الوعي الثوري وثورية الوعي !!

ممدوح   بيطار ,سمير  صادق  :

وداعًا أيتها الديمقراطية - وكالة وطن للأنباءأغلب  الظن  أننا  على حق عندما نشكوا من الطائفية , ولا نظن   على أن  هناك حاجة الى المزيد منها ,  وعندما نشكو  من الاستقطاب الطائفي في موضوع الثورة والسلطة  فنحن  أيضا على حق , والاستقطاب الطائفي ثورة وسلطة  يعني  على أن هناك من وقف   الى جانب الثورة  ولو أخطأت,  وهناك من عارض  السلطة  ولو  أصابت   ,هناك أيضا من يعارض الثورة  ولو أصابت  ويؤيد السلطة ولو أخطأت   ,  هناك  لاموضوعية  في مسلكية  الكثير من المعارضين والمؤيدين الذين  لايهتمون  بالخطأ والصواب مبدئيا  , وانما فقط  بالوجه المذهبي  للجهة التي  قرروا  الانتماء اليها  , ولا   عجب   أو مبالغة ان قلنا على أن  قسم كبير من الشعب  السوري تائه  وحائر   ,ذلك  لأن تأهيل  الانسان  السوري  لممارسة  الادراك    السياسي  ضعيف جدا  بفعل  تراث  القرون  الأربع  عشر  الأخيرة  وبفعل استمرار  هذه   القرون  بديكتاتورية السلطة   واجرامها  وجهلها  بمتطلبات  بناء الدولة , كذلك  بفعل  الفصائل   المسلحة   وجناحها   السياسي    الاخواني ,  الذي  شوه   المقدرة  على  الادراك  , فالدولة هي كيان سياسي   قبل كل شيئ  ولا علاقة للدولة بنية  وكيانا  بالمذهب .

  تتألف الدولة  بشكل  عام  من أرض وشعب  وعقد اجتماعي ,  لا   مذهب للأرض  السورية  , ولا الشعب السوري  وحيد المذهب  , كما     أنه   من   البديهي   أن  لايكون للعقد   الاجتماعي مذهب  , عطلت    الطائفية السلطوية  والاخونجية    كل  هذه   المبادئ   البديهية  في  هذا   العصر   ,  واستبدلتها   بمفاهيم  ولدت   قبل   آلاف   السنين   أي مفاهيم     عصر  الحجر  تقريبا .

  يتطلب الكيان السياسي  سياسيين ولا يتطلب رجال دين  , فلرجال  الدين كياناتهم  ومجالات عملهم  , والفشل سيأتي عندما  يمارس رجل الدين السياسة ,  وعندما  يمارس  السياسي   عمل رجل الدين..هذا بشكل عام !

ليست مهمة  الثائر التسبب   بالثورة , فالتسبب   بالثورة  هي  مهمة  الوضع  الذي  استحق  ثورة  , التراث  الذي  استمر   باللأسدية    والاخونجية   هو صانع  الثورة  السورية لأنه  مسببها  ,هؤلاء  هم  من  خلق   الضرورة  والبيئة  والموجبات  للثورة  ,فمن  خلال  قمعهم   انبعثت   ضرورة الحرية  , ومن خلال  فسادهم  انبعثت  ضرورة الاستقامة , ومن خلال  طائفيتهم   انبعثت   ضرورة  اللاطائفية , ومن  خلال  ديكتاتوريتهم  انبعثت  ضرورة الديموقراطية ..الخ  , سلبياتهم     كانت المحد  لشكل  ونوع  وعدد  الضرورات  الايجابية , انهم المحدد  للاطار العام سلبيا  .

مهمة الثائر هي مهمة تكتيكية    واستراتيجية  , عليه التوصل الى نقيض   لهم  وذلك  بسبب   فراغ   السلطة  وفراغ  الفصائل من  أي  ايجابية  , لذا  فالاقتلاع الكامل والشامل ضروري  , وهذا مانسميه “ثورة” , الأمر ليس  احتجاج  وليس  تمرد   ولا عصيان  ولا مطالبة  بتعبيد الطريق أو توفير المازوت , انه  تعريفا  ثورة تهدم كل شيئ  وتبني كل شيئ بشكل   أفضل  وايجابي .

هل    يستحق  نشاط  الفصائل  اسم  ثورة ؟؟؟  لايستحق  نشاط   الفصائل  اسم   ثورة  وثوار ,  وذلك  بالرغم من  سعيهم    لاسقاط   الاستبداد  والاستعباد ,   ثورية   اسقاط   الاستعباد  والاسستبداد     مقرونة   بما   يطرحه  هؤلاء  “الثوار ”  من    بدائل ,  كون  البديل   أو  الجديد   المتوقع  والمعلن  والممارس (داعش   وغيرها  )    أسوء   من   الموجود   ينفي  صفة    الثورة  والثوار  عن    الفصائل ,   لابل   يمثل  وجود  الفصائل  ونشاطها  تخريبا   للثورة   ,أي كان  على  الشعب  السوري   القيام  بثورة  مزدوجة  ,  على  السلطة   من  جهة  وعلى  الفصائل من  جهة    أخرى ,  وهذا   الأمر  كان   مستحيلا    بدون   فعل  حازم  وحاسم  اضافي   خارجي ,لم   يعد  للتظاهرات فاعلية    ثورية, واسقاط   الأنظمة   الفاسدة   القاصرة تم   في   هذا  العصر  على   يد   الخارج والأمثلة     حول   هذه   النقطة  عديدة  جدا.

اذا تسببت   السلطة   بالثورة   ,فعلى الثوار ايجاد الوسائل  الضرورية  للتوصل ثوريا  الى نقيض   السلطة  ,  وبأي  شرعية  يقوم الثوار بذلك  ؟, هناك  من  ذكرنا   بشكل مستمر   بأن  الثوار لايمثلون الا أنفسهم  , وهم حسب الادعاءات  السلطوية   أقل من عشرة  أشخاص  , والباقي هم من  الجلب الارهابي  الوهابي , يسألون من انتخبهم ووكلهم بمهمة تهديم البلاد والاعتداء على الشرعية  وعلى  الجيش العربي السوري الباسل  ومحاربة الرئيس الدستوري , ولا يقولون لنا  كيف  يمكن انتخابهم مثلا  , وهل يستطيع  حبيب صالح ان يأتي الى الوطن ويرشح نفسه  لمنصب  ما؟  وما هو مصير  ياسين الحاج صالح لو اتى الى الوطن ؟  يسألون عن الانتخاب  في حين لايمكن  الانتخاب ولم  تتم  ممارسة  اي  انتخابات  منذ  عام  ١٩٥٤ , ,هذه  الاشكالية ليست بالجديدة  على علم  الثورات ,  لقد  سأل  الفاسد باتيستا  عن  شرعية كاستروا,  وسأل  شان كي شك عن شرعية  ماو , وسموزا  طرح نفس السؤال  , كذلك    القذافي  ومبارك   وعلي عبد الله صالح   وزين العابدين  والأسد ايضا ,    الأسدية   لاتسأل   كيف    أتت   ومن    انتخبها ؟؟؟ انها  شرعية  ثورة   آذار  المجيدة  التي   سمعنا   عنها  من  المذياع  ولم  نشاهد  قبل  البلاغ  رقم  واحد    أي  متظاهر   أو ثائر ,  مجيدة !, لأن  طغمة  عسكرية  حلت  محل  طغمة  عسكرية   أخرى !

لم  يتم انتخاب الثوار,  الا أن الثورة بالرغم من ذلك  شرعية بامتياز  , وشرعية الثورة  تنبثق من لاشرعية  النظام   الذي  ثارت  عليه , شرعية الثورة السورية كانت  من لاشرعية    السلطة   , والسلطة  فقدت الشرعية  ,  التي   لم  تكتسبها   أصلا , لعدد   كبير جدا من الأسباب  منها التزوير والفساد والديكتاتورية   وتأخر البلاد والقمع  واغتيال الحريات  والاعتداء على الدستور  ووضع المادة الثامنة في هذا الدستور ..الخ.

لا علاقة لحجم الثورة  بعدد الثوار ان كانوا ١٠ ثوار أو ١١ ثائر  وانما بحجم  تجاوزات     وفساد  السلطة    وعدد  براميلها   التي    القيت  على الناس , ثم عدد المعتقلين    ظلما  ومن قتلهم  غدرا  ومن أفقرهم    ومن شردهم  وامرضهم  وعذبهم,   ضرورة   الثورة  تتناسب    طردا  مع   حجم   موجباتها , والموجبات  عمرها عمر   التراث  العربي   القريشي    بما   فيه   الأسدية  .

لم  تندلع    الثورة  حيث  كان  لها  أن  تندلع, ولم   يكن   لها    الشكل والممارسة   الثورية الضرورية    لنجاحها ,  وللفشل   العديد   من  الأسباب منها   قصور   الوعي   الثوري   عند    الشعب ,  الذي  لم  يتمكن  ولحد  الآن  من   القيام  بثورة  على   الوعي   الخنوعي   قبل    القيام    بمغامرات   الحرب  الأهلية ,  الثورة  على  الذات  الخانع هو  مقدمة   ضرورية   للنجاح   في   أي   ثورة   أخرى

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *