آفاق داعشية ..

مفيد   بيطار,  ربا  منصور  :

 
علي البزاز on Twitter: "#كاريكاتير_البزاز العرب.. #داعش.. و#غزة ... ليس للظن بأن داعش المتجذرة في الوعي الجماعي الديني ستتبخر  تماما  تحت وابل القنابل أي ركيزة عقلانية أومنطقية , فداعش متعشعشة في اللاشعور الاجتماعي والديني منذ قرون , وكون اسم هذه الظاهرة “داعش”  جديد ،لايجعل منها ظاهرة جديدة ،،ثقافة داعش   حاضرة  بحلابية وعقلية وعقيدة   وسكاكين    ومحارق وسيوف  منذ   اربع   عشر   قرنا   ،   كلهم   ذبحوا وكلهم   حرقوا  وكلهم سبوا   ,   فصفية   كانت    سبية  على   سبيل   الذكر  وليس   الحصر  , والحكم   بالذبح      بخصوص   بني  قريظة   تعلق   فقط   بشعر   العانة  والديانة , قال علي   قبل    التحريق الذي   مارسه بكثرة   ,  اوقدت   ناري  وناديت   قنبرة   , والمدعو  قنبرة كان    المسؤول   عن   تحريق   الناس   وهم   احياء ,وعلى   طريقة   ذبح  مالك  بن  نويرة   ذبح    عشرات  الألوف  من    الاعداء والأصدقاء   والحلفاء  حتى   الخلفاء , لا جديد في عنف   داعش الا أنواع المتفجرات  والاسلحة  والرغبة    في   تسجيل مشهديات   البربرية   على   اشرطة  بكاميرات  ،   ذلك  لم   يكن   متوفرا  قبل 1400 سنة.
 ثقافة داعش المزمنة  والغارقة   في   القدم كانت    معممة    وعلى   الأخص كانت   سلطوية    حاكمة ،   الجديد   في   الأمر ان   دواعش    الماضي   لم   يكونوا  مطاردون,  أما   دواعش   الحاضر فهم   ولو  حزئيا   مطاردون , وحاضرا   هناك   قرار   دولي  بخصوص ضرورة اجتثاث داعش وسحقها   عسكريا   ، وقد   نجح   الحلفاء   في تدمير مركزيتها وقواته  االنظامية  الى   حد   كبير  ،الا أن  الخبرة مع تدمير مركزية العصابات المتجذرة تراثيا وفكريا وعقائديا والمحتضنة من قبل    بعض  فئات  الشعب تقول بأن الانتصار على داعش لايمكن له أن يكون  أكثر من تفتيت داعش وليس   الغائها   كليا  من   الوجود  ،التفتيت  يعني  انتاج   العديد   من   الفئات   الداعشية   الصغيرة  نسبيا   بدون مركزية , ميكرو    داعش !, وهذا   الفتات     الداعشي  يستمر    بالعمل   الحربي   الارهابي  كجماعات صغيرة تنفذ عمليات هنا وهناك   وهذا   ماحصل ويحصل  , أي  ممارسة  مايسمى” الحرب الغير متناظرة” ، التي  لايمكن   لجيش نظامي أن يسجل بها نصرا نهائيا يقود الى استسلاما جماعيا   لها  ,   التآكل والاستنزاف هم من   أهم نتائج   هذا   النوع  من   الحروب ,  التي   قد   تستمر عشرات السنين دون غالب أو مغلوب.                                              
   تحول   الحرب ضد داعش من حرب شبه نظامية الى حرب غير متناظرة لايمثل التطور الوحيد الذي يمكن توقعه, كارتكاس على التفتت,  قد  يكون   هناك نشاطا توحيديا جديدا  لجمع الدواعش المبعثرة ,   ومن المألوف في هذه الحالات أن يكون للوضع الجديد أسما جديدا ومفاهيم جديدة وبنية داخلية جديدة وسياسة خارجة جديدة,  وقد 
  ظهرت بدايات  أو  بوادر  كل ذلك حتى في منتصف عام 2014،أي مع بدء نهاية الانتصارات العسكرية الغير منتظرة   لداعش ،  ففي أواخر عام 1914 ظهر تيار ضمن   داعش هو التيار الحازمي (نسبة لمؤسس هذا المشروع )،   الذي بدأ بالصعود وبدأ نجم مشايخ القاعدة وداعش بالأفول , فالتيار الحازمي انقلب عل الجميع ووصل  بانقلابه  حتى الى حسن البنا وسيد قطب مستخدما آلية جديدة في ممارسات التكفير  سمي  التكفير” بالتسلسل” ,الذي   يعني من   لايكفر  الكافر   هو  كافر ,  انقلب    التيار   الحازمي   حتى على ابن تيمية وعلى مبدأ العذر بالجهل  , الكافر  هو من كفروه  ,  ومن لايكفره يستحق حكم الردة أي   قطع الرقبة  .
  تمكن التيار الحازمي داخليا من تحقيق العديد من النجاحات , منها السيطرة على  المجالات  الشرعية لداعش ,ومنها  اصدار   الفتاوى  الخاصة بالتكفير بالسلسلة,من   المتوقع   أن تكون المبادئ الجديدة كالتكفير بالسلسلة ومبدأ العذر بالجهل أساسا لداعش الجديدة لربما تحت اسم جديد ,حزم  مثلا !, وبممارسات    أكثر توحشا وتطرفا ,   داعش   الجديدة ستكون أقل عددا وأكثر أصولية من داعش القديمة .
تحطيم داعش أو تحجيمها    أسهل   من  تجفيف المستنقع الذي ولدت ونبتت     به , خاصة في زمن قصير، أي على المدى القريب أو المتوسط , فداعش ليست عصابة   فقط،انما تجسيد لمفاهيم مزمنة وعميقة في القدم ، لها حاضنة شعبية لايستهان بها ، ولها تأييد ضمني وظاهري واسع من قبل  معظم   الاخونج   ، بعض    الاخونج  مارس   شتم ورفض   داعش   ظاهريا, ولكن    بعد   سقوط   الأسد   مارس     مايسمى  الآن   التكويع ،  تحول  التكويع   الى   مدرسة معظم   تلاميذها الآن   من   اتباع   الأسد الذين   استفادوا  منه   سابقا   , والآن  كوعوا    وباشروا   بشتمه . 
  لم  تأت  داعش وما  يمكن   أن   تتطور   اليه  اي    “حزم”  مثلا  من العدم ولا من الصدفة , فتوحش داعش هو وجه آخر لوجه توحش   المجتمعات والأنظمة الاستبدادية   منذ  ١٤٤٠   سنة  والى   اليوم    , وليست صدفة ان تتوطن داعش  بشكل    رئيسي  في الدول التي حكمها البعث , فداعش تتشابه مع البعث في العديد من الخصائص ,  من أهمها الصيغة الاحيائية للماضي, فكلاهما يريد احياء الخلافة   , حديث البعث عن اعادة احياء التراث والمجد  الوهمي ،  ليس الا حديثا عن اعادة     احياءالخلافة ،  مايريد البعث بعثه من جديد هو  محمدي  بامتياز.
 لقد وفرت داعش لنفسها سندا مرجعيا من   تجارب    الخلافة  المتصلة بأحداث مابعد الهجرة وحتى من النصوص , فداعش تقلد ولم تبتكر ,حتى مشهدية القتل والذبح لم   تكن   ابتكارا  جديدا ,كما قيل   في   المقدمة  ,الجديد في هذه المشهدية هو آلة التصوير فقط . 
 
