الهدف الأساسي هو نصرة   الدين   الحنيف , الذي أهله ومنحه مكانة رفيعة ضمن الجماعة ,قتل الناس هو أمر ثانوي لا أهمية له مقارنة بنصرةالدين  وبضمان رضى الله عنه مما يضمن له مكانا   مؤكدا     في   الجنة  وبين   حورياتها    .
من المدارس التي تستطيع تأهيل الفاشل لخدمة أهدافها , تتبؤ المدارس   الدينية الجهادية موقعا  مهما في هذا العصر, تذيب  هذه   المدارس   الجهادي   بها ,وعملية التذويب سهلة , لأن الحشاش أو السكير فاقد   المعالم  الشخصية ,   يجد   في   الجماعة   التي   أذابته   بديلا   له   عن شخصيته, تقدم  الجماعة  له  الاعتراف   به  وتشجعه بالمكافأة تلو الأخرى   خاصة   بالكلام  والألقاب  مثل  لقب  مؤمن أو  مجاهد أو  لقب من خير أمة , كل ذلك يتتوج بلقب المسلم الأعلى وبامتيازاته في السماء والجنة , خاصة عندما يقوم   بممارسة  فروض   الجهاد كالقتل  والقتال  والاستشهاد ,   أي   عندما يموت في سياق الجهاد في سبيل الله وليس في سبيل شخص أومجموعة يراها ويتعامل معها وجها لوجه ,انه فاعل لوجه الله وليس لوجه ابو بكر البغدادي , الذي يتساوى معه في الايمان ويساويه في القيمة من حيث كلهم يجاهدون وكلهم سواسية في الجهاد ومآلهم جميعا الجنة والحوريات وغير ذلك من الامتيازات التي  تخص المؤمنين فقط وليس غيرهم ,انه بذلك حقيقة المسلم الأعلى بدون منافس !,الا أنه في استقلاليته الشخصية وفي ادراكه وتوجهاته وأنسنته  يبقى   الانسان الأدنى أيضا بدون منافس !.
لايمكن لمدرسة الجهاد أن تفلح في تكوين المسلم الأعلى الذي هو في نفس الوقت المخلوق البشري الأدنى بدون مدارس موازية ولنسميها مدارس حاضنة تجاوزا , مهمة هذه المدارس الحاضنة هي تأمين جو التفهم لموضوع الجهاد بشكل عام ولموضوع الدمية الصنيعة بشكل خاص , هذه المدارس ترحب بالارهاب عمليا وتتنكر له شكليا ,هذه المدارس تمارس خيانة الدمية الصنيعة باعلانها عن أن فعلته شخصية لا علاقة لها  بالدين  الحقيقي  ,وبذلك تقف الدمية  الارهابية  مجددا وحيدة معزولة تقبع اما في السجن أو في الجنة   الافتراضية أو في  القبر  , ثم تعادة الكرة مع غيره   وهكذا  !, يؤهلوه للقيام بما يريدون, ثم يتركوه وحيدا لمصيره ,وبذلك يحققون شروط الدجل الجماعي والخداع الذاتي الذي يدمر الذات قبل تدميره للغير ..!

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *