معيارية الحوار, بين الخيار الشخصي والاجبار الاجتماعي ..!

الحوار الوطني | كاريكاتير | الجزيرة نت     من   لايحاور   سيحارب ..

 لكل ظاهرة ة معيار ,ومعيار الحوار عند الأصولية  لاحوار , وللاحجام عن الحوار أسباب بنيوية , منها المعيار الدوغماتيكي , منها  نرجسية امتلاك الحقيقة المطلقة , حيث لايوجد غيرها من حقائق , وعلى ذلك تترتب أمور كارثية كالانغلاق  والاقصاء والهيمنة, ولما كانت الأصولية متيقنة من مضامينها الفكرية , لأن هذه المضامين تمثل الحقيقة المطلقة , لذا نجد جنوحا مرعبا في ادبيات الأصولية  نحو استخدام مبدأ  التشنيع والتقريع والتخوين والتكفير , وخدمة هذا المبدأ تتطلب ناقلا لها ,والناقل هو الكلمة , التي تصنف في معظم الحالات , على أنها سوقية  ,انظروا الى كتابات المشايخ في المواقع التي تعج بها سماء العالم العربي ,صفحات تنضح منها لغة التشنيع والتوبيخ والتقريع والتخوين والتكفير , لغة غيرتاريخية  تنطلق من شوفينية تدعي التفوق على الآخر , بوصفه كائنا  متدنيا   لامقدسا ..كافر..لا لزوم للحديث معه ..اما أن يقبل , أو يرفض , ورفضه يعني في أحسن الأحوال تأنيبه وتهميشه, وفي أسوء الأحوال اقامة الحد عليه .

الحوار هو” خيار” شخصي , الا انه  أيضا “اجبار” اجتماعي موضوعي , ولما لا  دور للأمور  الشخصية في الحوار الاجتماعي  , لذا يبقى “الاجبار” الاجتماعي الأدبي , الذي يفرض على الانسان القيام بما يسمى “واجب” والتنصل من هذا الواجب يعني طغيان الخيار الشخصي الرافض , الذي تعبر عنه كلمة   لاحوار , التي أطلقها قائد ثورة جبل الزاوية , فقد علمنا مؤخرا ان قائدها سماحة الشيخ العرعور ,  الذي  انتقل   قبل فترة   الى  جوار  ربه  , قد أصدر أوامره    بالامتناع  عن   الحوار  ,  لا شك في وصول هذه الأوامر المشيخية الى آذان البعض , الذين  امتثلوا للأوامر وأبدوا الطاعة  ,فمن المعروف عن التنظيمات الأصولية تراصها  وتماسكها وتضامنها مع بعضها البعض , مما يعطيها قوة ضاربة لا تتناسب مع حجمها الشعبي الضئيل عادة , من لايحاور سيحارب !, أي أن هناك اجبار  على التعامل  مع الحربجية , ومع نتائج الحروب ,التي لانريد  الاشتراك بها , ولا نستطيع التعايش مع نتائجها ,وليس للبعض في هذه الحالة من خيار أفضل من خيار الهروب , ان لم تقتدر على ممارسة كامل المرجلة , فثلثيها يكفي .

لايملك أحد الحق في أن يطالب المشايخ  مثل العرعور  بممارسة الحوار  , الذي   ستتقزز  النفس  منه  بسبب قطعيته , وقطيعته مع الواقع , الا اننا لانريد حروبا أهلية , ونأمل امتلاك المقدرة والصبر وسعة  الصدر لسماع  مايريده العرعور وغيره , نأمل منهم أن يقولوا لنا مايريدون , وكيف سيصلحون؟ , ليس كيف  يصلون , ماهو مشروعهم بما يخص الديموقراطية بالتفصيل , وليس  باطلاق الشعارات العامة التعتيمية ..فكلمة الحرية تعني الجميل  القيم  الضروري للحياة , الا أن مضامينها مختلفة ..وهل يظن العرعورعلى  اننا  سنتقبل  حرية  لاتعني أكثر  من حرية رجال الدين في استلاب حرية الفرد , هل يعني العرعور بالحرية ..وأمرهم شورى بينهم ..وهم فقط رجال الدين ,هل يعني العرعور بالحرية  دفع الجزية  أو تقسيم المجتمع الى قسم يسيطر حسب سنة الله ورسوله , وقسم ينعم بكونه من أهل الذمة, سعيد بما ينعم عليه العرعور من تحمل وصبر وتسامح ؟؟؟كل ذلك وغيره ضروري لكي يستطيع التيار الثالث  اما الاستقطاب  لهذا التيار أو ذاك , أو الابتعاد بشدة عن العرعور , الذي سيمثل وجوده اشكاليات أكبر من الاشكاليات التي نعيشها الآن .

ما  طلب  من العرعور   وما  يطلب   اليوم  من   العراعرة وغير  العراعرة والدواعش  ,  مطلوب أيضا من غيرهم , وقد طرح  الغير مرارا مايريد وكيف يريد  ذلك ,التيار الثالث   الرمادي   يريد    حسب   تقديري علاقة  طبيعية   راقية   بين   أي  سلطة  وبين   الشعب  , وهذا التطبيع لايتم الا عن طريق  التمثيل الشعبي  الحقيقي  , تمثيل   يتعثر   ليس  فقط  في   سوريا  وانما  في  كل   الدول  العربية   , مما  يؤشر   الى  مسؤولية   الشعوب   في   تردي  ورداءة   عملية  التمثيل   الشعبي   , المواطن   الذي   يبيع  صوته   الانتخابي   ليس  جديرا    بصندوق   الديموقراطية    ,  المواطن   الذي  يدلي   بصوته  كما  يريد    شيخه  ليس  جديرا   باستعمال صندوق  الانتخاب,  المواطن  الذي    ينتخب  ممثلي   الرسل  والأنبياء    وليس  ممثلي   الشعب   غير  مؤهل    لممارسة   أهم واجبات   العمل   الديموقراطي …وعلى  هذا  المنوال   يمكن     ذكر   العديد  من   المآخذ  على     الوعي   الديموقراطي   وعلى  ديموقراطية   الوعي   عند  هذه  الشعوب   , ومن   البديهي    أن  تكون   الحكومات   كالشعوب  تقريبا ,   الحكومات   من   الشعوب  ولم  يتم  استيرادها   من      السويد  ,لاتقتصر   الحاجة   لتطوير  الوعي     الديموقراطي   عند   الحكومات ,التطوير   يجب    يتوجه   بالدرجة  الأولى  الى   الشعب   ,  الحكومات    تأتي   وترحل  أما   الشعب  فباقي .

يتأرجح  “الحوار” بين الارادة الشخصية , التي قد تكون رافضة لممارسته  , وبين الضرورة الاجتماعية , التي تتطلبه دائما ,بالنتيجة, الحوارهو دائما  تلبية لضرورة اجتماعية, ومن يمارسها هو المخلوق الاجتماعي , ومن يرفضها هو  الشخص المتقوقع  والمتواجد في طور ماقبل الاجتماعية ,.

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *