ممدوح بيطار :
لم تترك الدولة الألمانية مناسبة الا وقدمت بها الاعتذار عن جرائم النازية والتعهد بعدم تكرارها ثم محاولة انصاف من تضرر منها , ولا أظن بأن الدولة الألمانية قصرت أو خاتلت في تنفيذ ماتعهدت به , المانيا تصالحت مع نفسها ومع البشرية , وهكذ اتحولت الى دولة محترمة ومتقدمة وقدوة لمعظم دول العالم .
أما العرب ! ,وهم كما قيل ويقال خير أمة أخرجت للناس ,فلا يجدوا سببا للاعتذار عن أي شيئ , وحتى أنه على العثمانيين أخوة الدين أن لايعتذروا عن مافعلوه بحق الأرمن وغير الأرمن , انهم مشمولون بمصنف خير أمة أخرجت للناس , وخير أمة لاتخطئ , لذا فان فعلتهم بخصوص الأرمن هي واجب ديني لاغبار عليه ,ثم أن كل ماقيل عن مجازر ضد الأرمن كان تلفيقة من صنع الخيال ,القصد منه الحط من الدين الحنيف , مافعلوه كان واجب ديني تارة وتارة أخرى تكاذب وتلفيق ثم ماذا تريد ايها الحاقد على الدين من الخلافة أن تفعل بمن يتآمر عليها ؟؟؟,مع هذا الادعاء تأتي وصلة من الأسئلة التي لاعلاقة له بموضوع الأرمن ,وماذا عن الفتك بالهنود الحمر في أمريكا(مغالطة منطقية) , ثم ماذا عن حرب فيتنام والعراق ,وماذا عن الحروب العالمية ؟وماذا عن احتلال الجزائر والمليون شهيد الخ, وكأن من ينتقد مجازر الأرمن يبارك مجازر فرنسا أو مآسي حرب فيتنام والعراق .
وهكذا مع كل جريمة يتم استحضار عنف الآخرين وجرائمهم كتبرير غبي لاجرام اخوة الدين حسب مفهوم الولاء والبراء , لقد غاب عن نباهة هؤلاء بأن استحضار اجرام الآخرين كمبرر لاجرام البدوية العربية ليس الا اعترافا غير مباشر بالاجرام من قبل العرب , وكيف يمكن لاجرام العرب أن يكون مبررا لطالما أجرم الغير , وماهي الدوافع الأخلاقية التي يمكنها تبرير اجرام باجرام آخر ؟؟؟ هل يعني ذلك اباحة الاجرام واعتباره أمرا طبيعيا يمارسه المخلوق البشري بدون رادع أو عقاب !
لقد بالغ العرب درجة عالية من الانفصام والازدواجية التي تمثلت بالتباكي ليلا نهارا على فلسطين وشجب حقد الصهاينة , ثم بتباكي العروبيون على فقدان الأندلس ارض خلافتهم !!! .. انها لهم لأنهم فتحوها فتحا مبينا لنشر الدين الحنيف ,ومن له أي مأخذ على نشرالدين ؟؟ فمن يجد ذلك استعمارا انما هو زنديق استحق حد القتل,يتباكون حتى على “خسارة” الهند, لأن كل ماتم فتحة هوحلال زلال لهم , بينما يعتبرون هجمة هلاكو على بغداد همجية , واحتلال الخلافة العثمانية لأجزاء من أوروبا حضارية .
لم تستحضر ألمانيا في سياق اعترافها باجرام الحروب واجرام النازية عنف الآخرين وحروبهم واجرامهم كتبرير لاجرام النازية , ولم تحاول ممارسة المخاتلة واعترفت بما اقترفه الشعب الألماني ممثلا بقيادته النازية بحق الآخرين وبضرورة انصاف المتضررين , وبذلك فعلت ألمانيا مايفرضه العقل والأخلاق , فكيف يمكن الاقتداء بألمانيا عند عدم امتلاك عقل وعند فقدان الأخلاق .
كيف يمكن للشعوب أن تعتذر عندما لاتزال نتراكض خلف مفاهيم ابن تيمية, الذي أجاز قتل الولد لوالده المشرك, ورصاص ابن تيمية لايزال يخترق العقول بحديثه عن الحق المطلق لدار الاسلام ,والحق المطلق للدين بابادة الكفرة !, كيف يمكنهم الاعتذار عندما يكون اجرامهم بحق بعضهم البعض كاجرامهم بحق الغير… يذبحون بعضهم البعض بالساطور ويحرقوهم بالققص وهم أحياء, يسبون الأيزيديات وغيرهم للبيع في المزاد العلني , هنا يمكن تعداد المئات من الممارسات الاجرامية الكارثية بحق الذات وبحق الغير أيضا .
تعاني بعض الشعوب من أزمة “أخلاقية”مزمنة , وليس من أخلاق أزمة عابرة, أمية أخلاقية !!!!,فالازدواجية الشخصية والمجتمعية والسياسية والتاريخية تعود الى أزمة في التربية والمبادئ والنظريات والأسس التي تسيطر على المسلكية وتسييرها وتشوهها , فثقافة ابن تيمية على سبيل الذكر وليس الحصر ليست الا معملا لسوء الأخلاق والازدواجية التي تحرض على الأنانية والذاتية المفرطة وتمثل تنكرا “لحياة المبدأ” الذي يجب تطبيقه على الجميع, وليس عليهم ولا علينا ,لقد انهارت في هذه الديار مثالية العلاقات بين البشر أفرادا وجماعات , وخرجوا بتصرفاتهم عن المسار الصحيح للتاريخ والتقدم الانساني , لذلك تدنت هذه الشعوب الى أدنى مستويات الانحطاط ,حقيقة مافعلته العروبة البدوية بحق نفسها لايقل عما فعلته بحق غيرها, وأسوء عما فعله الغير بها !
Post Views: 443