العربية….التقدم والتأخر ..

ممدوح بيطار :

أمازيغ: أسطورة “الوطن القوميّ العروبيّ” وراء تعريب التعليم – Wiki Bladi –  ويكي بلادي واقع  البلاد  متخلف فقير ومريض , لذا  لابد من البحث عن الأسباب  للتمكن من  علاجها  , اي ازالة معيقات النهضة والتقدم , يدعي العروبيون أن اللغة العربية وسيلة من وسائل النهضة , ولكن    هذه اللغة واقعيا قيد الاستعمال منذ عشرات القرون ,بالرغم   من   ذلك  لانهضة   انما   تأخر   , اذن لم تحقق اللغة تلك النهضة , ووجود التأخر يوجب طرح السؤال عن علاقة اللغة مع هذا التأخر !, ولما كان المقصود باللغة بشكل رئيسي حمولتها , لذلك يجدر السؤال عن عن   حمولة   هذه  اللغة   وعن  مقدرة مقدرة هذه اللغة على حمل مضامين النهضة ونشرها .

لنأخذ بعض المعلومات والأرقام من اليونيسكو , قالت اليونيسكو ان عدد الكتب التي ترجمت منذ عصر المأمون الى اليوم لايتجاوز ال ١٠٠٠٠ كتاب , وهذا هو عدد الكتب التي تترجم في اسبانيا خلال عام واحد , ويعادل خمس ما يترجم في اليونان خلال عام ,وما يترجم العالم العربي خلال خمس سنوات لايتجاوز ٤,٤ كتاب لكل مليون عربي , بينما يصل هذا الرقم في هنغاريا الى ٥١٩ كتاب خلال خمس سنوات لكل مواطن هنغاري , اذن هناك تخلف كبير بما يخص الترجمة الى العربية , أما في الاتجاه المعاكس , اي الترجمة من العربية الى اللغات الأخرى , خاصة الانكليزية , فالوضع أكثر من كارثي , ففي عام ٢٠١١ تمت ترجمة ١٨ كتابا الى الانكليزية في انكلترا , و١٨ كتابا في امريكا , وفي عام ٢٠١٣ تمت ترجمة ٢٣ كتابا عربيا الى الانكليزية في انكلترا و١٧ كتابا في امريكا , وفي الأعوانم التالية بقي عدد الكتب المترجمة من العربية في حدود اقصاها ٥٠ كتابا , كم يبلغ عدد الكتب التي تترجم من الانكليزية الى لغات أخرى كل عام ؟؟
يبدو ان اللغة العربية ليست تواصلية , فحجم الترجمة منها واليها ضئيل جدا , لأن الترجمة منها واليها صعبة لابل احيانا مستحيلة , كما في حال ترجمة النصوص   المقدسة , لذلك أقتصرت الترجمة على التفسيرات في العديد من الحالات , لاتعاني معظم الكتب المكتوبة بلغات غير العربية من هذه المشكلة , لذلك يمكن القول ان اللغات الأخرى أكثر تواصلية من تواصلية اللغة العربية , تمثل هذه النقطة اعاقة وشلل وضعف وقوقعة ولا تمثل قوة واشعاع وانفتاح .
كون الترجمة الى العربية ومنها امرا ليس بالسهل , لذلك يمكن اعتبار العربية معاقة بخصوص نقل اي حمولة كانت الى خارج عائلة العربية, مثلا في المجال العلمي او الفلسفي الخ , ليس هذا فحسب , انما يضاف الى ذلك كون نوعية الحمولة غريبة جدا عن ثقافة العالم , فما هي المضامين التي يراد ارسالها الى الغير بواسطة العربية او ترجمة العربية الى لغات أخرى ؟ , معظم المضامين موبوء بالمواد الدينية او مايشبه الدينية , موبوءة بمواد الثأر والبطولة والعنف والخرافات والاساطير وتمجيد الفنوحات , ثم المواد الخاصة بالقيم , التي يتعارض شكلها البدوي مع بديهيات عالم اليوم مثل العدل والمساواة والدية والحد ورجم الزانية وتعدد الزوجات والحديث عن شرف المرأة وعلاقة شرفها بغشائها , ثم نكاح الوداع ونكاح البهيمة وأكل لحم الميت ثم التكفير والمؤامرة والتخوين والتحجيب , وكون المرأة ناقصة عقل ودين , ثم عقد النكاح والأحكام المتعلقة بالقوامة والولاء والبراء , والكثير غير ذلك من الغريب عن ثقافة العالم , كل ماذكر لايشجع الغير على ترجمة الكتب العربية الى لغات الأخرى أخرى , فالقارئ في هذه البلدان والمجتمعات الأخرى غير مهتم اطلاقا بمواضيع من هذا النوع , حتى ان حوالي ٨٠٠ مليون اوروبي لايستوعبوا تلك القيم ولا يفهموها , لذلك لايترجموها ولا يقرؤوها  .
حتى العربي عموما قليل القراءة , فنسبة الأمية في المجتمعات العربية عالية جدا , هناك حوالي ١٨٠ مليون أمي , وماذا سيقرأ العربي ؟ , هنا يكفي القاء نظرة سريعة على البسطات التي حلت محل المكتبات , فماذا نجد على البسطات بالدرجة الأولى ؟؟ نجدا كما كبيرا من كتب الخرافات ثم السير الشخصية لرجال الدين والمحاربين والغراة والبطولات , والكثير من الكتب حول الجنس وحول ممارسات العقائد الدينية وخزعبلات عذاب القبر ثم الجنة وجهنم والمعجزات الخ , والقليل من الكتب حول الأمور الفكرية , فكتب النقد شبه معدومة , عموما تختلف نوعية هذه الكتب بشكل جذري عن نوعية الكتب التي نلاحظها في مكتبات اوروبا وبقية العالم , لذلك تقف هذه النوعية كعامل غير مشجع لترجمة كتاب من العربية الى لغة أخرى , لاتحمل العربية عموما على اكتافها ثقافة الحرية والنقد وحقوق الانسان , بينما هناك كم كبير من الكتب المروجة للعنف    والثأر  .
 لاتلبي  كتب   البسطات  حاجات المثقف   التواق   الى    المعرفة والتنوير   والتقدم  , وحتى   لو   وجد   احيانا  كتابا   قيما , فانه   لايقرأ    لعدة   اسباب   منها   الأمية   الأبجدية   المنتشرة   بشكل  كارثي,لذلك   يمكن    القول ان    نوعية   كتب   البسطات وانتشار    الأمية  لايسمحوا    بنشر    العلم   والثقافة   وبالتالي   بالتنوير    , لذا   بقيت   النهضة   الفكرية  المعرفية   الثقافية   معاقة وحل    التأخر  مكان    التقدم .
العروبة  الدينية   ترفض كل   اللغات   الأخرى  لكونها    ليست   مقدسة   كالعربية  ,   لذا   يجب  فرض العربية   او   مايسمى   التعريب  ,  فرض   العربية   عزل    الشعوب   العربية   عن ٩٩٪ من الثقافة والمعرفة والفكر العالمي , العزل  كارثة كبيرة  , لاعلاج  لها  الا بزيادة الاعتماد على اللغات الأخرى  غير   العربية  ,  أحد   أوجه   الكارثة   اقتصادي , هناك اعداد كبيرة من السوريين وغير السوريين الذين يريدون العمل في الخارج , ترتفع حظوظ هؤلاء في الحصول على عمل في الخارج بدرجة كبيرة عند اتقان لغة اخرى , وتنخفض هذه الحظوظ عند اتقان العربية فقط .
مفهوم الكارثة بالنسبة للأصولي مختلف جدا عن مفهوم الكارثة بالنسبة للمدني , تطوير المجتمع وانفتاحه وتقدمه ليس هما من هموم الأصولي ,الذي لايريد اصلا التلوث بالمعارف والثقافات الاخرى ,المشروع المدني مناقض للمشروع المستوطن في مخ الاصولي , الذي يعتبر العربية جزءا من مقدساته , يمكنه  الصلاة بالعربية , وهذا   يضمن   له    مكانا    في   الجنة   , وبذلك    تتحقق  كل   احلامه , الجوع   والتأخر والفقر   حلم  !!!!!

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *