النجاح والفشل بين العرب والغرب ….

 كاركتير .. الفرق بين العرب والغرب طرحت القومية  التي نشأت في ظروف الاستقلال عدة  مشاريع  , تمحورت كلها حول  فكرة وضرورة الوحدة العربية(الخلاصية) ,لم يتوقف  القوميون العرب لحظة عن الترويج لهذه الوحدة , وبالرغم من ان مشروع الوحدة تبعذق واندثر تحت أقدام عنصرية القومية العربية , التي أيقظت عنصرية قوميات أخرى , كالكردية والسورية القومية  والأمازيغية   والفرعونية   وغيرهم  ..الخ , لم ينتبه القوميون   العرب على  قرب نفاذ ذخيرة الفكر القومي  كمحرك للسياسة ,  ثم لم ينتبه القوميون العرب , على أن شعاراتهم الزاعقة  لم  تنتج  الا المشاحنات   والخلافات العربية-العربية وولادة  الحركات الانفصالية , كما لم ينتبه القوميون العرب على أنه لامعنى لشعار الاشتراكية  بدون بنية تحتية يمكن ان تتقبل تطبيقا   للاشتراكية  كالأوضاع  الاقتصادية  والسياسية والاجتماعية , كيف لمجتمع عشائري  بدائي بدوي  صحراوي أن يمارس اشتراكية علمية تخصصت في حل مشاكل مجتمع صناعي , والأعراب بعيدون عن الصناعة بعدهم عن الشمس والقمر .

 لقد كان للفكر القومي العربي أن يطور نفسه باتجاه  الديموقراطية !  هل هذا ممكن ؟؟ , وهل ترتيب الوحدة أولا ثم الاشتراكية , وبعدها تأتي الديموقراطية تلقائيا  صحيح ؟؟ ,وهل   يمكن القول أيضا باستحالة الديموقراطية  في جو قومي ثوري تلفيقي ؟؟,للاستحالة أسباب عدة , منها  تحول الفكر القومي الى  أسير لدى فكرة الوحدة الخلاصية ,هناك من يقول  كجورج طرابيشي, ان الحركات القومية العربية لم   تكن  ديموقراطية , لأن الممارسة السياسية والتاريخية دفعتها  لأن تكون  كذلك , ولأن طبيعة بنيتها وتوجهاتهاالأساسية لاتسمح لها على الاطلاق أن  تكون   ديموقراطية  ولو أرادت !   هل هذا صحيح؟؟.

 الفكر القومي معرض للتنكص العنصري  , خاصة في شعوب ذات مقومات قومية متعددة , والفكر القومي لايستطيع في حالة التنكص هذه أن يكون ديموقراطيا , لأنه عنصري في أساسه , وازداد عن طريق ايقاظ عنصرية القوميات الأخرى   تشاحنا معها , وليس تلاحما  واندماجا بها  , لذا فان مقولة طرابيشي التي ترى استحالة ولادة الديموقراطية من رحم قومي  عربي  صحيحة , والديموقراطية التي لها أن تولد من رحم قومي   عنصري  مصيرها   التحول الى أسطورة , كما تحولت فكرة الوحدة والاشتراكيةالعربية   الى أسطورة .

 الديموقراطية هي الرحم , الذي يجب أن تولد منه القيم والأحلام والممارسات , ونظرة واعية  تقارن  بين الغرب والشرق قد تكفي لفهم هذه الاشكالية , ففي   أوروبا نشأ فكر قومي , اقتدى به  الكثير من القوميون العرب ,أنطون سعادة ..ميشيل عفلق ..الخ , وقد قاد هذا الفكر القومي في  أوروبا  عن طريق تنكصه العنصري الى الحروب العالمية الأولى وخاصة الثانية  , انقضت الحروب التي خربت أوروبا  بشكل شبه  كامل , ولم تكن الخلافات  والمشاحنات  العربية -العربية بالمقارنة  أقل كارثية بكثير , نفضت الشعوب  الأوروبية غبار الحروب ومسخت  الفكر  القومي المسبب  للحروب ,  وتمكنت من خلال ذلك   اعتماد  الديموقراطية وممارستها وتطويرها  ,  في ظل الديموقراطية وفي ظل اندحار الفكر القومي , استطاعت هذه الشعوب تحقيق الاتحاد   الأوروبي ,  الذي يزداد  يوما بعد يوم تراصا وثباتا , في ظل الديموقراطية انتهت اشكالية التناحر والتشاحن القومي , وانقراض هذا التشاحن سمح بمزيد من الحرية والمساواة  والتقدم ,.هذه كانت المسيرة الأوروبية الناجحة , مقارنة بالمسيرة العربية الفاشلة .

  فشل الشرق في تأسيس دول  متقدمة  ,  تقدم لشعوبها مستويات لائقة  اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا , لا يعني نهاية المطاف , لايوجد شعب الا وفشل يوما ما في مشروع معين   , الآن لاتوجد ديموقراطية , الآن تقف   الشعوب  على الخراب  وعلى أنقاض الخلافات والحروب ,الآن يجب   القفز فوق الزمن   والاستفادة من خبرة الآخرين  في تنظيم أمور الحياة ,نظريا كان بالامكان  استيراد نظم  مختبرة  ومطبقة في   أماكن  أخرى ,   وبالرغم من قلة  الوعي  الديموقراطي لدى  شعوب   هذه   المنطقة  كان  بالامكان الاقتداء  بمجتمعات  بدأت  بديموقراطية  من مستوى منخفض ومستوى  وعي  شعبي   منخفض    ,  ونجحت!.

من سوء حظ   البلدان   الناطقة   بالعربية , استيقظت الأصولية الكامنة   بشكل فاحش  ومتوحش  ,  منبرية لأي تقدم ديموقراطي ومتحدية رغبة الشعوب والحاحها  على القدرالأدنى من الديموقراطية والحرية , أصولية تجثم على    رقاب الشعوب العربية , وتريد سحق هذه الشعوب بأثقال الماضي المريب مثل الشريعة أو  الشورى أو الشوارب والذقون  ثم رجال  الدين  وفلسفة الاخونج  السياسي مثل الغنوشي والقرضاوي  والعرعور وغيرهم,  ثم الولاية والخلافة  وأمير   المؤمنين  وسرقة الثورات والاغتيالات  وعدم الاستقرار ,.تجييش الطائفية  وخلق وضع يتجه الى الوراء وليس الى الأمام    ويتمنطق بمنطق العداء   للغرب ,  وكأن   العداء    للغرب   يطعم   خبزا ,وفي سبيل هذا العداء,  تريد الأصولية بذل الغالي والرخيص ,رفض كامل شامل للفكر الغربي بما يخص   الحرية والديموقراطية , وتقبل كامل وشامل لاستهلاك منتجات الديموقراطيات الغربية ,من السيارة حتى الجوال الى مقويات الفحولة ,اصولية لا أغبى ولا   أشر منها,أصولية لاتسأل عن سبب مقدرة الغرب على صنع  الآلة , التي تستهلكها الأصوليات ليلا نهارا , البترول الذي سد رمق البعض , أعمى عقل وقلب   البعض  الآخر ,الأصولية تشتري بالبترول ماتريد , وتعيق بالبترول أي تطور لاتريد .

بعد فشل تجربة الوحدة والاشتراكية والحرية   عن غير قصد , يأتي الآن اغتيال الديموقراطية عن قصد ..عينك ..عينك .. بعد الموت عصة القبر , ومن يفكر مليا بالموضوع لايجد مخرجا لائقا  من الأزمة التي  تعيشها  الشعوب  , ولا يستطيع انتظار مستقبلا أفضل على المدى القريب والمتوسط,فالمشكلة لم تعد  بالدرجة الأولى عنصرية  القومية  , وانما  بالدرجة الأولى  عنصرية الدينية  مضافة  الى  العنصرية  القومية, البلاء   تضاعف  وتصاعد  الخراب  نتيجة   للصدام  بين  العنصريات ,الى  أين ؟ وأي مستقبل تنتظره   الشعوب  ؟ وما هو  الحل ؟؟

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *