الدولة الدينية اخونجية أو ملالية ……

 ممدوح بيطار,  سمير صادق  :

كاريكاتير سعودى يسلط الضوء على العقوبات الأمريكية على إيران - اليوم السابع       يتضمن مايمكن تسميته مشروع الاخونج لبناء دولة   تطبيق الشريعة ,ولو افترضنا جدلا بأن هذه الدولة قامت بشكل ما  , فهل بامكان هذه الدولة أن تنسجم مع النظام الدولي الذي يفرض العديد من القيود   والأحكام ,  التي لابد من أن يلتزم بها وبالقدر الأدنى , كما تلتزم بها كل دولة في العالم , وذلك لتجنب العزلة والحروب ,فهل يملك  الاخونج   أو   الملالي الآليات السياسية لحكم الدولة في   هذا   العصر ؟, وهل لديهم مشروع ينهض بالمجالات الحيوية في بلدانهم لتلبية حاجات الشعوب, التي  يريدون  فرض    اسلوب حياتهم عليها ؟ وهل هم مدركون للتحديات  التي ستواجههم في تطبيق  الشريعة في بلدانهم؟,  انظروا بتمعن   الى جمهورية   الملالي الايرانية   والمشاكل   التي   تحاصرها !!
الأصل الذي قام عليه كيان الخلافة هو الجهاد   والايمان المطلق    التكفيري  , وأساس علاقة المؤمنين بمن  يعتبرونهم كفرة كان  الحرب, وذلك انطلاقا من تقسيم الدنيا إلى دارين, دار اسلام ودار حرب, وبالرغم من كون هذا   التعريف غير شامل لكل حقبات كيان الخلافة , الا أنه طاغ فكريا, فالحرب كانت نتيجة منطقية لديمومة الجهاد  ما دامت هناك عوائق أمام  الدعوة للدين الحنيف   وانتشاره كما  كان  ولا   يزال وضع   ملالي   ايران   ,الأصل في دار الاسلام كان حكم المؤمنين بغض النظر عن نوعية المحكومين , الأصل في دار الحرب كان  حكم الكفرة بغض النظر عن نوعية المحكومين   أيضا  , والأصل في النظام الدولي الحديث هو الحالة المفروضة على الدول في اطار مواثيق هيئة الأمم المتحدة ,لا مناص لدولة أو كيان يخضع في تأسيسه الى مفهوم دار الحرب الا  أن يصطدم مع مفهوم الدولة العصرية  , يتموضع   مفهوم  دار   الحرب   خارج اطار النظام الدولي ويتمرد عليه  ,   العزلة والعداوة ستكون النتيجة , عداوة ضد الأكثرية الساحقة من دول العالم , وما يترتب على ذلك من سلبيات قاتلة .
ماذا يعني مفهوم السيادة دينيا ؟؟؟ لمفهوم السيادة هنا خلفية ديموغرافية , فسلطة “الدولة”   الدينية  المؤمنة تمتد حيث يوجد مؤمنين  ,خاصة حيث توجد أكثرية منهم , وذلك لضمان عصمة نفس ودماء وأموال المؤمنين , النظام الدولي الحديث يعتمد على الجغرافيا وليس على الديموغرافيا , فالدولة المعترف بها هي دولة بحدود “جغرافية” بغض عن انتماء سكانها الديني  ,المواطنة   ليست   دينية  , والمؤمن   ليس   مواطن بالضرورة ,  بينما   يمكن   أن   يكون  المواطن  مؤمن  , لقد فشلت كل المحاولات لاستدراج الاخونج  واستدراج   الملالي  لكي يرسموا حدودا لدولتهم المنشودة , هناك انطباعا بأن هذه الدولة ستضم كل بقعة من الأرض يعيش عليها مؤمن (الوطن الديموغرافي) ,   هكذا  كان   على   الملالي    التمدد    والهيمنة   على   عدة   عواصم   عربية . 
أما عن الوطن والمواطنة وعلاقة الوطن بالجغرافيا ,فلا وجود في أدبيات الاخونج او   الملالي  وممارساتهم  سوى الرفض الديموغرافي للمفهوم الجغرافي ,   ديموغرافيا هناك مؤمنين بحقوق وواجبات تختلف عن حقوق وواجبات الكفرة , والنظام العالمي لاينسجم مع هذه النظرة, انه يرى على أنه للوطن خلفية قد تكون قومية على أرض معترف بها , وذلك بغض النظر عن الانتماء الديني للفرد ,بالرغم من محاولات الاخونج المتكررة للحديث عن الأوطان  , لايقدم المؤمنون نموذجا واضحا عن مفهومهم للدولة والوطن والمواطن ,لابل   يتنكرون   للأوطان ويتبنون  مفهوم  الأمة  الدينية, انهم مشدودين الى   الماضي ,  وحلمهم كان   ولا   يزال   اعادة   انتاج     الماضي  , الذي   لم   يعرف   منظومة   الدولة  قبل   ١٤٤٠   سنة , باختصار انهم   جهاديين   وليسوا   مواطنين .   
