سمير صادق :
      لاتعرف  الهوية  جوهرا  ثابتا    خاصة   بالنسبة  لسوريا  , التي  تعرضت خلال  تاريخها  الطويل الى  العديد  من  المؤثرات   التي  صبغتها  بصبغات  اضافية   مختلفة    ,  منها  المثري  ومنها   المفقر ,  آخرهم  كانت الصبغة  العربية  الاسلامية , تعرضت الجغرافيا  السورية     ايضا   لمؤثرات  مشابهة   , الا  أن  هذه  الجغرافيا    ثبتت  بعد  سايكس -بيكو , واعترف  العالم  بحدود  الجغرافيا  السورية والدولة    السورية   ,  هذه  هي  سوريا   الدولة  بالرغم  من الكثير  من  المآخذ  التي     لم  يعد لها قيمة عملية  .
الجغرافيا ثبتت ولا مناص من احترامها ولا جدوى من التنكر لها , أما الهوية فتتواجد سوريا في حالة بحث مجددة عنها , لقد كانت الهوية العربية الاسلامية مقبولة من معظم الشعب السوري بعد الحرب العالمية الأولى , ولكن بعد الفشل الذريع في القرن المنصرم اصبح البحث عن هوية جديدة ضروريا, كما كان الأمر في أوائل القرن العشرين بعد رحيل العثمانيين .
انتهت التجربة مع العروبة القومية ومع الاخونج السياسي بفاجعة لامثيل لها , لذلك لم يعد من الممكن الانطواء تحت قيادة العروبية الاخونجية ,ولم يعد من الممكن البقاء في اطار الهوية العربية , لكن هناك من التيار العروبي الاخونجي من يطالب ويصر بالسير بسوريا معهم , وذلك بالرغم من فشلهم المريع ,حقيقة على الفاشل أن يستقيل , الا أن الجهل والمنفخة لم تسمح له بذلك , لقد توفرت لسوريا فرصا عديدة لتتطور وتتقدم , الا أن العروبيون الاخونج ضيعوا كل تلك الفرص , قارنوا تطور سوريا بتطور اسرائيل , اين وصلت سوريا وأين وصلت اسرائيل !
موضوع الهوية ليس أمر شكلي وليس أمر معنوي خاص بالاحتفالات والدبكة والفولوكلورات , انه موضوع عملي جدا , فالهوية هي اطار عام وتوجه واهتمام , على سوريا , ان قدر لها التعافي من الموت المحدق , أن تتوجه الى نفسها بالعناية وتعمل من أجل نفسها , وأن تتوجه أهدافها على نفسها , فالاغتراب عن سوريا لم يقدم لها سوى التأخر والمصائب , لم يعد هناك أي امكانية لتحمل زنى البعض مع العروبة الاخونجية , يجب على الجهد والعناية والاهتمام ان يتوجه الى الداخل , لافائدة لسوريا من قلب العروبة النابض عندما لاينبض القلب السوري .
يصر العروبيون على دولة من المحيط الى الخليج ويتعنت الاخوان على الخلافة , في حين يصر السوريون على سوريا وبحدود سايكس-بيكو , مع تقبل بعض التعديلات قسرا, مثل قضية اللواء والهضبة وغيرهم , أخشى أن يقود التعنت العروبي الاخونجي الى نشوء حالة من التشدد السوري بملامح شوفينية , ومن يشك بذلك عليه التعرف على تجارب الدول الأخرى مثل بولونيا وغيرها , لامصلحة للسوريين بوهم الدولة العربية ولا مصلحة لهم بالخلافة , بالنسبة للسوريين يجب وضع سوريا ومصلحتها فوق الجميع وأهم من مصالح الجميع , هذا هو الموقف والمبدأ والفرصة الأخيرة لسوريا في أن تكون أو لاتكون .
اتسم القرن الماضي بخاصة اضاعة الفرص , وعدم الاكتراث بالمهم في الحياة ومن أجل الحياة , ضاعت فرصة استقلال سوريا في عشرينات وأربعينات القرن الماضي , ولم يتمكن السوريون من تمتين الرابطة الوطنية السورية الجامعة , فالبعض يريدون ادارة وطنا لايريدوه ويرفضوه كالعروبيين والاخونج , لم يتمكن السوريون من خلق وطنية سورية جامعة تنهي حالة اغتراب العروبيين والاخونج عن سوريا, كيف يمكن بناء وطن مع جماعات ترفض هذا الوطن ؟.
لقد تم تدمير ماقدمه سايكس- بيكو , أي دولة معترفا بها بمساحة ١٨٥ الف كم٢ وبامكانيات بشرية وأرضية جيدة , سايكس -بيكو ارعبنا وأخافنا آنذاك , واليوم نخاف عليه , لقد سلم سايكس-بيكو السوريين وطنا موحدا , شرذمه ودمره العروبيون والاخونج بتنكرهم لهذا الوطن وبتوجهاتهم للخلافة وللوطن العربي الكبير من المحيط الى الخليج , توجهوا الى الأوهام , وحولوا الوطن السوري الى وهم
