مها بيطار :

هناك خطأ كبيرا في استخدام هذا المصطلح , ذلك لوجود تباين كبير بين مفهوم الظلم ومفهوم المظلومية , المظلومية مفهوم أو تعبير سياسي , بينما الظلم تعبير أو مفهوم قانوني , الحديث عن ظلم فرد أو فئة عبارة عن مرافعة أمام القضاء بقصد رفع الظلم عنه ومعاقبة الظالم ثم التعويض عن الضرر الذي لحق بالمظلوم , تستخدم المظلومية كتعبير أو مفهوم سياسي من أجل رص الصفوف للتوصل الى هدف سياسي , وليس أمام القضاء كما هو الحال مع الظلم .
لايهدف مستخدم مصطلح المظلومية بالنهاية لرفع الظلم عن الفئة التي تعرضت للظلم , إنما لتوظيف المظلومية لتحقيق أهداف أخرى أهمها السلطة, بل أحيانا يرى بأن من مصلحته تعميق المظلومية وتكريسها حتى يبرر سعيه للاستئثار بالسلطة , فمستخدم هذا الشعار يعمل على ابتزاز الآخرين لتحقيق مصالحه السياسية وليس لرفع الظلم عن المظلومين .
تحولت فلفسة المظلومية الى أداة سياسية ومبررا لغاية سلطوية دينية , عن طريق ابتزازالتعاطف مع حملة راية المظلومية , استدرار العطف الغريزي تحول بفعل التطور الى اجتماعي معنوي سياسي والى استهلاك المظلومية في المشروع السلطوي , ليس للمظلومية بحد ذاتها قيمة كبيرة , القيمة الأكبر هي للتوظيف في الصراعات على السلطة , والقيمة الكبرى تكمن في التمكن من صناعة حاضن شعبي للمظلومية , فقناعة الناس بمظلومية فئة مهمة جدا لدفع أفراد هذه الفئة لممارسة القتل أو ممارسة الظلم , وماذا سيحل بالوطن عند نجاح الجميع في تقتيل بعضهم البعض ؟, وما سيحل بوطن يحتضن تلك المشاجرة الدموية ؟؟؟طبعا مصير الوطن هو الاندثار , اذ لاوجود لوطن دون مواطنين أحياء , والا تحولت البلاد الى وطن الأموات .
مذهل ذلك الادمان على استنشاق الهواء المليئ بغبارمظلومية الجمل وصفين , ومذهل ذلك الاستغباء للشعوب , اذ لا تظن المظلومية بأن عدم اجهارها بخلفيات تفكيرها وبأهدافها السياسية يجعل هذه الخلفيات والأهداف لاغية أو بعيدة عن ادراك الانسان العادي ,المظلومية لاتتحدث عن قميص عثمان أوعن رأس الحسين , وانما عن ثورة عليها احقاق الحق, معظم الناس يعرفون بأن تلك الجعجعة ليست الا محاولة لاستخدام قميص عثمان ورأس الحسين كمطية سياسية هدفها الأول ممارسة الظلم وليس رفع الظلم , نحن لن نبكي على القميص ولن نبكي على الرأس ونستنكر ثقافة الثأريات, لأننا لانريد البقاء في عصر الخلافة , نريد الخروج من شرنقة المظلومية والدخول في التاريخ ,ونريد فك السلسلة التي وضعت على رقابنا والتي أوصلتنا الى حالة الاختناق , لاجواب على استمرار دوران تلك الدارة المعيبة الا بالقطيعة معها وعدم الاشتراك في تدويرها …سئمناكم ياسادة أو ياعبيد ….. سادة النفاق , وسئمنا ظلام النفق المظلم الذي أوصلتونا اليه !