لايقتصر المشروع الاخونجي والملالي  على الالتزام بالشريعة , انما يريد انتاج انماطا للحياة والعلاقات الاجتماعية بما يتوافق مع قيم الدين الحنيف من لباس وصوم وجلد للمفطر ثم الزواج والعلاقات المادية مع العالم ..تجارة ..اقتصاد … قروض ..فائدة على القروض .. سياسة .. مفاهيم الفتوحات وتبريرها , الغزو غنائم الحرب ..الخ , وكل   ماقدمته  مفاهيم” دولة” الخلافة من ممارسات ومفاهيم لاتستقيم مع النظم العالمية ولا تستطيع الانسجام معها , ولما كان الاخونج  والملالي  يدركون  ذلك أو أنه من المفترض ادراكهم لذلك , لذا فان اتهامهم بأنهم يركبون موجة المخاتلة فقط من أجل الوصول الى السلطة محق , وبعد ذلك لكل حادث حديث ,يظنون   أن  الوصول    الى   السلطة هو   الشرط   الرئيسي لاستدامة   حكمهم  ,  لم   يبرهن   التاريخ   عن  صحة   هذه   النظرة .
  ففي الكيانات  التي   يريدون   اقامتها  لامجال للمشاركة    الشعبية  ولا  مجال للتعددية والحزبية  من   منطلق الحفاظ   على   وحدة   الأمة ,ثم هناك   اصرارا   على   التجانس    وعلى   الطاعة  والانصياع   للنخبة   الدينية , لامرتكزات  علمية   لقراراتهم ,  التي    يصنعها   الفقه   الذي   لايخطئ وبالتالي   لاحاجة  لتصحيح   الأخطاء,قياداتهم  من  أهل   الثقة  وليس   من  أهل   الخبرة  او   المعرفة ,ثم  هناك   اشكالية   النظرة   للمرأة   ,وهناك  نزعة   السيطرة   التامة  على   التعليم   المرتكز   على   التلقين   البدائي,  اضافة   الى   ذلك   النفور  من   بعض   العلوم  كالفلسفة والحقائق   العلمية   ككروية   الأرض .
بسبب   العزلة والبدائية   وتأخرية   رجال   الدين   يتفاقم    الفقر وبالتالي  ينشط    الفساد ,  الذي   لايمكن  لمفهوم  الحلال  والحرام  مواجهته ,  ستتزايد   احتمالات   النزاعات  والصدامات  في   ظل  تكفير   الغير  وفي   ظل  عدم   الاعتراف   بالقرارات   الدولية الخ  ,لقد ذكرنا باختصار   شديد    بعض   النقاط   , قد   يكون   من   الضروري   نشر  مقالا   أكثر   تفصيلا   حول   المشاكل  التي   ستتعرض   لها  “دولة ”   الاخونج  ودولة   الملالي وسيتعرض   لها   شعب  تلك   الدولة.
انسجام منظومة   الخلافة   مع   بقية   العالم   شبه   مستحيل , وانسجام    منظومة  الخلافة   مع    الأوضاع   الداخلية    شبه   مستحيل    في   ظل   هيمنة   العولمة   الخارقة   للحدود  , التناقضات  ستقود    الى الخلافات   ,  التي   تحاول   الدولة   الدينية    او   الخلافة  او  دولة  الاخونج أو   الملالي   السيطرة   عليها  بالقهروالترهيب  والسجون والمشانق كما   هو   الحال  في  ايران  حاليا(   في   شهر  واحد   تم   اعدام   ١٦٦   ايراني  منهم    العديد   من   النساء) , وكما    يروى   عن   اعدامات   وزير   العدل    السوري  الحالي للعديد   من   النساء  على   قارعة   الطريق   بتهمة   الزنا , انهيار  حكم   ملالي   ايران وأي   حكم  ديني  مشابه  مسألة وقت   وحتمية  تاريخية  لامجال للشك بها !. 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *