سمير صادق , عثمان لي :
أليس من المفجع أن يستمر الاحتلال العثماني لليلاد مدة ٤٠٠ سنة , تحت غطاء الخلافة , أليس من المفجع أيضا أن يتم اخراج هذه الشعوب من الاستلاب العثماني على يد الحلفاء الغربيين وليس على يد سكان هذه البلاد ,وماذا عن عقلية الاستكانة والخنوع الادماني للذل الذي دام ٤٠٠ سنة وتكرر في هذا العصر طوال ٤٠ سنة , سابقا حرر الحلفاء الشعوب من العثمانيين , والآن يستجدي شعب سوريا التحرر من الأسدية ومن الجوع على يد الغرب أيضا !
لايمكن القول بأن الحكم العثماني كان بأي شكل من الأشكال سوى استغلالا واستعبادا وقهرا , ولايمكن القول بأن الاستعمار الأسدي غير ذلك , النقطة الوحيدة التي جمعت بعض الناس حول الحكم العثمانمي كانت محمديته , والنقطة الوحيدة التي جمعت بعض الناس حول الحكم الأسدي كانت بشكل رئيسي مذهبيته , وفي كلا الحالتين كان طائفيا , تقدم الطائفية على الوطنية سمحت ببقاء الاستعمار القريشي ١٠٠٠ سنة وببقاء الاستعمار العثماني ٤٠٠ سنة , وببقاء الأسدي حوالي ٤٠ سنة , ذلك الانتماءالطائفي الذي ينفي عن الفئتين صفة المواطنة , فالوطن ليس ابن عبد الله وليس عليا وليس أل عثمان انما سوريا .
في كلا الحالتين كان هناك نوعا من الاستكانة للمغتصب , وتنكرا لوظيفة الوطن الأساسية , التي تتمثل بالمساواة بين الناس وليس بتسلط البعض على البعض الآخر , الحالة الأولى مع العثمانيين ومع القريشيين تستعصي على الفهم والتصور , والحالة الثانية مع الأسدية مستعصية ايضا على الفهم والتصور, فمن أين أتى ذلك الخنوع وتلك الاستكانة وذلك الميل الى الانصياع لثقافة السماء , وتلك النظرة الجبرية للتاريخ والتمسك باليقينات الكاذبة ثم الاستسلام للتأخر ونقل الاشكالية من مصنف المشكلة الى مصنف الأمور الطبيعية ؟؟ , وهل دواخل المؤمنين دواعشية بالاستعداد والتقبل الغريزي ؟؟, ولماذا تتم الاجابة على أسئلة التخلف بتكاذب الأصالة والتقدم , وهل في الأمر شيئا من النرجسية الجماعية, التي حلت محل التقدم والتطور الى الأفضل؟
تميزت السنين ال ٤٠ أوالسنين ال ١٤٠٠ بالتماهي بين المجتمع والسلطة والدين , وليس من الخطأ القول بأن المجتمع لم يقم بواجباته الحقيقية وكذلك السلطة وخصوصا الدين , الدين الذي أمرض الناس بحرثومة القدرية وجرثومة تقدم الانتماء الديني على الوطني ثم جرثومة تأليه ولي الأمر ان كان العثماني أو الأسدي أو غيرهم , أصلا كانت العلاقة بين السلطة والمجتمع والدين متأزمة , فالدين حاول ابتلاع الجميع وحول السلطة الى كلب حراسة وجرد المجتمع من روح الاحترام لمصلحته الحقيقية ,التي تحولت من الأرض الى السماء , الدين كان المؤسس ليقينات كاذبة ,مثل اعتبار الخلافة العثمانية والقريشية نوعا من الحكم الذاتي , فالعثمانيون والقريشيون أخوة في الوطن لأنهم محمديون .
لقد كذبوا وخاتلوا عندما التف البعض حول الأسد بحجج كالعروبة والبعث وحماية الأقليات , وما هي تلك الدونية لمجتمع ما ,عندما تكون هناك ضرورة لحماية الأقليات ؟ , وما هو تعريف الأقلية , التي على الديكتاتورية التلطي ورائها لتمارس التسلط ؟ , وما هي هذه الأكثرية التي عليها أن تتسلط ديكتاتوريا , لأن التسلط حقا شرعيا لها … الغلبة الغالبة !!, ان في كل ذلك نفيا لصيغة المجتمع عن الجماعات التي تعيش الى جانب بعضها البعض بحذر وحيطة وحتى عدائية كامنة أو ظاهرة, وليس مع بعضها البعض بالتكافل والتضامن والاحترام المتبادل .
يعود اضطراب المواطنة والانتماء الى مايسمى نظرية الاستثناء الديني , التي تمثل باعفاء المؤمنين من الشروط التي تتحكم بالمجتمع والسلطة , فالشروط التي تتحكم بالمجتمع والسلطة تعرف التقدم والترقي بحالة الانسان على الأرض وليس بحالته المنتظرة في السماء , من الشروط الأساسية التيقن من التطور وممارسته وليس التيقن من عدم الاجتهاد وممارسته, ثم نقل حالة الماضي الى الحاضر كتلة واحدة , من الشروط أيضا مرحلية السلطة أو الحاكم وليس أبديته وتأليهه وتوريثه , من الشروط التي عليها أن تتحكم بالحاضر والمستقبل التصالح مع الماضي عن طريق التعرف على الماضي بدون مخادعة الذات , خداع قاد الى تزييف التاريخ واعتبار المزيف قدوة حقيقية .
يعتمد مفهوم الاستثنائية على عدة خصائص ,أذكر منها الهوس في امتداح الخصوصية الدينية ,خاصة بغزارةهذه الخصوصية بالحضارة والتحضر ثم مايسمى العفاف الحضاري ,اياكم والتلوث بالقاذورات الغربية ! , ولما كنتم خير أمة فلا لزوم للجد والنشاط , فالله يرزق من يشاء خاصة المؤمنين , امتداح الذات تحول الى نوع من العلف الخرافي , حقيقة ان ماتم أخذه أو استحضاره من الماضي لايمثل حضارة أو تحضر كالتحضر اليوناني أو البابلي أو الروماني أو الفرعوني , فما تم استنساخه سياسيا واجتماعيا كان من أهم اسياب تفشيل الحاضر والمستقبل , وكلما انطوت السنين تعاظم التباعد عن واقع هذا العصر , تباعد قاد الى ولادة الهلوسات في المجال الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والعسكري , اليست قصة بيت المال والمكرمات السلطانية هلوسات لاتزال شغالة حتى اليوم , اليست قضية خلافة البغدادي أو امارة دير الزور أو امارة ادلب أو امارة برلين أو أمستردام هلوسات ! , وعن المحاكم الشرعية ورجم الزانية ثم قطع اليد وتعدد الزوجات وزيجة القاصرات وزواج المتعة والمسيار فحدث ولا حرج …هلوسات بامتياز , تصوروا داعش تحكم البلاد بالسيف والنص فكيف ستكون النتائج ؟
لقد حولت الثوابت الدينية الشعوب الى أسرى للماضي ,لذلك كانت استعادة الماضي واستحضاره من أهم العوامل التي هيمنت على المفاهيم الشعبية , الماضي كان الخلافة راشدة أو اموية أو عباسية أو عثمانية هي مقدسة مهما كانت , شكلت الخلافة العثمانية على سبيل المثال نوعا من استمرارية ما مضى , وما مضى كان ذهبيا , لذلك فالخلافة العثمانية ذهبية أيضا , وخلافة ابو بكر وغيرهم كذلك , خاصة وان جوهر الدين بشكل عام أممي ,والمؤمن الأفغاني أخ المؤمن السوري وأقرب اليه من الذمي السوري , العثماني أخ في الدين والأخوة الدينية كانت ولا تزال في المجتمعات المتأخرة اي مجتمعات ما قبل الدولة أقوى بدرجات من الأخوة المواطنية , هذا هو الولاء والبراء !!!!!, ومن منطلق الولاء والبراء يمكن فهم الاستكانة الكاملة للعثمانيين والقريشيين وغيرهم من الاخوة , الظن الشعبوي بأن التاريخ سار مع العثمانيين كان خاطئا , فمع العثمانيين و قبلهم وحتى بعدهم توقف التاريخ في هذه البلاد, التوقف يعني الخروج من التاريخ , أن يستغرب المستيقظ بعد 400 او ١٤٠٠ سنة من النوم , ليرى حوله عالما لايمت لعالمه الذي عاشه قبل رحلة النوم الأطول من رحلة نوم أهل الكهف !, فهذا أمر متوقع
