سمير صادق , جورج بنا :
هناك تشوه وقصور العربية بما يخص توضيح الفرق بين شرعية الشرع أي الشرع الالهي ومشروعية القوانين المدنية,أما في اللاتينية واللغات المشتقة منها فلا وجود لذلك الالتباس والقصور , فكلمة legality تعني درجة الامتثال والتوافق مع القانون , أما كلمة legitimity فتعني ان القيمون على تطبيق القانون يملكون الحق في ممارسة هذه التطبيقات عن طريق توكيلهم الانتخابي من الشعب بهذه المهمة.
تمسك البعض بالشريعة الضبابية التي لاتملك legality ولا legitimity , والتي تراق في سبيل تطبيقها الدماء , يسمح لنا بالتحدث عن جنون أو هيستيريا الشريعة , هيستيريا الشريعة هي حالة نفسية مرضية وممثلة لانفلات البعض من انضباط العقلانية والمشروعية ,وذلك بالرغم من المآسي التي سييتها هذه الشريعة من افلاس أخلاقي ونفسي واقتصادي واجتماعي ثم زرع نفسية العنف والغوغائية في عقول الناس, لأن مرشحو الشريعة يملكون شرعية انتخابية اساسها لاسياسي في انتخابات سياسية , يتم انتخاب الغلبة الغالبة في اطار مشروع سياسي نظريا , وعمليا في اطار مشروع ديني, أوقع الناس في مستنقعات الجهل والاجرام والتعفن وحتى الموت جوعا ومرضا , اي خيار الموت حتى بدون تابوت وبدون قبر , وهل يسمح الفقر والفساد بشراء تابوت او قبر ؟
بالمجمل هناك التباس كبير وسوء فهم كبير للشرعية legitimity, خاصة عند تختذل هذه الشرعية الى انتهازية سياسية صالحة لمرة واحدة , أي للاستعمال لمرة واحدة كالكوندوم , وذلك من أجل الصعود الى كرسي الحكم حسب مغهوم “التمكن ” , الذي يجاهرون به ويجاهدون في سبيله , بعد “التمكن ” يغلق باب الديموقراطية وتفتح ابواب الجحيم ثم تنقل جهنم الى الأرض بكل مواصفاتها السماوية من تعذيب وحرق وقتل وغير ذلك من الفواحش.
بالنسبة للاخوان يرتكز مفهوم الشرعية على مفهوم الغلبة الغالبة , وما هو اتجاه هذه الغلبة الغالبة السياسي في انتخابات سياسية ؟لانجد في اتجاهاتهم اي مضمون سياسي -اجتماعي , انما انتماء دينيا او بالأحرى طائفية او تبعية طائفية تنتشر على الأخص بين جماعات فقيرة ومتأخرة وجاهلة يسهل خداعها والتأثير عليها بالخطابات الرنانة , كما فعل المختل علقيا هتلر, الذي فرض نفسه بوسائل بدائية من الزعيق الخطابي والغواء الكاريزماتي , الذي تميز به نصر الله على سبيل المثال ايضا , الذي بقي يرفس اللبنانيين بصرمايته طوال ٣٢ عاما ,كان النازيين مصابون بعصاب الخضوع المازوخي ثم عنصرية تفوق المخلوق الآري على بقية المخلوقات كما كان الحال مع خير أمة ولا يزال .
الاخونج مصاب بعصاب الانكار, حتى لو انهزم وخسر يبقى منتصرا ,ثم عصاب لاريب بالقائد والمعتقد , لذلك لا نقاش …لا تسألوا ! أي انهم مصابون بعصاب الانضباط المطلق , ثم عصاب المجد المنتظر والهيمنة على العالم وكأنهم كلهم خالد ابن الوليد بفتوحاته , ثم عصاب الطاعة والانصياع المطلق , الذي تمليه عقلية العنف , ثم عصاب العدد وقيمته, لم يدركوا لحد الآن أضرار التكاثر الأرنبي , تحول كائن الغلبة الغالبة اي العدد الى كائن جماعي(وليس اجتماعي ) بتسميمه بسم كيمياء التفوق العرقي العددي , العنف يبهر عندما يسلط على الغير ولا يشعر البعض به الا عندما يسلط عليهم ,كل ماذكر يمثل حالة المتدين المغفل , الذي لايسمح له بتصحيح خطأ انتخابه للاخونجي في انتخابات قادمة , لاوجود لانتخابات قادمة , لقد انتخبوا السنوار عام ٢٠٠٦ وقبل ٣٢ عاما أصبح نصر الله امينا عاما , ولم تكن هناك انتخابات أخرى ,
يجمع الاخونج السياسي بين الرعوية البدوية التدجيلية التي يمارسها المشايخ او الزعيم وبين التمظهراللفظي المدني ,وبذلك يتم الخلط بين الانصياع والطاعة وبين الحرية , هنا يقدم الدجل بأوضح صوره , هكذا تصرف ” المحررون ” من الفصائل الجهادية, الذين لايزالون يتحدثون عن ثورة , وكأنه يمكن لمن فرض عليه دينيا طاعة الحاكم أن يثور!.
يدافع الاخوان عن الشرعية في معناها القانوني العام, لكنهم يقصدون بذلك حقيقة مضمون ” الشريعة” , التي تتنكر لكل شرعية لاتنبثق منها , ,انهم بذلك كائنات لاتدرك دلالات الكلمات أو انهم يتجاهلون هذه الدلالات في مشروع الدجل الذي يمارسوه , الشرعية في الدولة تأتي عن طريق الانتخاب , وصناديق الانتخاب تختلف بشدة عن صناديق الآيات , واذا كان الله هو من يختار الحاكم , فما هو موجب صناديق الاقتراع ؟يبدو وكأن الشريعة هبة مقدسة من الله لايجوز للمؤمنين رفضها .
لايميزون بين الشرعية والمشروعية , الشرعية قانونية دائما , لأنها تاتي دائما من الشعب عن طريق الانتخاب , الشرعي هو مرادف للقانوني , المشروعية شيئا آخر , انها تطبيق صوري للقواعد الانتخابية , انها معيارية ومعبرة عن جملة القيم والمعايير التي يستمدّ المجتمع منها شروط فهمه لنفسه وأشكال التعبير عن هويته.
يعمل الاخوان على تأجيج الانفعالات الدينية والعرقية والتاريخية العميقة في وجدان الأغلبية التي كونتها تناسليا ,لأجل استخدامها في الحريق المجتمعي الرعوي للقضاء على مستقبل الشعوب بوسيلة الافقار ,هناك نوعا من” طاعون “الانفعالات العامة , التي تولد في دور العبادة , التي تحولت الى منابر سياسية, تنفعل الكتل الشعبية وتصخب ضد من تعتقد أنه يعادي معتقداتها , فالحياة معتقدات دينية فقط !.
لم يتخل الاخوان عن خيار الجهاد أي على ثقافة الدعوة بوسيلة العنف, ولكنه غير الوسائل واحتفظ بالغايات, وفشل في هذا العصر في الوصول الى حكم اي بلاد بالقدر الأدنى من الرشد , اقصى ما توصل اليه كان ممارسة الزلمنة لدى الديكتاتوريات للحصول على بعض المكتسبات , مثل تاثيره على صياغة بعض القوانين في مجال الأحوال الشخصيىة أو التمكن من ادخال بعض المواد الدستورية بخصوص دين الدولة ودين رئيس الدولة , تتناقص حصتهم من كعكة السلطة ,والعالم تحول الى تجريمهم بوضعهم على قوائم الأرهاب ,حتى تجنيدهم من قبل بعض أجهزة المخابرات لتنفيذ بعض الاغتيالات لم يعد مطلوبا أو مرغوبا به .
فشل الاخوان كان بسبب التناقض العميق في خطابهم بين الشرعية كمكسب انتخابي وطريقة الحكم كحكم دعوي رعوي لا يحترم قيم الدولة المدنية مثل المواطنة, المعارضة, المشاركة, الاستقلالية,حرية المعتقد, منظومة حقوق الانسان, حتى لو وصلوا الى الحكم بشكل شبه شرعي او منقوص يريدون أن يحكموا بشكل دعوي رعوي وكأن الشعوب قطيع من الماشية ,الذي عليه أن يكون مطواعا ومطيعا والا يقمع او يخون او حتى تتم تصفيته !