سمير صادق ميرا البيطار :
عندما يكون الانتماء الديني فطري اي ولادي, تصبح مضامينه فطرية اي ولادية, حقيقة لاوجود على الكرة الأرضية لاعتبارات من هذا النوع سوى في ثقافة البعض في هذه المنطقة , فعندما يكون فقه الدين فطري يصبح الايمان فطري ,ويصبح التوحيد فطري , وتصبح القوامة فطرية , ومضامين الحديث الذي يقول خمس من الفطرة هم الختان والاستحداد وقص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الابط فطرية , وفي حديث آخر توسعت الفطرية واصبحت مؤلفة من عشر , منها قص الشارب واعفاء اللحية ونتف الابط وحلق العانة وانتقاص الماء وقص الأظافر الخ , وحتى التأكيد على الختان مرة أخرى , انه من الضروري هنا اضافة الحجاب والجهاد وقتل الكافر وتطبيق احكام الردة والطلاق بثلاثة , ثم المهر والتكفير والجزية , وكل مضامين العهدة العمرية والفتوحات والسبي واختطاف البنات والصوم والصلاة والابتعاد عن الخمر ولحم الخنزير , ثم مبادئ مثل الأنف بالأنف , وكل ماقامت به داعش وأمثالها من ممارسات كنسخة طبق الأصل عن القديم مثل تحريق الأحياء وبتر الرؤوس وغير ذلك , يمكن تعداد المئات من الفطريات الافتراضية الأخرى , مثل تعدد الزوجات ثم انتزاع الزوجة من الابن بالتبني , اي أن التبني كان فطريا ثم انقلب على الفطرية لسبب في نفس يعقوب وفي نفس صاحب الدعوة !
تتلخص كل تلك الفطرية الولادية بالعقيدة الجديدة , فكيف كانت فطرة البشرية قبل ظهورالعقيدة قبل ١٤٥٠ سنة , ألم تكن هناك فطرة ؟, او أن “خلق ” المخلوق البشري كان مختلفا عن “خلقه ” في القرون الأربع عشر الأخيرة , وكيف هو الحال مع فطرات بقية شعوب العالم , وهل تمثل داعش وأمثالها فطرة الانسان الطبيعية , واذا كان الجواب بنعم ويجب ان يكون بنعم , هل يمكن القول عندئذ بأن بقية بشر الكون مخلوقات غير طبيعية , لأن فطرتهم مختلفة عن فطرة مخلوقات خير أمة !
يخلق الطفل في هذه البلاد فطريا على دين معين ,وبما أن الأمر فطري , لذلك فان اختيار دين آخر سيعتبر ناقضا للفطرة , أي مشوها للمخلوق البشري , لذلك كان من الضروري الحكم على الشاب علاء الدين في ليبيا بالذبح لأنه ارتد عن الدين الحنيف , فذبح علاء الدين لايعتبر تشويها للفطرة , يخلق الانسان في هذه المنطقة على فطرة الدين كذلك على فطرة الذبح , لذلك يجب ذبح أربع ملايين من سكان القاهرة لأنه هناك أربع ملايين مرتد , ويجب ذبح ١٣٪ من الشعب العراقي لأنهم ارتدوا ومثلهم من السعوديين , ولربما أكثر منهم من مواطنين بقية الدول العربية , التي أنعم الله عليها بالدين وذبح المرتد .
اذا كان كل ماذكر فطريا , فما هي الجدوى من محاولة تغييره أو تطويره ؟؟ لأن تغييره وتطويرة سيقود الى تغيير وتطوير “خلق ” الانسان , الذي ولد بأحسن صورة وشكل, تطور وتغير الانسان لايستقيم مع الفطرة ,لابل يلغي الفطرة اي الولادية ويخضع المعتقد الغيبي الى مفاهيم يرفضها , ثم ان عدم تطوير ماذكر يمثل الجمود اي الموت الوظيفي , وهل من أهداف الانسان ان يموت وهو حي ؟ .
حقيقة لاشيئ من كل ماذكر فطري , فلا الايمان فطري ولا المعتقدات الغيبية فطرية , الايمان ليس اصيلا في الانسان, لأن الايمان يعني معرفة الله عن طريق المعتقد الديني , أي أن الايمان “معرفة” والمعارف مكتسبة وليست فطرية , فكل يوم نكسب معارف جديدة , والجديد دائما مكتسب وليس فطري , لذلك لاعلاقة للدين والفقه بالفطرة , لم تولد جلابية الصلاة مع كل طفل.
اللادين حقيقة هو الأمر الفطري الوحيد, وهو الأصيل في الانسان منذ ان وجد , اختراع الله حديث جدا , ويعود الى الحيز الجاهل من كينونتة , وليس الى الحيز الابداعي , فكلما تضخم الابداع تقزم مفهوم الله , الذي قد ينتهي الى العدم .
اما لماذا يصر البعض على تصور فطرية المعتقد الغيبي ؟, هناك العديد من الأهداف , منها البرهنة عن عجز الانسان , اقناع الانسان بأنه عاجز هو احد الوسائل الفعالة للتحكم به , ومن يتحكم به ليس الجيولوجي فقط انما رجال الدين ايضا , ولماذا ؟ لأن ذلك يخدم مصالحهم المادية بالدرجة الأولى , البرهنة عن العجز هو ترجمة لضرورة استتباب العبودية ,اذ يتحول الانسان الى عبد , والعبد يحتاج الى مستعبد ,انها دعوة للاستسلام للعبودية , التي تتحول بالازمان الى جزء من عضوية الانسان, هناك العديد من الأهداف الأخرى , التي لامجال لذكرها تفصيليا , لكن بالمختصر يمكن القول ان اعتبار المعتقد امرا فطريا ليس سوى وضعه على سكة الاستبداد والاستغلال .