ممدوح بيطار, سيريانو :

للتكفير توأم هو التخوين , يحول التخوين جزءا كبيرا أو صغيرا من الشعب الواحد الى خونة عملاء اعتبارا , وله من العواقب الكارثية أكثر من عواقب التكفير , فكم من بريئ علق على حبل المشنقة لاتهامه بالخيانة والتآمر , التي نتجت في معظم الحالات عن تباين الآراء والمواقف , خاصة تباين الرأي مع رأي الفرعون المتسلط , الذي اراد بهذه التهمة ازاحة من يعارض استبداده واستغلاله .
عن التكفير والتخوين وعن الكوارث التي يسببها كتب الكثير ,وبكثير من التفصيل والنقد والتحذير , لا أظن أن تكرار هجاء التكفير والتخوين ومفهوم المؤامرة ضروري , الأهم من ذلك هو تسليط الضوء على الاخونج السياسي, لكونه الممتهن الرئيسي لممارسة التكفير والتخوين معا , يكفر كمذهب ويخون كسياسة , اي أن كارثيتة مزدوجة ,وازدواج كارثيته قاد ويقود الى تكريس ثقافة النبذ والاقصاء التي عصفت بالمجتمع , وأعاقت الانفتاح , ودمرت السلم الداخلي .
تؤسس ثقافة النبذ والاقصاء للعداء والتأزم والخلاف وتشتت المجتمع , الاقصاء هو أحد أهم التجليات السلبية لرفض الآخر , من الناحية النظرية ليست مفهوما مستقلا بل مرتبطا بمفهوم “الآخر” , كل آخر مختلف يمكن أن يصنع منه عدوا متآمرا وبالتالي سببا للخلاف,الذي يتطور عادة الى العنف , يتم تبرير صناعة العدو عن طريق الشك بعقيدته , فكل العقائد مشكوك بها سوى واحدة !, من الصعب صناعة العدو بدون التعصب ,والتعصب هو الابن الشرعي لمن يعتقد بامتلاكه للحقيقة المطلقة .
هناك من ينصح ويشدد على ضرورة تجاهل تلك الاشكاليات التراثية وعدم التعرض لها , لأن التعرض لها يمثل نهجا تفتيتيا تقسيميا ويعرض الوحدة الوطنية للارتجاج والاهتزاز , وذلك في الوقت الذي تحتاج الشعوب به الى التوحد والتلاحم , الشعوب بحاجة الى خطاب يوحد ولا يفرق ويجمع ولا يمزق… هكذا يدعون !
تعبر هذه النصائح الملائكية الطوباوية عن خدعة ومخاتلة لانظير لها , ينصحون بعدم التعرض لتلك الاشكاليات وكأن الوحدة الوطنية والتلاحم كان في أحسن أحواله في ظل التكفير والتخوين , والحالة في ظل التكفير تمثل أرقى أشكال التوافق الوطني بين فئات الشعب, التي تكفر بعضها البعض , وتخون بعضها البعض ,حقيقة يمثل ذلك دعوة للاستكانة لما يفرق ويمزق , اي الاستسلام للتكفيريين والتخوينيين .
بهذه النصائح يريد التكفيريون التمويه على تكفيرهم وتخوينهم , هؤلاء لا يهدفون الى حماية الوحدة الوطنية , انما يريدون من الآخر الانصياع لهم , لذا على الآخرين ممارسة الصمت وتجنب تعكير ضجيج ساحات القتال تحت الرايات السوداء , الصمت ضروري لتأمين الجو المناسب للتكفيريين التخوينيين لممارسة تكفيراتهم وتخويناتهم , وبذلك تتحقق الوحدة الوطنية , ويتحقق الوئام تحت رايات الجهاد وصيحات التكبير وتتحقق وحدة الصف في ظل الاخونج المكفر المخون.
الكفر مصطلح خاص بالمحمدية والاخونج حصرا , ويعني عدم تصديق ما قاله ابن عبد الله أو عدم الايمان بما قاله او حتى جزءا مما قاله, اضافة الى ذلك يتعلق التكفير بالممارسات كترك الصلاة او عدم التقيد بشروط الصيام , يتطلب الابتعاد عن التكفير الابتعاد عن المطلقية والمقدس , وماذا يبقى من الدين الغير مقدس والخاضع الى النسبية ؟يبقى الكثير !, اذ ان التقديس والمطلقية ليسوا ضمانة لاستمرار عقيدة ما على قيد الحياة , تتعاظم حظوظ العقيدة في الاستمرار عندما تتسلح تلك العقيدة بالنسبية وبالحياتية , اي عندما تتمكن عن طريق التطور ان تكون دائما خادمة للانسان وحياته ,وأن لايكون الانسان خادما لها .
هناك في التكفير وفي النصوص نوعا من الجنون , وبعد شاسع عن الواقع , تصوروا عافاكم الله بشرية تحكم بقتل المرتد أو المشرك الكافر , هذا يعني قتل مليارين من الملحدين , منهم ابادة اكثر من مليار صيني وثلاثة ارباع مليار اوروبي واربعة ملايين من سكان مدينة القاهرة و١٣٪ من سكان العراق وذبح نصف مليار امريكي تقريبا ولا نريد التوسع في قائمة المحكوم عليهم بالقتل بسبب الكفر والالحاد والردة ,قبل قتل الكافر يجب عليه ان يستتاب , فكيف يمكن استتابة مليار صيني يعتبرون ان الدين مرض نفسي ولماذا لايباشر المشايخ بقتل ١٠٠ مليون ياباني , وماذا ينتظرون ولهم في المودودي وحسن البنا وسيد قطب وحتى بابن عبد الله خير قدوة وخير مرشد , الم يأمر الله في كتابه العزير “اقتلوا المشركين حيثما وجدتهومهم ” اضافة الى ذلك هناك في الكتاب العزيز٥٢٤ آية تهتم بموضوع الكفر وهناك ٢٥ آية تطالب بقتل الكافر ثم هناك ٢١٨٠ حديث عن الكفر والكفار وضرورة اباتهم طبعا بوسيلة الجهاد لا جهاد بدون تكفير ولا غنائم حرب بدون جهاد ولا اقتصاد سوى اقتصاد المغازي , البترول كان الصدفة التي خففت الكثير من الاعتماد على اقتصاد المغازي , اضافة الى ذلك هناك عنانة في موضوع الغزو , الذي مات غير مأسوف عليه .
المؤمن يطبق احكام الله كما جاء في الكتاب العزيز , ومن هذه الأحكام قتل الملحد , والملحد او المرتد يقتل عمليا ولكن نادر جدا في هذا العصر , لقد حكم في ليبيا على الشاب احمد ضياء بلاعو ببتر الرأس لأنه اشهر الحاده , ولا نظن أنه قد تم تنفيذ الحكم , لربما بعد تحذير من موظف من الدرجة الرابعة في وزارة خارجية دولة كأمريكا او غيرها, اي أن عدد من قتلوا بسبب الردة قارب الصفر تقريبا , هنا لايمكن سوى امتداح هذا التطور.
ما تبقى من فضيحة الدعوة الى قتل المرتد ليس أكثر من ثرثرة يمارسها بعض المرضى نفسيا , كما كان الحال مع عضو على هذه الصفحة تم انذاره بالطرد اذا كرر مقولة يجب قتل المرتد, الردة ليست جريمة انما حرية , قتل المرتد هو الجريمة الحقيقية , على السادة المؤمنين ان يكفوا عن الاساءة لأنفسهم عن طريق ترديد شعارات من نوع قتل المرتد ,كفاكم شرشحة !. للبحث تتمة