  نرى  بأنه من الضروري لفت الانتباه الى بعض النقاط المهمة , من هذه النقاط تقييم كارثية داعش حصرا   والمبالغ  به  , لاتكمن  الكارثية تحديدا  بداعش حصرا ,  انما  بالتراث     الداعشي   بشكل   عام , والذي   يشمل  الانظمة القائمة   وحتى   الشعوب    ,  الشعوب    المتوحشة   انجبت   انظمة   حكم   متوحشة, أنجبت أجيالا   بدون   أفق   أو  أمل ,  وبدون  ثقافة الحرية ,   أجيالا جاهلة وبارعة   في   اذلال   الغير  وهدر  كرامته   ثم   في   ممارسة   الاستبداد , كل ذلك  مثل     أرضا خصبة   لانعاش  داعش  ، كون أصول داعش تمتد الى   اوائل القرون   الأربع   عشر    الأخيرة   لايعني مقدرتها على   الاستمرار حتى هذا العصر ,    يعتمد الاستمرار  على    توفر    البيئة   المتوحشة    التي   يمكنها   احتضان   داعش   , وتدعيم   احتياطي   العنصر   البشري     لداعش  ,     تملك    البيئة   الحاضنة  فقاسات   انجاب  وتكاثر , وداعش تملك  تلك   الفقاسات .

لاتكمن   قوة   داعش   بداعش   حصرا,  قوة  داعش  تتناسب طردا مع غزارة انتاج حواضن  جدد  للداعشية  المتوفرة   الآن  بكثرة   , وهذا   ما   لوحظ   على   سبيل   المثال   في   مهرجان   مدينة  جبلة   قبل   ايام , لم   تبلغ   الحواضن  سن اليأس ولا يزال  الانجاب نشط   , لذلك لامناص  لمن  يريد  تجفيف مستنقع  داعش  من  سد  قنوات  الصرف  الانتاجي   التكاثري   عن المستنقع ، وهذا لن يتم الا بالتخلص   من   الثقافة   الداعشية   التراثية  لدى   الشعوب , حقيقة  لانعرف   كيف   سيتم   ذلك  !

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *