ممدوح بيطار :
مؤخرا بشكل قوانين وضعية ,لا يعني ذلك على انه تم اختراعها , فهي موجودة قبل التبلور , التبلور أكدها وعرفها ووضعها في المكان المناسب , لم يبتكرها , فهي موجودة مع الانسان منذ وجود أول انسان .
الغزو والاحتلال والتملك لأرض وأرزاق الآخرين , ثم قتلهم وذبحهم وفرض الجزية والخراج عليهم , ثم اصطياد بناتهم ونسائهم وتحوليهم الى سبايا وجواري , ليس من الحقوق الطبيعية للغزاة ,لايولد الانسان مفتوحا , ولا يولد فاتحا , لايولد مسروقا ولا يولد سارقا , حتى انه لا يولد عبدا ولا يولد حرا , يولد كصفحة بيضاء ثم يصبح حرا او يصبح عبدا حسب الظروف التي يتربى بها لاتتعلق الحقوق الطبيعية بأي تاريخ ولا تموت الحقوق الطبيعية بالتقادم , ولا وجود لقانون وضعي لايحترمها . يولد كصفحة بيضااء
يمثل الغزو والفتح الغاءا للحق الطبيعي , وبالتالي هو جرم بحق الانسان والانسانية , التي لاتهم المصابين بداء الاستعمار وكار السلب والنهب والعدوان ,لايسألوا أو بالأحرى لم يطرحوا السؤال على أنفسهم , ماذا لو كان هؤلاء المروجون للسلب والغزو من بين ال٢٠٠٠٠ الذين فقدوا رؤسهم ذبحا بسكاكين وسواطير خالد ابن الوليد على بوابة باب شرقي في دمشق , او من بين مئات الألوف من المذابيح الذين لونوا بدمائهم مياه الأنهار بالأحمر , للأسف لا وجود في الأدبيات البدوية لسؤال من هذا النوع , كتاب حسام عيتاني الممنوع في البلدان العربية , كان أول من طرح السؤال عن وجهة نظر المفتوحين بخصوص الفتوحات. فعلة الغزو المناقضة لحقوق الانسان الطبيعية , هي اجرام لايموت بالتقادم , لا أود التطرق بالتفصيل الى خلفية عدم طرح السؤال عن عواقب الفتح من وجهة نظر المفتوحين , ووجهة نظر الأم التي تم اصطياد ابنتها كسبية للمناكحة القسرية , أي الاغتصاب , لقد كان أحمد النعيمي , الذي علقوه على حبل المشنقة , على حق , عندما قال انكم قوم لايستحي , فعلا انكم قوم لايستحي ولا يخجل , أنتم أصلا من استحق حبل المشنقة وليس النعيمي, من أين جاء هؤلاء بمقولة الغزو حق طبيعي؟ , طبعا هناك مصادر لهذه النظرة البهائمية للحق , المصادر مخزونة في التراث الانحطاطي لهذه الأقوام التي لاتخجل , لاتخجل البدوية من اعتبار غنائم الحرب حق للبدو , ولا تخجل الخلفية الفكرية التي تبارك مفهوم الحق البدوي وخلفيته المقدسة التي تنسب الى الخالق “فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا ”, أيعقل أن يقول من في رأسه عقل ذلك ؟؟؟ المقولة كانت بمثابة استشهاد وشرعنة لثقافة علي بابا والأربعين حرامي ؟؟, انه انحطاط وحط من قيم الفضيلة . الفتوحات رحيمة ولو لم تكن رحيمة لما كان هناك من يدب على هذه الأرض من غير المؤمنين , فبقاء البعض في كنفهم , هو دلالة أو حتى برهان على رحمة الفاتحين ونبل أهداف الفتوحات وقدسيتها , هذه نمطية ركبها احفاد الفاتحون لتبرير استعمارهم للشعوب التي يعيشون بها باسم الحق والرحمة , وكيف يمكن اعتبار احتلال بلاد الآخرين وتقتيل الشعوب رحمة ؟ , رحمة لأن ابن الوليد لم يذبح كل الناس انما أكثرهم فقط , ياله من فاتح رحيم !. انطلاقا من هذه النمطية يمكن تفسير المبرر للابادة والمعارضة لاطلاق اسم الابادة الجماعية على فعلة العثمانيين بالأرمن , يكفي بقاء ٤٠٠٠٠٠أرمني من أصل أكثر من ٢٠٠٠٠٠٠ أرمني على قيد الحياة , فبقاء ٤٠٠٠٠٠ على قيد الحياة هو مدعاة لتعليق وسام الانسانية على صدر السلطان عبد الحميد وجماعة الاتحاد والترقي , كما أن بقاء حوالي ٤٠٠٠٠ سيرياني على قيد الحياة هو دلالة على كذبة الاتهامات المغرضة الموجهة الى السلطان عبد الحميد وشركائه , انه الحقد على الايمان والمؤمنين , كما أنه من الحقد السؤال عن مصير كل سكان بيزنطة , الذين اختفوا بعد اجتياح بيزنطة من قبل السلطان الفاتح , الحقد وليس الحق كان الدافع للسؤال عن مصير ٧٥٠٠٠٠ عثماني -يوناني (البنط) , اياكم والحقد!! ففي الحقد فتنة تحرق الأخضر واليابس وتحرق من بقي منكم على قيد الحياة, تهديد !! رائعة كانت فعلة محمد الفاتح !, ورائعة كانت فعلة موسى بن نصير!, خاصة عدد السبايا والعذارى , الذين تم شحنهم كهدية للخليفة عبد الملك , الذي حدد برسالته المشهورة المواصفات التي يريدها بالسبايا , كل ذلك كان دلالة على رحمة الفتوحات ورقيها , كما ينسب للاستاذ لوبون , فلوبون بحد ذاته نمطية قاهرة للأخلاق ومنتصرة للنفاق ومغتصبة للغة ومعانيها , جمع الضديات مع بعضها البعض , هو اغتصاب لللغة , لايجوز جمع مفردة فتوحات مع مفردة رحمة , لأنه لايمكن أن تكون الفتوحات رحمة , ولا يمكن ان تكون الرحمة فتوحات , بعد نمطية لوبون قدم اذيال الفاتحين نموذجا عن نمطيىة أخرى , انها نمطية جمع الفتح مع العدل خاصة مع العدالة , هناك الفتح بالعدل ,والعدل هو مايتقيأه شيخ القضاة المتواجد مع الجيوش الفاتحة , هنا ترغمنا هذه النمطية على الصدام مع شيخ القضاة وأمثاله , العدل هو ترجمة للانصاف وتكريس للحق القانوني ,بينما العدالة هي موقف وجداني , لم يكن شيخ القضاة عادلا ولم يكون عدولا , ولم تحترم عهدة ابن الخطاب المقدسية والشامية العدل والعدالة , ومتى كان احتلال بلاد الغير حقا طبيعيا , جمع مفردة شيخ القضاة مع مفهوم العدل والعدالة هو تحقير للعدل والعدالة . لم تتوقف منكرة الفتوحات حتى الآن , لقد فتح “اردوغان ” الشمال السوري وفتح معه ” سوريون”, كل هؤلاء يمثلون الانحطاط الانساني بأبشع صوره , انه من الضروري أن تكون انسانا وليس أن تكون عثمانيا جديدا او فاتحا جديدا , للأسف لم يتحول الفاتحون الى مخلوقات بشرية مؤنسنة , وبذلك تم تأكيد صحة ماقاله النعيمي قبل شنقه , انكم قوم لايستحي ..ومعه حق!